صفحة جزء
فصل : وإن قتل واحد جماعة فرضوا بقتله قتل لهم ولا شيء لهم سواه ، وإن تشاحوا فيمن يقتله منهم على الكمال أقيد للأول . وللباقين دية قتيلهم ، فإن رضي الأول بالدية أعطيها وقتل للثاني ، وإن قتل ، وقطع طرفا قطع طرفه ، ثم قتل لولي المقتول ، وإن قطع أيدي جماعة فحكمه حكم القتل .


فصل

( وإن قتل ) أو قطع ( واحد جماعة ) في وقت ، أو أكثر لم تتداخل حقوقهم ; لأنها حقوق مقصودة لآدميين ، فلم تتداخل كالديون ، لكن إن رضي الكل بقتله جاز ، وقد أشار إليه بقوله ( فرضوا بقتله قتل لهم ) لأن الحق لهم كما لو قتل عبد عبيدا خطأ فرضوا بأخذه ; لأنهم رضوا ببعض حقهم كما لو رضي صاحب اليد الصحيحة بالشلاء ( ولا شيء لهم سواه ) أي : سوى القتل ; لأنهم رضوا بقتله ، فلم يكن لهم سواه ، وإن طلب أحدهم القصاص ، والباقون الدية فلهم ذلك ( وإن تشاحوا فيمن يقتله منهم على الكمال أقيد للأول ) [ ص: 295 ] وذكره في " الفروع " قولا ; لأن حقه أسبق ، ولأن المحل صار مستحقا له بالقتل ، فعلى هذا إذا كان الولي غائبا ، أو صغيرا - انتظر ; لأن الحق له ، وقيل : يقاد لمن بعده ، وقال ابن حمدان : مع السبق يقاد بالسابق ومع المعية هل يقاد بواحد بقرعة ، أو بالكل ، أو يرجع كل واحد ببقية حقه ؛ فيه أوجه ، وقدم في " المحرر " أنه يقدم أحدهم بالقرعة ، وحكاهما في " الفروع " من غير ترجيح ( وللباقين دية قتيلهم ) لأن القتل إذا فات تعينت الدية كما لو بادر بعضهم فاقتص بجنايته ، وفي " الانتصار " إذا طلبوا القود فقد رضي كل واحد بجزء منه ، وإنه قول أحمد ، قال : ويتوجه أن يجبر له باقي حقه بالدية ، ويتخرج : يقتل بهم فقط على رواية يجب بقتل العمد القود .

فرع : إذا بادر أحدهم فاقتص بجنايته ، فلمن بقي الدية على جان ، وفي كتاب الآمدي ويرجع ورثته على المقتص ، وقدم في " التبصرة " ، وابن رزين : على قاتله ، وكما لو قتل مرتدا كان مستوفيا لقتل الردة ، وإن أساء في الافتئات على الإمام ( فإن رضي الأول بالدية أعطيها ) لأنه رضي بدون حقه ( وقتل الثاني ) لأن الأول إنما قدم عليه لسبقه ، وقد سقط حقه لرضاه بالدية ( وإن قتل ، وقطع طرفا قطع طرفه ) أولا ; لأنه لو بدأ بالقتل لفات القطع ، وفيه تفويت لحق المقطوع فوجب تقديم القطع لما فيه من الجمع بين حقي القطع والقتل ( ثم قتل لولي المقتول ) لأنه لا معارض له ، تقدم أو تأخر ; لأنهما جنايتان على رجلين ، فلم يتداخلا كقطع يد رجلين ، ولأنه أمكن الجمع بين الحقين ، فلم يجز إسقاط أحدهما ( وإن قطع أيدي جماعة فحكمه حكم القتل ) لأن القطع [ ص: 296 ] كالقتل ، فعلى هذا إن رضي الجماعة بقطع يده قطعت لهم ، ولا شيء لهم سواه ، وإن تشاحوا ، فعلى الخلاف ، وإن رضي الأول بالدية أعطيها ، وقطع للباقين .

مسألة : إذا قطع يد رجل ، ثم قتل آخر ، ثم سرى القطع إلى النفس ، ومات وتشاحا قتل بالذي قتله لسبقه وتأخر السراية ، وأما القطع ، فإن قلنا : إنه يستوفي منه بمثل ما فعل - قطع له أولا ، ثم قتل الذي قتله ويجب للأول نصف الدية ، وإن قلنا : لا يستوفي القطع - وجبت له الدية كاملة ، ولم يقطع طرفه ، وقيل : يجب القطع بكل حال ، وإن قطع يد واحد وإصبع آخر قدم رب اليد إن كان أولا وللآخر دية إصبعه ، ومع أوليته تقطع إصبعه ، ثم يقتص رب اليد بلا أرش ، وفيه وجه ، وهذا بخلاف النفس ، فإنها لا تنقص بقطع الطرف بدليل أخذ صحيح الأطراف بمقطوعها .

التالي السابق


الخدمات العلمية