صفحة جزء
ويقدم رجله اليسرى في الدخول ، واليمنى في الخروج ، ولا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض ، ويعتمد في جلوسه على رجله اليسرى ، ولا يتكلم ، ولا يلبث فوق حاجته .


( ويقدم رجله اليسرى في الدخول واليمنى في الخروج ) على العكس من المسجد ونحوه ، لأن اليسرى للأذى ، واليمنى لما سواه ، لأنها أحق بالتقديم إلى الأماكن الطيبة ، وأحق بالتحرز عن الأذى ومحله ، ولهذا قدمت في الانتعال دون النزع ، صيانة لها ، لما روى الحكيم الترمذي عن أبي هريرة أنه قال : من بدأ برجله اليمنى قبل يساره إذا دخل الخلاء ابتلي بالفقر ، وقد يفهم من لفظ الدخول والخروج اختصاص ذلك بالبنيان ، وليس كذلك ، بل يقدم يسراه إلى موضع جلوسه في الصحراء ويمناه عند منصرفه .

( ولا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض ) لما روى أبو داود من طريق رجل لم يسمه - وقد سماه بعض الرواة : القاسم بن محمد - عن ابن عمر : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد الحاجة ، لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض ولأن ذلك أستر له ، وهذه الكراهة مقيدة بعدم الحاجة ، ولكن المؤلف تبع النص الوارد ، والمراد أنه لم يستكمل الرفع حتى يدنو ، فلو عبر بقوله : يرفع ثوبه شيئا فشيئا كان أولى ، ولعله يجب إن كان ثم من ينظره .

[ ص: 81 ] ( ويعتمد في جلوسه على رجله اليسرى ) لحديث سراقة بن مالك قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتكئ على اليسرى ، وأن ننصب اليمنى رواه الطبراني ، والبيهقي ، ولأنه أسهل لخروج الخارج ، فعلى هذا تكون اليمنى منصوبة إكراما لها ( ولا يتكلم ) أي : يكره أن يتكلم ، ولو برد سلام ، نص عليه كابتدائه ، لما روى ابن عمر : أن رجلا مر ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبول ، فسلم عليه ، فلم يرد عليه رواه مسلم ، وأبو داود ، وقال : روي : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تيمم ، ثم رد على الرجل السلام ، وكلامه شامل لذكر الله تعالى بلسانه ، وجوزه ابن سيرين ، والنخعي ، لأن ذكر الله محمود على كل حال ، وما ذكرناه أولى ، لأنه عليه السلام لم يرد السلام الواجب ، فذكر الله تعالى أولى ، فلو عطس حمد الله بقلبه ، ذكره الأصحاب ، وعنه : وبلفظه ، ذكره ابن عقيل ، لعموم الأمر به ، وكذا إجابة المؤذن ، ذكره أبو الحسين وغيره ، وجزم صاحب النظم بتحريم القراءة في الحش وسطحه ، وهو متوجه على حاجته ، ويستثنى منه ما إذا رأى أعمى يقع في بئر ، أو حية تقصد إنسانا ، فإن إنذاره لا يكره .

( ولا يلبث فوق حاجته ) لأنه مضر عند الأطباء ، قيل : إنه يدمي الكبد ، وقيل : يورث الباسور قال جدي رحمه الله تعالى : وهو كشف لعورته خلوة بلا حاجة ، وفي أخرى : يحرم ، اختاره المجد وغيره ، وحكى أبو المعالي : أنها مسألة سترها عن الملائكة والجن ، ولا يديم النظر إلى عورته .

التالي السابق


الخدمات العلمية