صفحة جزء
فصل الثاني : المتوفى عنها زوجها عدتها أربعة أشهر وعشر إن كانت حرة وشهران وخمسة أيام إن كانت أمة ، وسواء مات قبل الدخول ، أو بعده ، وإن مات زوج الرجعية استأنفت عدة الوفاة من حين موته وسقطت عدة الطلاق . وإن طلقها في الصحة طلاقا بائنا ، ثم مات في عدتها لم تنتقل عن عدتها . وإن كان الطلاق في مرض موته اعتدت أطول الأجلين من عدة الطلاق وعدة الوفاة . وإن ارتابت المتوفى عنها لظهور أمارات الحمل من الحركة ، وانتفاخ البطن ، وانقطاع الحيض قبل أن تنكح لم تزل في عدة حتى تزول الريبة . وإن تزوجت قبل زوالها لا يصح النكاح . وإن ظهر بها ذلك بعد نكاحها لم تفسد به ، لكن إن أتت بولد لأقل من ستة أشهر منذ نكحها فهو باطل وإلا فلا . وإذا مات عن امرأة نكاحها فاسد ، فقال القاضي : عليها عدة الوفاة . نص عليه . وقال ابن حامد : لا عدة عليها للوفاة في ذلك ، فإن كان النكاح مجمعا على بطلانه لم تعتد للوفاة من أجله .


فصل

( الثاني : المتوفى عنها زوجها ) ما لم تكن حاملا . ( عدتها أربعة أشهر وعشر إن كانت حرة ) بالإجماع وسنده الآية ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا أي : عشر ليال بعشرة أيام . ولا شك أن اليوم مقدم على الليلة ، لا يجزئها إلا أربعة أشهر وعشرة أيام ، وسواء كانت بالغة ، أو غير بالغة ، ولا يعتبر وجود الحيض في عدة الوفاة في قول عامتهم . والعشر المعتبرة فيها هي عشر ليال بأيامها ، وقاله الأكثر . وقال الأوزاعي : تجب عشر ليال وتسعة أيام ; لأن العشر تستعمل في الليالي دون الأيام ، وإنما دخلت الأيام اللاتي في أثناء الليالي تبعا . وجوابه : أن العرب تغلب حكم التأنيث في العدد خاصة على المذكر فتطلق لفظ الليالي وتريد الليالي بأيامها لقوله تعالى لزكريا آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا [ مريم : 10 ] [ ص: 113 ] يريد بأيامها وبقوله تعالى : آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا [ آل عمران : 41 ] يريد بلياليها . لو نذر اعتكاف العشر الأخير من رمضان لزمه الليالي ، والأيام . ( وشهران وخمسة أيام إن كانت أمة ) لأن الصحابة أجمعوا على أن عدة الأمة على النصف من عدة الحرة . وقال ابن سيرين : ما أرى عدة الأمة إلا كالحرة إلا أن تكون قد مضت سنة بعموم الآية . وجوابه : ما سبق ، فإن كان حملها من غيره اعتدت للزوج بعد وضع الحمل .

فرع : معتق بعضها بالحساب من عدة حرة وأمة وجبر الكسر . ( وسواء مات قبل الدخول ، أو بعده ) لعموم الآية ، لا يقال : هلا حمل على المدخول بها لقوله تعالى : والمطلقات يتربصن بأنفسهن [ البقرة : 228 ] الآية . لأنه لا يصح قياسها على المطلقة إذ النكاح عقد عمر ، فإذا مات انتهى ، والشيء إذا انتهى تقررت أحكامه كالصيام بدخول الليل ، بخلاف الطلاق ، فإنه قطع للنكاح قبل حصول مقصوده ، أشبه فسخ الإجارة قبل التسليم ، ولأن المطلقة إذا أتت بولد أمكن تكذيبها بنفيه ، بخلاف الميت .

( وإن مات زوج الرجعية استأنفت عدة الوفاة من حين موته ) لأنها زوجة فتدخل في عموم قوله تعالى : والذين يتوفون منكم [ البقرة : 234 ] ( وسقطت عدة الطلاق ) لأنها معتدة الوفاة ، فلا يجتمع معها غيرها إجماعا . حكاه ابن المنذر . وعنه : تعتد أطول الأجلين ، وبعده في " الشرح " ( وإن طلقها في الصحة طلاقا بائنا ، ثم مات في عدتها لم تنتقل عن عدتها ) وتبني على [ ص: 114 ] عدة الطلاق مطلقا ، ولا تعتد للوفاة للآية ، ولأنها أجنبية منه في نكاحه وميراثه ، وتحل له أختها ، فلم تعتد لوفاته كما لو انقضت عدتها . وعنه : تعتد للوفاة إن ورثت ، اختارها جماعة كما لو طلقها في مرض موته وليس بشيء ، فإن الحمل تنقضي بوضعه كل عدة ، ولا يجب عليها الاعتداد بغيره . ( وإن كان الطلاق في مرض موته اعتدت أطول الأجلين من عدة الطلاق وعدة الوفاة ) ، نص عليه ، وهو المذهب ; لأنها وارثة فيجب عليها أن تعتد للوفاة ، ومن حيث إنها مطلقة يجب عليها أن تعتد للطلاق فيجب أن تعتد بأطولهما ضرورة أنها لا تخرج عن العهدة بيقين إلا بذلك . وعنه : تعتد لطلاق ; لأنه مات وليست زوجة له ; لأنها بائن من النكاح ، فلا تكون منكوحة وكالتي لا ترث . وعنه : تعتد للوفاة فقط . ذكرهما في " المجرد " ، ولأنها ترثه ، أشبهت الرجعية ، وعلم منه أن من لا ترثه كالأمة والذمية ومن جاءت البينونة من قبلها ، فلا يلزمها سوى عدة الطلاق رواية واحدة ، ذكره في " المحرر " ، وفي " الواضح " تعليله يدل على التفرقة .

