صفحة جزء
[ ص: 98 ] فصل فيما يلحق من النسب

( من أتت امرأته بولد يمكن كونه منه ) وهو أن تأتي به بعد ستة أشهر منذ أمكن اجتماعه بها ولأقل من أربع سنين منذ أبانها ، وهو ممن يولد لمثله لحقه نسبه . وإن لم يكن كونه منه ، مثل أن تأتي به لأقل من ستة أشهر منذ تزوجها ، أو لأكثر من أربع سنين منذ أبانها ، أو أقرت بانقضاء عدتها بالقروء ، ثم أتت به لأكثر من ستة أشهر بعدها ، أو فارقها حاملا فوضعت ، ثم أتت بآخر بعد ستة أشهر ، أو مع العلم بأنه لم يجتمع بها كالتي يتزوجها بحضرة الحاكم ، ثم يطلقها في المجلس ، أو يتزوجها وبينهما مسافة لا يصل إليها في المدة التي أتت بالولد فيها ، أو يكون صبيا له دون عشر سنين ، أو مقطوع الذكر والأنثيين لم يلحقه نسبه . وإن قطع أحدهما ، فقال أصحابنا : يلحقه نسبه ، وفيه بعد ، وإن طلقها طلاقا رجعيا فولدت لأكثر من أربع سنين منذ طلقها ولأقل من أربع سنين منذ انقضت عدتها ، فهل يلحقه نسبه ؛ على وجهين .


فصل

فيما يلحق من النسب

( من أتت امرأته بولد يمكن كونه منه ) ولو مع غيبته عشرين سنة . ذكره في " المغني " وعليه نصوص أحمد . والمراد ويخفى مسيره وإلا فالخلاف على ما ذكره في " التعليق " وغيره . ولا ينقطع الإمكان عنه بالحيض قاله في " الترغيب " . ( وهو أن تأتي به بعد ستة أشهر منذ أمكن اجتماعه بها ولأقل من أربع سنين منذ أبانها . وهو ممن يولد لمثله ) ، كابن عشر سنين ، وقيل : وتسع ، وقيل : ثنتي عشرة . واختار أبو بكر ، وابن عقيل ، وأبو الخطاب : لا يلحقه حتى يبلغ ، كما لا يملك نفيه حتى يعلم بلوغه للشك في جهة يمينه . والمذهب ما ذكره المؤلف كغيره . ( لحقه نسبه ) ما لم ينفه بلعان لقوله صلى الله عليه وسلم : الولد للفراش ولأنه يمكن كونه منه لقوله - عليه السلام - واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع . وعلى هذا لا يصير بالغا ، ولا يتقرر به مهر ، ولا تثبت به عدة ، ولا رجعة . قال في " الفروع " : ويتوجه فيه قول كثبوت الأحكام بصوم يوم الغيم . ونقل حرب فيمن طلق قبل الدخول فأتت بولد فأنكره : ينتفي بلا لعان ، وأخذ شيخنا من هذه الرواية أن الزوجة لا تصير فراشا إلا بالدخول ، واختاره . وفي " الانتصار " لا يلحق بمطلق إن اتفقا أنه لم يمسها . ونقل مهنا : لا يلحق الولد حتى يوجد الدخول . والأصح الأول ; لأنه زمن يمكن البلوغ فيه ، فيلحقه الولد كالبالغ ، وقد روي أن عمرو بن العاص وابنه عبد الله لم يكن بينهما إلا اثنتا عشرة سنة . وما عهد بلوغ لتسع . [ ص: 99 ] ويلحق النسب في النكاح الفاسد كالصحيح ، وقيل : إن اعتقد فساده فلا .

فرع : إذا تحملت ماء زوجها لحقه نسب من ولدته منه ، وفي العدة والمهر وجهان ، فإن كان حراما ، أو ماء من ظنته زوجها ، فلا نسب ، ولا مهر ، ولا عدة في الأصح فيها .

