صفحة جزء
فصل إذا وطئت المعتدة بشبهة ، أو غيرها أتمت عدة الأول ثم استأنفت العدة من الوطء ، وإن كانت بائنا فأصابها المطلق عمدا فكذلك . وإن أصابها بشبهة استأنفت العدة للوطء ودخلت فيها بقية الأولى ، وإن تزوجت في عدتها ولم تنقطع عدتها حتى يدخل بها فتنقطع حينئذ ، ثم إذا فارقها بنت على عدة الأول واستأنفت العدة من الثاني ، وإن أتت بولد من أحدهما وانقضت عدتها به منه ، ثم اعتدت للآخر أيهما كان ، وإن أمكن أن يكون منهما أري القافة معهما فألحق بمن ألحقوه به منهما وانقضت به عدتها منه واعتدت للآخر ، وإن ألحقته بهما ألحق بهما ، وانقضت عدتها به منهما وللثاني أن ينكحها بعد انقضاء العدتين . وعنه : أنها تحرم عليه على التأبيد ، وإن وطئ رجلان امرأة فعليها عدتان لهما .


فصل

( إذا وطئت المعتدة بشبهة ، أو غيرها ) كنكاح فاسد ( أتمت عدة الأول ) لأن سببها سابق على الوطء المذكور ، ولا يحسب منها مقامها عند الثاني في الأصح وله رجعة الرجعية في التتمة في الأصح ( ثم استأنفت العدة من الوطء ) لأن العدتين من رجلين لا يتداخلان كالديتين ( وإن كانت بائنا فأصابها المطلق عمدا فكذلك ) لأنه وطء محرم ، ولا يلحق فيه النسب ، ولأن عدة الأولى عدة طلاق ، والثانية عدة زنا ، فلم تدخل إحداهما في الأخرى لاختلاف سببهما [ ص: 135 ] إذ اختلاف السبب لا يوجب التداخل ، وإن اتحد الحكم دليله الكفارات ( وإن أصابها بشبهة استأنفت العدة للوطء ) لأن الوطء قطع العدة الأولى ، وهو موجب للاعتداد ، والاحتياج إلى العلم ببراءة الرحم من الحمل ( ودخلت فيها بقية الأولى ) لأن الوطء بشبهة يلحق به النسب ، فدخلت فيه بقية الأولى في العدة الثانية ( وإن تزوجت في عدتها ) لم يجز نكاحها إجماعا وسنده قوله تعالى : ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله [ البقرة : 235 ] ولأن العدة إنما اعتبرت لمعرفة براءة الرحم لئلا يفضي إلى اختلاط المياه واشتباه الأنساب ( ولم تنقطع عدتها ) لأنه باطل ، لا تصير به المرأة فراشا ، ولا تستحق عليه نفقة ، ولا سكنى ; لأنها ناشز ( حتى يدخل بها فتنقطع حينئذ ) سواء علم التحريم ، أو جهله ; لأنها تصير بالدخول فراشا لغيره بذلك ، وهو يقتضي ألا تبقى في عدة غيره ( ثم إذا فارقها بنت على عدة الأول ) لأن حقه أسبق ، ولأن عدته وجبت عن وطء في نكاح صحيح ( واستأنفت العدة من الثاني ) ولا تتداخل العدتان . رواه مالك ، والشافعي ، والبيهقي بإسناد جيد ، عن عمر ، وعلي ، ولا نعرف لهما مخالفا في الصحابة ، ولأنهما حقان مقصودان لآدميين كالديتين ، ولأنه حبس يستحقه الرجال على النساء ، فلم يجز أن تكون المرأة في حبس رجلين كالزوجة ( وإن أتت بولد من أحدهما ) عينا ، أو ألحقته به قافة وأمكن أن تأتي به لستة أشهر فأكثر من وطء الثاني ، نقله الجماعة ولأربع سنين فأقل من بينونة الأول - لحقه ( وانقضت عدتها به منه ) لأن عدة الشخص تنقضي بوضع حمله ، وقد وجد ( ثم اعتدت للآخر أيهما كان ) [ ص: 136 ] لأنه لا يجوز أن يكون الحمل من إنسان ، والعدة من غيره ( وإن أمكن أن يكون منهما ) بما