فرع : إذا مات المريض المطلق بعد عدة طلاق رجعي ، أو كان طلاقه قبل الدخول فليس عليها عدة وفاة . وعنه : بلى إن ورثته . اختارها أبو بكر ، وكذا من أبانها في مرضه قبل الدخول ، أو بعده فاعتدت ، ثم مات . ( وإن ارتابت المتوفى عنها لظهور أمارات الحمل من الحركة ، وانتفاخ البطن ، وانقطاع الحيض قبل أن تنكح لم تزل في عدة حتى تزول الريبة ) وتبقى في حكم الاعتداد إلى أن تزول الريبة . فإن بان حملا انقضت عدتها بوضعه ، فإن زالت وبان [ ص: 115 ] أنه ليس بحمل تبينا أن عدتها انقضت بالشهور ، أو بالأقراء إن كان فارقها في الحياة . ( وإن تزوجت قبل زوالها ) أي : زوال الريبة . ( لا يصح النكاح ) لأنها تزوجت ، وهي في حكم المعتدات ، وقيل : يصح إذا كان بعد انقضاء العدة . ( وإن ظهر بها ذلك بعد نكاحها لم تفسد به ) لأنه وجد بعد قضاء العدة ظاهرا . والحمل مع الريبة مشكوك فيه ، فلا يزول ما حكمنا بصحته ، ولا يحل لزوجها وطؤها حتى تزول الريبة لشكنا في حل وطئها لقوله - عليه السلام - من كان يؤمن بالله ، واليوم الآخر ، فلا يحل له أن يسقي ماءه زرع غيره ( لكن إن أتت بولد لأقل من ستة أشهر منذ نكحها ) الثاني ووطئها ( فهو ) أي : النكاح ( باطل ) لأنه نكحها ، وهي حامل من غيره ( وإلا فلا ) أي : إذا أتت به لأكثر من ذلك ، فإن النكاح صحيح ; لأن الولد أمكن أن يكون من الثاني ، فلم يصادف نكاحها له مبطل ، فلم يبطل ; لأن الولد لاحق به ، فلو ظهرت الريبة بعد العدة ، وقبل النكاح ، أو بعده قبل الدخول فوجهان ، أحدهما : لا يحل لها أن تتزوج ، وإن فعلت لم يصح ; لأنها شاكة في انقضاء عدتها ، والثاني : يحل لها ويصح ; لأنا حكمنا بانقضاء عدتها ، فلا يتغير الحكم بالشك بدليل أن حكم الحاكم لا يتغير بتغيير اجتهاده ورجوع الشهود ( وإذا مات عن امرأة نكاحها فاسد ، فقال القاضي : عليها عدة الوفاة . نص عليه ) في رواية جعفر بن محمد واختارها أبو بكر ، وقدمها الأكثر ; لأنه نكاح يلحق به النسب فوجبت به العدة كالصحيح . وإن فارقها في الحياة بعد الإصابة اعتدت بثلاثة قروء ، أو بثلاثة أشهر إن لم يكن بغير خلاف ، وإن كان قبل الخلوة ، فلا عدة عليها كالصحيح ، بل أولى [ ص: 116 ] وإن كان بعدها قبل الإصابة ، فالمنصوص أن عليها العدة ; لأنه أجري مجرى الصحيح في لحوق النسب ، فكذا في العدة . ( وقال ابن حامد : لا عدة عليها للوفاة في ذلك ) لأنه لا يثبت الحمل ، فلم يوجب العدة كالباطل ، فعلى هذا إن كان قبل الدخول ، فلا عدة عليها . وإن كان بعده اعتدت . ( فإن كان النكاح مجمعا على بطلانه ) كذات محرم ومطلقته ثلاثا ، ( لم تعتد للوفاة من أجله ) لأن النكاح المذكور وجوده كعدمه للإجماع على بطلانه .

التالي السابق


الخدمات العلمية