صفحة جزء
ولا حضانة لرقيق ولا فاسق ولا كافر على مسلم ولا امرأة مزوجة لأجنبي من الطفل . فإن زالت الموانع منهم رجعوا إلى حقهم منها .


( ولا حضانة لرقيق ) لعجزه عنها بخدمة مولاه ، وظاهره ولو كان فيه جزء رقيق ; لأنه لا يملك نفعه الذي يحصل الكفالة ، وفي " المغني " ، و " الشرح " في معتق بعضه : قياس قول أحمد يدخل في مهايأة ، أي : له الحضانة في أيامه ، وفي " الفنون " لم يتعرضوا لأم ولد فلها حضانة ولدها من سيدها ، وعليه نفقتها لعدم المانع ، وهو الاشتغال بزوج وسيد ، وقال في " الهدي " : لا دليل على اشتراط الحرية ( ولا فاسق ) لأنه لا يوفي الحضانة حقها ، ولا حضانة للولد ; لأنه ينشأ على طريقته ، وخالف صاحب " الهدي " ; لأنه لا يعرف أن الشرع فرق لذلك وأقر الناس ، ولم يبينه بيانا واضحا عاما ، ولاحتياط الفاسق وشفقته على ولده ( ولا كافر على مسلم ) بل ضرره أعظم ; لأنه يفتنه عن دينه ويخرجه عن الإسلام بتعليمه الكفر وتربيته عليه ، وفي ذلك كله ضرر ، فكان منفيا ( ولا امرأة مزوجة ) اقتصر عليه الخرقي ، والحلواني ، وكذا أطلقه أحمد لقوله - عليه السلام - أنت أحق به ما لم تنكحي فجعل استحقاقها مشروطا بعدم النكاح ، وشرطه أن تكون مزوجة ( لأجنبي من الطفل ) وكذا في " المحرر " ، و " الوجيز " ; لأنها تشتغل عن الحضانة بحقوق الزوج ، وظاهره ولو رضي الزوج ، قال صاحب " الهدي " : لا تسقط إن رضي بناء على أن سقوطها لمراعاة حق الزوج ، ومقتضاه : أنها إذا [ ص: 235 ] كانت مزوجة بنسيب للطفل لم يمنع ذلك من الحضانة ، وقيل : لا حضانة لها ، وإن تزوجت بنسيب إلا أن يكون جدا للطفل ، والأشهر : وقريبه ، وهو معنى قول بعضهم : ونسيبه ، ويتوجه احتمال " ذا رحم محرم " ، وعنه : لها حضانة الجارية فقط إلى سبع سنين لما روي أن عليا ، وجعفرا ، وزيد بن حارثة تنازعوا في حضانة بنت حمزة ، فقال علي : بنت عمي ، وقال زيد : بنت أخي ; لأنه - عليه السلام - آخى بينهما ، وقال جعفر : بنت عمي وخالتها عندي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الخالة أم وسلمها إلى جعفر . رواه أبو داود بنحوه . فجعل لها الحضانة ، وهي مزوجة ; لأن الحاضنة إذا تزوجت بمن هو من أهل الحضانة كالجدة المزوجة بالجد لم تسقط ; لأنه يشاركها في الولادية والشفقة عليه ، أشبه الأم إذا كانت مزوجة بالأب ، وظاهره لا يعتبر الدخول في الأصح ; لأنه بالعقد ملك منافعها واستحق زوجها منعها من الحضانة ، أشبه ما لو دخل بها ، والثاني : لا تسقط إلا بالدخول ; لأنها به تشتغل عن الحضانة .

فرع : كل عصبتين تساويا وأحدهما متزوج بمن هي أهل للحضانة قدم بذلك ( فإن زالت الموانع منهم ) فأسلم الكافر وعقل المجنون وعتق الرقيق وعدل الفاسق ( رجعوا إلى حقهم منها ) لأن سببها قائم ، وإنما امتنعت لمانع ، فإذا زال المانع عاد الحق بالسبب السابق الملازم كالزوجة إذا طلقت ، وعنه : لا يعود حقها في طلاق رجعي بعد العدة . وصححه في " المستوعب " ; لأن الزوجية قائمة بدليل أنه يلحقها طلاقه وظهاره ، فلذلك لا تعود إليه قبل انقضاء عدتها ، وجوابه : أنها مطلقة فعاد حقها من الحضانة كالبائن ، ونظيرها : لو وقف على أولاده فمن تزوج من البنات ، فلا حق لها ، قاله القاضي ، وهل يسقط [ ص: 236 ] حقها بإسقاطها ؛ فيه احتمالان .

فائدة : هل الحضانة حق للحاضن ، أو عليه ؛ فيه قولان ، وهل لمن له الحضانة أن يسقطها وينزل عنها ؛ فيه قولان . وإنه لا تجب عليه خدمة الولد أيام حضانته إلا بأجرة ; إن قلنا : الحق له ، وإلا وجبت عليه خدمته مجانا ، وللفقير الأجرة ؛ على القولين ، وإن وهبت الحضانة للأب ، وقلنا : الحق لها ، لزمت الهبة ، ولم ترجع فيها ، وإن قلنا : الحق عليها ، فلها العود إلى طلبها ، ذكره في " الهدي " ونسبه إلى أنه كلام أصحاب مالك

التالي السابق


الخدمات العلمية