صفحة جزء
باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس : كل من أقيد بغيره في النفس أقيد به فيما دونها ، ومن لا فلا ، ولا يجب إلا بمثل الموجب في النفس ، وهو العمد المحض . وهو نوعان : أحدهما : في الأطراف فتؤخذ العين بالعين ، والأنف بالأنف ، والأذن بالأذن ، والسن بالسن والجفن بالجفن والشفة بالشفة واليد باليد ، والرجل بالرجل ، ويؤخذ كل واحد من الأصابع ، والكف ، والمرفق ، والذكر ، والأنثيين بمثله ، وهل يجري في الإلية ، والشفر ؛ على وجهين .


باب

ما يوجب القصاص فيما دون النفس

( كل من أقيد بغيره في النفس أقيد به فيما دونها ) لأن من أقيد به في النفس إنما أقيد به لحصول المساواة المعتبرة للقود فوجب أن يقاد به فيما دونها ، فعلى هذا لو قطع مسلم يد مسلم قطعت يده ; لأنه يقاد به في النفس ( ومن لا فلا ) أي : من لا يقاد بغيره في النفس ، فلا يقاد به فيما دونها ، فلو قطع مسلم يد كافر لم تقطع يده ; لأنه لا يقاد به في النفس ، وعنه لا قود بين العبيد في الأطراف ; لأنها أموال ، وعنه : في النفس ، والطرف حتى تستوي القيمة ، ذكره في " الانتصار " ، والمذهب ما ذكره المؤلف ; لأن ما دون النفس كالنفس في وجوب القود ، فكان كالنفس فيما نذكره ، وهو قول الأكثر ( ولا يجب إلا بمثل الموجب في النفس ، وهو العمد المحض ) لقوله تعالى : والجروح قصاص [ المائدة : 45 ] وحديث أنس في قضية الربيع ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : كتاب الله القصاص متفق عليه . وأجمعوا على جريان القصاص فيما دون النفس إذا أمكن ; لأن ما دون النفس كالنفس في الحاجة إلى حفظه بالقصاص ، فكان كالنفس في وجوبه ، وظاهره أنه لا يجب في الخطأ ، وهو [ ص: 307 ] كذلك إجماعا ، لا في شبه العمد ، وقاله السامري وصححه في " المغني " ، و " الشرح " ، وعنه : يجب فيه . اختارها ابن أبي موسى ، وأبو بكر لعموم الآية ، ولأن العضو يتلف بأيسر مما تتلف به النفس ، وجوابه : بأن الآية مخصوصة بالخطأ ، فكذا هذا ( وهو نوعان : أحدهما : في الأطراف ) لما ذكرنا ( فتؤخذ العين بالعين ، والأنف بالأنف ، والأذن بالأذن ، والسن بالسن ) للنص ، والخبر ( والجفن بالجفن ) لأنه في معنى المنصوص عليه فوجب أن يلحق به ويؤخذ جفن كل واحد من البصير ، والضرير بالآخر .

فائدة : الجفن بفتح الجيم ، وحكى ابن سيده كسرها .

( والشفة بالشفة ) وهو ما جاوز الذقن ، والخدين علوا وسفلا ( واليد باليد ، والرجل بالرجل ) لما ذكرنا ، وظاهره لا فرق بين أن يقوى بطشها ، أو يضعف ( ويؤخذ كل واحد من الأصابع ، والكف ، والمرفق ، والذكر ، والأنثيين بمثله ) لأن المماثلة موجودة ، والقصاص ممكن فوجب كالعين بمثلها ( وهل يجري في الإلية ، والشفر ؛ على وجهين ) كذا في " المحرر " ، و " الفروع " أحدهما : يجب ، جزم به في " الوجيز " لظاهر الآية ; لأن الإلية متصلة باللحم ، والشفر لحم لا مفصل له ، والثاني : لا قود فيهما ، قدمه في " الرعاية " كلحم الفخذ .

فائدة : الشفر بضم الشين أحد شفري المرأة ، فأما شفر العين ، فهو منبت الهدب ، وقد حكي فيه الفتح .

التالي السابق


الخدمات العلمية