ذكرنا ( أري القافة معهما ) لأن القافة تلحقه بأشبههما ويصير ذلك بمنزلة ما لو علم ذلك بطريقه ( فألحق بمن ألحقوه به منهما ) لأن قولها في ذلك حجة ( وانقضت به عدتها منه ) لأن الولد له حكما ، أشبه ما لو علم ذلك يقينا ( واعتدت للآخر ) لما ذكرنا ( وإن ألحقته بهما ألحق بهما ، وانقضت عدتها به منهما ) لأن الولد محكوم به لهما فتكون قد وضعت حملها منهما ، وفي " الانتصار " احتمال تستأنف عدة الآخر كموطوءة لاثنين وعند أبي بكر إن أتت به لستة أشهر من نكاح الثاني ، فهو له . ذكره القاضي ، وابن عقيل ، ونقل ابن منصور مثله ، وزاد : فإن ادعياه فالقاقة ولها المهر بما أصابها ويؤدبان ، ولم يتكلم المؤلف على ما إذا نفته القافة عنهما ، أو أشكل عليهم ، أو لم توجد قافة ، والحكم فيه أنها تعتد بعد وضعه بثلاثة قروء ; لأنه إن كان من الأول فقد أتت بما عليها من عدة الثاني ، وإن كان من الثاني فعليها أن تكمل عدة الأول ، لتسقط الفرض بيقين ، وعلم مما سبق أنها إذا ولدت لدون ستة أشهر من وطء الثاني ، ولأكثر من أربع سنين من فراق الأول لم يلحق بواحد منها ، ولا تنقضي عدتها به منه ; لأنا نعلم أنه من وطء آخر ( وللثاني أن ينكحها بعد انقضاء العدتين ) وهو قول علي وروي عن عمر أنه رجع إليه ، رواه البيهقي بإسناد جيد وكما لو زنى بها وآيات الإباحة عامة ، وقال الشافعي : له نكاحها بعد قضاء عدة الأول ; لأن العدة إنما شرعت لحفظ النسب وصيانة للماء ، والنسب لاحق به ، أشبه ما لو خالعها ، ثم نكحها في عدتها ، قال في " المغني " : وهذا [ ص: 137 ] قول حسن موافق للنص ، ووجه تحريمها قبل انقضاء العدتين قوله تعالى : ولا تعزموا عقدة النكاح الآية ، ولأنه وطء يفسد به النسب ، فلم يجز النكاح في العدة كوطء الأجنبي ، وأما الأول فإن كان طلقها ثلاثا لم تحل له بهذا النكاح ، وإن وطئ فيه ; لأنه باطل ، وإن كان دون الثلاث فله رجعتها بعد العدتين ، وإن كانت رجعية فله رجعتها في عدتها منه ( وعنه : أنها تحرم عليه على التأبيد ) لقول عمر : لا تنكحها أبدا . رواه مالك ، والشافعي ، والبيهقي بإسناد جيد . وأنه استعجل الحق قبل وقته فحرمه في وقته كالوارث إذا قتل مورثه وكاللعان ، وقيل : في النكاح الفاسد . وحكاه في " المحرر " ، و " الرعاية " رواية .

فرع : كل معتدة من غير النكاح الصحيح كالزانية ، والموطوءة بشبهة فقياس المذهب تحريم نكاحها على الواطئ وغيره ، قال في " المغني " : والأولى حل نكاحها لمن هي معتدة منه إن كان يلحقه نسب ولدها ; لأن العدة لحفظ مائه وصيانة نسبه ، ولا يصان ماؤه المحترم ، عن مائه المحرم ، ولا يحفظ نسبه عنه ( وإن وطئ رجلان امرأة ) بشبهة ، أو زنا ( فعليها عدتان لهما ) لقول عمر ، وعلي ، ولأنهما حقان مقصودان لآدميين ، فلم يتداخلا كالديتين ، واختار ابن حمدان إذا زنى بها تكفيه عدة ، سواء قلنا : هي حيضة ، أو أكثر .

فرع : إذا خالع امرأته ، أو فسخ نكاحه فله أن يتزوجها في عدتها في قول الأكثر ، وشذ بعض المتأخرين ، فقال : لا يحل نكاحها ، ولا خطبتها .

التالي السابق


الخدمات العلمية