صفحة جزء
[ ص: 308 ] فصل : ويشترط للقصاص في الطرف ثلاثة شروط : أحدها : الأمن من الحيف بأن يكون القطع من مفصل ، أو له حد ينتهي إليه كمارن الأنف ، وهو ما لان منه ، فإن قطع القصبة ، أو قطع من نصف الساعد ، أو الساق ، فلا قصاص في أحد الوجهين ، وفي الآخر يقتص من حد المارن ومن الكوع ، والكعب . وهل يجب له أرش الباقي ؛ على وجهين ويقتص من المنكب إذا لم يخف جائفة ، وإذا أوضح إنسانا فذهب ضوء عينه ، أو سمعه ، أو شمه ، فإنه يوضحه ، فإن ذهب ذلك وإلا استعمل فيه ما يذهبه من غير أن يجني على حدقته ، أو أذنه ، أو أنفه ، فإن لم يمكن إلا بالجناية على هذه الأعضاء سقط .


فصل

( ويشترط للقصاص في الطرف ثلاثة شروط : أحدها : الأمن من الحيف ) إذ هو جور وظلم ، وإذا لم يمكن القصاص إلا به لم يجب فعله ( بأن يكون القطع من مفصل ) لأن المماثلة في غير ذلك غير ممكنة ، ولا يؤمن أن يستوفي أكثر من الحق ( أو له حد ينتهي إليه كمارن الأنف ، وهو ما لان منه ) دون القصبة ; لأن ذلك حد ينتهي إليه ، فهو كاليد ويؤخذ البعض بالبعض فيقدر ما قطعه بالأجزاء كالنصف ، والثلث ، ولا يؤخذ بالمساحة لأنه يفضي إلى أخذ جميع أنف الجاني لصغره ببعض أنف المجني عليه لكبره ، وكذا في الأذن ، واللسان ، والشفة ، وقيل : لا يؤخذ بعض اللسان ببعض ( فإن قطع القصبة ) أي : قصبة أنفه ( أو قطع من نصف الساعد ، أو الساق ، فلا قصاص في أحد الوجهين ) وهو المنصوص عن أحمد ، وفي الخبر : أن رجلا ضرب آخر على ساعده بالسيف ، فقطعها من غير مفصل ، فاستعدى عليه النبي صلى الله عليه وسلم فأمر له بالدية ، فقال : إني أريد القصاص ، قال : خذ الدية بارك الله لك فيها رواه ابن ماجه ، ولأن القطع ليس من مفصل ، فلا يؤمن فيه الحيف ، فلو قطع يده من الكوع ، ثم تآكلت إلى نصف الذراع ، فلا قود اعتبارا بالاستقرار ، قاله القاضي ، قال في " المحرر " وعندي يقتص هاهنا من الكوع ( وفي الآخر يقتص من حد المارن ومن الكوع ، والكعب ) لأنه دون حقه لعجزه عن استيفاء حقه ، أشبه ما لو شجه هاشمة ، واستوفى موضحة ، وكذا الخلاف فيما لو قطع من عضد [ ص: 309 ] أو ورك ( وهل يجب له أرش الباقي ؛ ) عليهما ولو خطأ ( على وجهين ) كذا أطلقهما في " الفروع " ، أحدهما : ليس له ذلك ، جزم به في " الوجيز " ; لأنه يجمع في عضو واحد بين قصاص ودية ، والثاني : بلى ; لأنه حق له تعذر استيفاؤه فوجب أرشه كغيره ( ويقتص من المنكب إذا لم يخف جائفة ) لأنه مفصل يؤمن فيه الحيف فوجب كالقطع من الكوع ، ويرجع في الخوف في هذا إلى أهل الخبرة ، فإن خيف فله أن يقتص من مرفقه ومتى خالف واقتص مع خشية الحيف ، أو من مأمومة ، أو جائفة ، أو نصف ذراع ، ونحوه - أجزأ ، وإن اختار الدية فله دية اليد ، وحكومة لما زاد ، فإن قطع من نصف الذراع ففي جواز قطع الأصابع وجهان ، فإن قطع منها لم يكن له حكومة في الكف ; لأنه أمكنه أخذه قصاصا كما لو كانت الجناية من الكوع ، وإن قطعت من العضد لم يملك قطعها من الكوع ; لأنه أمكنه استيفاء الذراع قصاصا كما لو قطع من المرفق ، وفي " الشرح " وجهان .

مسألة : إذا قطع بعض أذنه ، فالتصق فله أرش الجرح ، ولا قود فيه ، وإن شقها فألصقها صاحبها ، فالتصقت فكذلك ، وإن قطعها فأبانها فألصقها صاحبها ، فالتصقت فله القود في قول القاضي ; لأنه وجب بالإبانة ، وقال أبو بكر : لا قود فيها ; لأنها لم تبق على الدوام ، أشبه الشق ، وعلى هذا له أرش الجرح ، فإن سقطت بعد ذلك قريبا أو بعيدا - رد الأرش وملك القود ، أو الدية إن اختارها على القولين .

( وإذا أوضح إنسانا ) أو شجه دون موضحة ، أو لطمه ( فذهب ضوء [ ص: 310 ] عينه ، أو سمعه ، أو شمه ، فإنه يوضحه ) أي : فعل به كما فعل ; لأنه يمكن القود منه من غير حيف ; لأن له حدا ينتهي إليه ( فإن ذهب ذلك وإلا استعمل فيه ما يذهبه ) أي : ما يذهب ضوء عينه إلى آخره ( من غير أن يجني على حدقته ، أو أذنه ، أو أنفه ) لأنه يستوفي حقه من غير زيادة فيطرح في العين كافورا ، أو يقرب منه مرآة ، أو يحمي له حديدة ، أو مرآة ، ثم يقطر عليها ماء ، ثم يقطر منه في العين ليذهب بصرها ، ولا يقتص منه مثل شجته بغير خلاف علمناه ، ولا يقتص منه باللطمة ; لأن المماثلة فيها غير ممكنة ويعالجه بما يذهب بصره من غير أن يقلع عينه ، وقال القاضي : له أن يلطمه مثل لطمته ، فإن ذهب ضوء عينه وإلا أذهبه بما ذكر ، ولا يصح ; لأن اللطمة لا يقتص منها منفردة ، فكذا إذا سرت إلى العين كالشجة دون الموضحة ، ولا قود إلا أن تكون اللطمة تذهب بالبصر غالبا ، قاله القاضي ، وقال أبو بكر : يجب القود بكل حال ( فإن لم يمكن إلا بالجناية على هذه الأعضاء سقط ) القود لتعذر المماثلة ، ولأن توهم الزيادة تسقط القود فحقيقته أولى وتتعين الدية .

التالي السابق


الخدمات العلمية