صفحة جزء
ومن اضطر إلى طعام إنسان ، أو شرابه ، وليس به مثل ضرورته فمنعه حتى مات ضمنه . نص عليه . وخرج عليه أبو الخطاب كل من أمكنه إنجاء إنسان من مهلكة ، فلم يفعل وليس ذلك مثله ، ومن أفزع إنسانا فأحدث بغائط فعليه ثلث ديته ، وعنه : لا شيء عليه .


( ومن اضطر إلى طعام إنسان ، أو شرابه ، وليس به مثل ضرورته فمنعه حتى مات ضمنه . نص عليه ) لما روي أن رجلا أتى أهل أبيات فاستسقاهم ، فلم يسقوه حتى مات فأغرمهم عمر رضي الله عنه الدية . حكاه أحمد في رواية ابن منصور ، وقال : أقول به ، قال القاضي وأبو الخطاب في رؤوس مسائله : ولم يعرف له مخالف ، ولأنه تسبب إلى هلاكه بمنعه ما يستحقه فضمنه كما لو منعه طعامه حتى هلك وكأخذه ذلك لغيره ، وهو عاجز ، فيتلف ، أو دابته ، وظاهر كلام أحمد أن الدية تجب على مانع الطعام ; لأنه تعمد الفعل الذي يقتل مثله غالبا ، وقال القاضي : هو على عاقلته ; لأنه قتل لا يوجب القصاص ، فيكون شبه عمد ، وشرطه الطلب من مالكه ، صرح به في " الفروع " وغيره ، فعلى هذا إن لم يطلبه ، فلا ضمان عليه ; لأنه لم يتسبب إلى هلاكه ، وظاهره : أنه إذا كان به مثل ضرورته فطلب منه فمنعه فمات - لم يضمنه ; لأنه لا يجب عليه بذل طعامه في هذا الحال ، ومثل الأول لو أخذ منه ترسا يدفع به عن نفسه [ ص: 340 ] ضربا ، ذكره في " الانتصار " ( وخرج عليه أبو الخطاب ) وحكاه في " المستوعب " عن الأصحاب ( كل من أمكنه إنجاء إنسان من مهلكة ، فلم يفعل ) حتى هلك أنه يلزمه ديته لاشتراكهما في القدرة على سلامته ، وخلاصه من الموت ، قال في " الفروع " وخرج الأصحاب ضمانه على المسألة الأولى ، فدل أنه مع الطلب وفرق المؤلف ، فقال : ( وليس ذلك مثله ) لأنه هنا لم يتسبب إلى هلاكه ، فلم يضمنه ، بخلاف التي قبلها ، فلا يصح القياس فدل أن كلامهم عنده ، ولو لم يطلبه ، فإن كان مرادهم فالفرق ظاهر ، نقل محمد بن يحيى فيمن مات فرسه في غزاة : لم يلزم من معه فضل حمله ، نقل أبو طالب : يذكر الناس ، فإن حملوه وإلا مضى معهم .

( ومن أفزع إنسانا ) أو ضربه ( فأحدث بغائط فعليه ثلث ديته ) قضى بذلك عثمان ، قال أحمد : لا أعلم شيئا يدفعه ، وهو قول إسحاق ; لأنه فعل تعدى فيه ، اقتضى خروج الحدث فتعلق به الضمان كما لو استكره امرأة فأفضاها فاستطلق الحدث . قال ابن عقيل : إنما ذهب إلى قضية عثمان بذلك ، ولم يخالفه أحد فدل على التوقيف ; لأنه لا يقتضيه القياس ، وظاهره : أنه إذا أحدث بغير الغائط لا شيء فيه ، والمذهب أن البول كذلك ، وصرح بهما ، وزاد القاضي : والريح ، وفرق في " الشرح " بين الريح وغيره ، فإنهما أفحش منه ( وعنه : لا شيء عليه ) جزم به في " الوجيز " وغيره ، وهو قول أكثر العلماء ; لأن الدية تجب لإزالة منفعة ، أو عضو ، أو آلة جمال ، وليس هنا شيء من ذلك ، قال في " الشرح " : وهذا هو القياس ، والمراد ما لم يدم ، قال ابن عقيل وغيره : إن دام فثلث دية .

[ ص: 341 ] فرع : إذا وطئ أجنبية كبيرة مطاوعة ، ولا شبهة ، أو امرأته ، ومثلها توطأ لمثله فأفضاها بين مخرج البول ، والمني ، أو بين السبيلين فهدر لعدم تصور الزيادة ، وهو حق له ، أي : له طلبه عند الحاكم ، بخلاف أجير مشترك .

التالي السابق


الخدمات العلمية