صفحة جزء
ثم الفجر ، ووقتها من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس ، وتعجيلها أفضل ، وعنه : إن أسفر المأمومون ، فالأفضل الإسفار .


( ثم الفجر ) سمي به ، لانفجار الصبح ، وهو ضوء النهار إذا انشق عنه الليل ، وقال الجوهري : هو آخر الليل كالشفق في أوله ، وقد أفجرنا كما تقول : قد أصبحنا من الصبح ، وهو مثلث الصاد حكاه ابن مالك ، وهو ما جمع بياضا ، وحمرة ، والعرب تقول : وجه صبيح لما فيه من بياض وحمرة ، ولا يكره تسميتها بصلاة الغداة في الأصح ، وهي من صلاة النهار ، نص عليه ( و ) أول ( وقتها من طلوع الفجر الثاني ) إجماعا ، ويسمى الصادق ، لأنه صدقك عن الصبح ، ويمتد وقتها المختار ( إلى طلوع الشمس ) لما روى عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : وقت الفجر ما لم تطلع الشمس رواه مسلم ، وقال القاضي ، وابن عقيل : يذهب وقت الاختيار بالإسفار ، ويبقى وقت الإدراك إلى طلوع الشمس ، قدمه في " الرعاية " فعلى هذا يكره التأخير بعد الإسفار بلا عذر ، وقيل : يحرم ، قال ابن البنا : وبطلوع الشمس وغروبها يعتبر في كل بلد بحسبه .

فائدة : وقت الفجر يتبع الليل فيكون في الشتاء أطول من الصيف ، والعشاء على العكس . قال الشيخ تقي الدين : ومن زعم أن وقت العشاء بقدر [ ص: 349 ] حصة الفجر في الشتاء وفي الصيف ، فقد غلط غلطا بينا باتفاق الناس ( وتعجيلها ) أول الوقت إذا تيقنه أو غلب على ظنه ( أفضل ) قدمه في " الكافي " و " المستوعب " و " الرعاية " ونصره المؤلف ، وجزم به في " الوجيز " قال في " الفروع " : وهي أظهر لما روت عائشة قالت : كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة ، ما يعرفهن أحد من الغلس متفق عليه ، وعن أبي مسعود الأنصاري : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غلس بالصبح ، ثم أسفر ، ثم لم يعد إلى الإسفار حتى مات رواه أبو داود ، وابن خزيمة في صحيحه ، قال الحازمي : إسناده ثقات ، والزيادة من الثقة مقبولة ، قال ابن عبد البر : صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأبي بكر ، وعمر ، وعثمان أنهم كانوا يغلسون ، ومحال أن يتركوا الأفضل ، وهم النهاية في إتيان الفضائل ( وعنه : إن أسفر المأمومون فالأفضل الإسفار ) وهو الذي في التحقيق ، وجزم به الشريف ، وأبو الحسين ، وأبو الخطاب في " رءوس المسائل " قال الحلواني : العمل عليها ، وصححها ابن عقيل ، قال القاضي : نقلها عبد الله ، والحسن بن ثواب لفعله عليه السلام في العشاء ، فينبغي أن يكون في الفجر مثله ، ولما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذا إلى اليمن فقال : يا معاذ إذا كان الشتاء فغلس بالفجر ، وإذا كان الصيف فأسفر ، فإن الليل قصير ، والناس ينامون رواه أبو سعيد الأموي في " مغازيه " ، والبغوي في " شرح السنة " وظاهره اعتبار حال المأمومين كلهم ، والمذهب كما صرح به الشيرازي والجد أو أكثرهم ، ولعله مراد من أطلق ، وعنه : الإسفار أفضل مطلقا لما روى الطحاوي عن محمد بن خزيمة عن القعنبي عن عيسى بن يونس عن الأعمش [ ص: 350 ] عن إبراهيم قال : ما اجتمع أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - على شيء ما اجتمعوا على التنوير ، وعن علي ، وابن مسعود : أنهما كانا يسفران بها . رواه سعيد ، وعن رافع بن خديج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر رواه أحمد ، وأبو داود ، وصححه ابن حبان ، ويستثنى من ذلك الحاج بمزدلفة ، لكن حكى الترمذي عن الشافعي ، وأحمد ، وإسحاق أن معنى الإسفار أن يضيء الفجر فلا يشك فيه ، قال الجوهري : أسفر الصبح أي : أضاء يقال : أسفرت المرأة عن وجهها إذا كشفته ، وأظهرته .

التالي السابق


الخدمات العلمية