صفحة جزء
فصل : النوع الثاني : الجروح فيجب القصاص في كل جرح ينتهي إلى عظم كالموضحة وجرح العضد ، والساعد ، والفخذ ، والساق ، والقدم ولا يجب في غير ذلك من الشجاج ، والجروح كما دون الموضحة ، أو أعظم منها إلا أن يكون أعظم من الموضحة كالهاشمة ، والمنقلة ، والمأمومة فله أن يقتص موضحة ولا شيء له على قول أبي بكر ، وقال ابن حامد : له ما بين دية موضحة ودية تلك الشجة ، فيأخذ في الهاشمة خمسا من الإبل ، وفي المنقلة عشرا ويعتبر قدر الجرح بالمساحة ، فلو أوضح إنسانا في بعض رأسه ، مقدار ذلك البعض جميع رأس الشاج وزيادة - كان له أن يوضحه في جميع رأسه . وفي الأرش للزائد وجهان .


فصل

( النوع الثاني : الجروح ) للآية ، والخبر ( فيجب القصاص في كل جرح ينتهي إلى عظم كالموضحة ) لأنه يمكن استيفاؤه من غير حيف ، ولا زيادة ; لانتهائه إلى عظم ، أشبه قطع الكف من الكوع ، ولا نعلم فيه خلافا ، ولأن الله نص على القصاص ، فلو لم يجب في كل جرح ينتهي إلى عظم لسقط حكم الآية ( وجرح العضد ، والساعد ، والفخذ ، والساق ، والقدم ) في قول أكثر العلماء ، وكالموضحة ، ولا يستوفي في ذلك إلا من له علم وخبرة كالجرائحي ، ونحوه ، فإن لم يكن للولي علم بذلك أمره بالاستنابة ، وإن كان له علم به فظاهر كلام أحمد أنه يمكن منه ; لأنه أحد نوعي القصاص كالنفس ( ولا يجب في غير ذلك من الشجاج ، والجروح كما دون الموضحة ، أو أعظم منها ) لأنها جراحة لا تنتهي إلى عظم ، ولا تؤمن فيها الزيادة ، أشبه الجائفة وكسر العظام ( إلا أن يكون أعظم من الموضحة كالهاشمة ، والمنقلة ، والمأمومة ) لأنه ليس له حد ينتهي إليه ، ولا يمكن الاستيفاء من [ ص: 321 ] غير حيف ، وذلك شرط في وجوب القصاص ( فله أن يقتص موضحة ) بغير خلاف بين أصحابنا ; لأنه يقتصر على بعض حقه ويقتص من محل جنايته ، فإنه إنما وضع السكين في موضع وضعها الجاني ; لأن سكين الجاني وصلت العظم ، ثم تجاوزته ، بخلاف قاطع الساعد ، فإنه لم يضع سكينه في الكوع ( ولا شيء له على قول أبي بكر ) لأنه جرح واحد لم يجمع فيه بين قصاص وأرش كالشلاء بالصحيحة ( وقال ابن حامد ) وقدمه في " الرعاية " ، وجزم به في " الوجيز " ( له ما بين دية موضحة ودية تلك الشجة ) لأنه تعذر فيه القصاص فوجب الأرش كما لو تعذر في جميعها ، وفارق الشلاء بالصحيحة ، فإن الزيادة ثم من حيث المعنى ، وليست متميزة ، بخلاف مسألتنا ( فيأخذ في الهاشمة خمسا من الإبل ، وفي المنقلة عشرا ) لأن التفاوت في الأولى خمس ، وفي الثانية عشر ، وفي المأمومة ثمانية وعشرون بعيرا وثلث بعير ; لأن الواجب فيها ثلث الدية ، فإذا ذهب منها دية موضحة بقي ذلك ( ويعتبر قدر الجرح بالمساحة ) دون كثافة اللحم ليعلم حتى يقتص من الجاني مثله ( فلو أوضح إنسانا في بعض رأسه ، مقدار ذلك البعض جميع رأس الشاج وزيادة - كان له أن يوضحه في جميع رأسه ) وحاصله أنه يجب في الموضحة قدرها طولا وعرضا ; لأن القصاص المماثلة ، ولا يراعى العمق ; لأن حده العظم ، ولو روعي لتعذر الاستيفاء ; لأن الناس يختلفون في قلة اللحم وكثرته ، فإذا كانت في الرأس حلق موضعها من رأس الجاني وعلم القدر المستحق بسواد ، أو غيره ، ثم اقتص ، فإن كانت في مقدم الرأس ، أو مؤخره ، أو وسطه فأمكن أن يستوفي قدرها من موضعها لم يجز من غيره ، وإن زاد قدرها على موضعها [ ص: 322 ] من رأس الجاني استوفى بقدرها ، وإن جاوز الموضع الذي شجه في مثله ; لأن الجميع رأس ، وإن زاد قدرها على رأس الجاني كله لم يجز أن ينزله إلى الوجه ، والقفا ; لأنه قصاص في غير العضو المجروح فيقتص من رأس الجاني كله ( وفي الأرش للزائد وجهان : ) أحدهما : لا أرش له فيما بقي ، وقاله أبو بكر ، وهو الأشهر لئلا يجمع في عضو واحد قصاص ودية ، والثاني : وهو قول ابن حامد ، له أرش موضحة ما بقي ، وهو تفاوت ما بين جنايته والموضحة كما سبق ، وإن كانت بقدر ثلثها فله أرش ثلث موضحة ، وإن زادت على هذا ، أو نقصت فبالحساب من أرش الموضحة ، ولا يجب له أرش موضحة كاملة .

تنبيه : إذا أوضح كل الرأس ، ورأس الجاني أكبر فللمجني عليه قدر شجته من أي جانب شاء ; لأن الجميع محل الجناية وله أن يستوفي بعض حقه من مقدم الرأس وبعضه من مؤخره إلا أن يكون في ذلك زيادة ضرر ، أو شين فيمتنع لذلك ; لأنه لم يجاوز موضع الجناية ، ولا قدرها ، وقيل : بالمنع ; لأنه يأخذ موضحتين بموضحة ، قدمه في " الشرح " ، وإن أوضحه موضحتين ، قدرهما جميع رأس الجاني فللمجني عليه الخيار بين أن يوضحه في جميع رأسه موضحة واحدة وبين أن يوضحه موضحتين يقتصر فيهما عن قدر الواجب ، ولا أرش له في الباقي وجها واحدا ; لأنه ترك الاستيفاء مع إمكانه ، ويقبل قول المقتص مع يمينه في أنه أخطأ في الزيادة ، فإن قال : هذه الزيادة حصلت باضطرابه ، فأنكره الجاني فوجهان .

التالي السابق


الخدمات العلمية