( وإن لم يكن كونه منه ، مثل أن تأتي به لأقل من ستة أشهر منذ تزوجها ، أو لأكثر من أربع سنين منذ أبانها ) لم يلحقه ; لأنا علمنا أنها علقت به قبل النكاح ، ولا يحتاج إلى نفيه باللعان ، ولأن اللعان يمين ، واليمين جعلت لتحقق أحد الجائزين ونفي أحد المحتملين ، وما لا يجوز لا يحتاج إلى نفيه . ( أو أقرت بانقضاء عدتها بالقروء ، ثم أتت به لأكثر من ستة أشهر بعدها ) لم يلحقه . وقال ابن شريح : لأنها أتت به بعد الحكم بانقضاء عدتها في وقت يمكن ألا يكون منه ، فلم يلحقه كما لو انقضت عدتها بالحمل ، وإنما يعتبر الإمكان مع بقاء الزوجية ، والعدة . وأما بعدهما فلا يكتفي بالإمكان للحاقه ، وإنما يكتفي بالإمكان لنفيه ، وذلك لأن الفراش سبب ، ومع وجود السبب يكتفي بإمكان الحكمة ، فإذا انتفى السبب انتفى الحكم لانتفائه ، ولا يلتفت إلى مجرد الإمكان . وظاهره أنها إذا أقرت بانقضاء عدتها بالقروء ، ثم أتت به لأقل من ستة أشهر من آخر أقرائها يلحقه . صرح به في " المغني " و " الشرح " لعلمنا أنها كانت حاملا في زمن رؤية الدم فيلزم ألا يكون الدم حيضا . ( أو فارقها حاملا فوضعت ، ثم أتت بآخر بعد ستة أشهر ) ، لم يلحقه ; لأنه لا يمكن أن يكون الولدان حملا [ ص: 100 ] واحدا ، وبينهما مدة الحمل ، فعلم أنها علقت به بعد زوال الزوجية ، وانقضاء العدة وكونها أجنبية كسائر الأجنبيات . وظاهره أنها إذا وضعت لدون ستة أشهر أنه يلحقه . ( أو مع العلم بأنه لم يجتمع بها ) وله صور ( كالتي يتزوجها بحضرة الحاكم ، ثم يطلقها في المجلس ) . قبل غيبته عنهم وتأتي به لستة أشهر ، وذلك علم حسي ونظري . ( أو يتزوجها وبينهما مسافة ) بعيدة ( لا يصل إليها في المدة التي أتت بالولد فيها ) كمشرقي يتزوج مغربية ، فإن الوقت لا يسع مدة الولادة ، وقدومه ، ووطأه بعده . وأقل مدة الحمل للقطع بأن الوطء ليس ممكنا . والمراد : وعاش وإلا لحقه بالإمكان كما بعدها ، قاله في " الفروع " ; لأنه لم يحصل منه إمكان الوطء في هذا العقد ، فلم يلحق به كزوجة الطفل ، أو كما لو ولدته لدون ستة أشهر . والإمكان إذا وجد لم يعلم أنه ليس منه قطعا لجواز أن يكون وطئها من حيث لا تعلم ، ولا سبيل إلى معرفة حقيقة الوطء ، فعلقنا الحكم على إمكانه في النكاح ، ولم يجز حذف الإمكان عن الاعتبار ; لأنه إذا انتفى حصل اليقين بانتفائه عنه . وفي " التعليق " و " الوسيلة " و " الانتصار " : ولو أمكن ، ولا يخفي السير كأمير وتاجر كبير . ومثل في " عيون المسائل " بالسلطان ، والحاكم . ونقل ابن منصور : إن علم أنه لا يصل مثله لم يقض بالفراش ، وهي مثله . ( أو يكون صبيا له دون عشر سنين ) وقد ذكرناه ( أو مقطوع الذكر والأنثيين لم يلحقه نسبه ) في قول عامتهم ; لأنه يستحيل منه الإيلاج ، والإنزال . نقل ابن هانئ : فيمن قطع ذكره وأنثاياه قال : إن دفق فقد يكون الولد من الماء القليل ، فإن شك في ولده فالقافة . وساقه المروزي عن خصي ، قال : إن كان [ ص: 101 ] مجبوبا ليس له شيء ، فإن أنزل ، فإنه يكون الولد منه ، وإلا فالقافة ( وإن قطع أحدهما ، فقال أصحابنا : يلحقه نسبه ) ، لأنه إذا قطع الذكر بقيت الأنثيان ، فساحق وأنزل ، وإن قطع الأنثيان بقي الذكر ، فأولج به ( وفيه بعد ) ، لأن الولد لا يوجد إلا من مني . ومن قطعت أنثياه ، لا مني له . وحاصله أنه إذا قطعت أنثياه فقط ، لا يلحقه ، وهو الصحيح ; لأنه لا ينزل إلا ماء رقيقا ، لا يخلق منه الولد ، ولا وجد ذلك ، ولا اعتبار بإيلاج لا يخلق منه الولد كما لو أولج الصغير . وجزم الأكثر بلحوق نسبه به لما ذكرنا . وإن قطع الذكر لحقه ; لأنه يمكن أن يساحق فينزل ما يخلق منه الولد ، ولهذا ألحقنا ولد الأمة بسيدها إذا اعترف بوطئها دون الفرج . ( وإن طلقها طلاقا رجعيا فولدت لأكثر من أربع سنين منذ طلقها ) وقبل انقضاء عدتها ( ولأقل من أربع سنين منذ انقضت عدتها ، فهل يلحقه نسبه ؛ على وجهين ) ، أحدهما : يلحقه ، صححه في " المستوعب " وجزم به في " الوجيز " ; لأنها في حكم الزوجات ، أشبه ما قبل الطلاق ، والثاني لا يلحقه ; لأنها علقت به بعد طلاق ، أشبهت البائن ، وإن حملت الرجعية بعد أكثر مدة الحمل منذ طلقت ، وقبل نصف سنة منذ فرغت عدتها لحقه في الأشهر ، سواء أخبرت بفراغ العدة أو لا .

فرع : إذا أخبرت بموت زوجها فاعتدت ، ثم تزوجت لحق بالثاني ما وضعته لنصف سنة فأكثر . نص عليه ، وقاله أكثر العلماء ، وقال أبو حنيفة : الولد للأول ، وما ولدت البائن بموت ، أو طلاق ، وقبل انقضاء عدة الرجعية ، أو فسخ [ ص: 102 ] لأكثر مدة الحمل فأقل منذ بانت ، ولم تنكح لحقه ، وانقضت به عدتها منه ، وما ولدته بعد أكثرها لم يلحقه . وفي انقضاء العدة به وجهان .

مسألة : إذا تزوجت في العدة وولدت قبل نصف سنة منذ تزوجت ، وقبل أربع سنين منذ بانت من الأول ، فهو له ، وإن كان لنصف سنة فأكثر منذ تزوجت وبعد أربع سنين من فرقة الأول ، فهو للثاني .

التالي السابق


الخدمات العلمية