صفحة جزء
فصل : وعليه نفقة المطلقة الرجعية وكسوتها ومسكنها كالزوجة سواء وأما البائن بفسخ ، أو طلاق ، فإن كانت حاملا فلها النفقة ، والسكنى . وإلا فلا شيء لها ، وعنه : لها السكنى . فإن لم ينفق عليها يظنها حائلا ، ثم تبين أنها حامل فعليه نفقة ما مضى ، وإن أنفق عليها يظنها حاملا فبانت حائلا ، فهل يرجع عليها بالنفقة ؛ على روايتين .


فصل

( وعليه نفقة المطلقة الرجعية وكسوتها ومسكنها كالزوجة سواء ) لقوله تعالى : وبعولتهن أحق بردهن [ البقرة : 228 ] ولأنها زوجة يلحقها طلاقه وظهاره ، أشبه ما قبل الطلاق ( وأما البائن بفسخ ، أو طلاق ، فإن كانت حاملا فلها النفقة ، والسكنى ) [ ص: 192 ] إجماعا وسنده قوله تعالى : وإن كن أولات حمل الآية ، وقوله تعالى : أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم وفي بعض أخبار فاطمة بنت قيس : " لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملا " ولأن الحمل ولده ، والاتفاق عليه دونها متعذر فوجب كما وجبت أجرة الرضاع ، وفي حكاية الإجماع نظر ، فإن أحمد نص في رواية ، ذكرها الخلال أن لها النفقة دون السكنى ، وفي " الموجز " و " التبصرة " رواية : لا يلزمه ، وهي سهو ، وفي " الروضة " : تلزمه النفقة ، وفي السكنى روايتان ( وإلا فلا شيء لها ) إذا لم تكن حاملا جزم به في " الوجيز " ، وقدمه في " الرعاية " ونصره في " المغني " ، و " الشرح " ، وقال ابن هبيرة : هي أظهر الروايتين ، وقاله جمع من الصحابة ، منهم علي ، وابن عباس ، وجابر ، ومن بعدهم لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس ليس لك نفقة رواه البخاري ، ومسلم ، وزاد : ولا سكنى وفي لفظ قال النبي صلى الله عليه وسلم : انظري يا ابنة قيس ، إنما النفقة للمرأة على زوجها ما كانت له عليها الرجعة ، فإن لم تكن له عليها الرجعة ، فلا نفقة ، ولا سكنى رواه أحمد ، والحميدي ( وعنه : لها السكنى ) وهي قول عمر ، وابنه ، وابن مسعود ، وعائشة ، والفقهاء السبعة ، وبه قال أكثر العلماء ، واختارها أبو محمد الجوزي لقوله تعالى : أسكنوهن الآية فأوجبت لها السكنى مطلقا ، ثم خص الحامل بالإنفاق عليها لقوله تعالى : وإن كن أولات حمل الآية ، وفي " الانتصار " : لا يسقط بتراضيهما كعدة ، وعنه : ولها النفقة أيضا ، قاله أكثر فقهاء العراق ، ويروى عن عمر ، وابن مسعود ; لأنها مطلقة فوجبت لها النفقة والسكنى كالرجعية .

[ ص: 193 ] وردوا خبر فاطمة بقول عمر : لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة . رواه مسلم وأنكره أحمد ، قال عروة : لقد عابت عائشة ذلك أشد العيب ، وقالت : إنها كانت في مكان وحش فخيف على ناحيتها ، والأول أولى ، قال ابن عبد البر : قول أحمد ومن تابعه أصح وأرجح ; لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نصا صريحا فأي شيء يعارض هذا ، وقول عمر ومن وافقه فقد خالفه علي ، وابن عباس ، وجابر ، وقول عمر : لا ندع كتاب ربنا إلا لما هو موجود في كتاب الله تعالى ، وهو قوله تعالى : وإن كن أولات حمل الآية ، وقد روى أبو داود بإسناده ، عن ابن عباس ، قال : ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما ، وقضى أن لا بيت لها ، ولا قوت ، ولأنها محرمة عليه تحريما ، لا تزيله الرجعة ، فلم يكن لها سكنى ، ولا نفقة كالملاعنة وتفارق الرجعية ، فإنها زوجة . ( فإن لم ينفق عليها يظنها حائلا ، ثم تبين أنها حامل فعليه نفقة ما مضى ) على الأصح ; لأنه تبين استحقاقها له فرجعت به عليه كالدين ، وقال ابن حمدان : إن قلنا : النفقة لها ، رجعت ، وإلا فلا ( وإن أنفق عليها يظنها حاملا فبانت حائلا فهل يرجع عليها بالنفقة ؛ على روايتين ) . أصحهما يرجع عليها ، أشبه ما لو قضاها دينا ، ثم تبين براءته منها ، والثانية : لا رجوع بشيء ; لأنه أنفق عليها بحكم آثار النكاح ، فلم يرجع به كالنفقة في النكاح الفاسد إذا تبين فساده ، وفي " الوسيلة " : إن نفي الحمل ففي رجوعه روايتان ، وإن علمت براءتها من الحمل بالحيض فكتمته فينبغي أن يرجع قولا واحدا .

فرع : إذا ادعت حملا ممكنا أنفق عليها ثلاثة أشهر . نص عليه ، وعنه : إن شهد به النساء ، فإن مضت ، ولم يبن رجع بما أنفق ، وعنه : لا ، كنكاح تبين [ ص: 194 ] فساده لتفريطه كنفقته على أجنبية ، وقال ابن حمدان : إن قلنا : يجب تعجيل النفقة - رجع وإلا فلا ، وكذا إن ظنها حاملا فبانت حائلا ، أو ولدت بعد أكثر مدة الحمل فأنكره ، وقيل : يرجع بنفقة ستة أشهر فقط .

التالي السابق


الخدمات العلمية