صفحة جزء
[ ص: 362 ] فصل : ذكر أصحابنا أن القتل تغلظ ديته بالحرم والإحرام والأشهر الحرم والرحم المحرم ، فيزاد لكل واحد ثلث الدية ، فإذا اجتمعت الحرمات الأربع وجب ديتان وثلث . وظاهر كلام الخرقي أنها لا تغلظ بذلك وهو ظاهر الآية والأخبار ، وإن قتل مسلم كافرا عمدا أضعفت الدية لإزالة القود كما حكم عثمان رضي الله عنه .


فصل

( ذكر أصحابنا أن القتل ) إذا كان خطأ ، وقال القاضي : قياس المذهب : أو عمدا ، جزم به جماعة ، قال في " الانتصار " : كما يجب بوطء صائمة محرمة كفارتان ، ثم قال : تغلظ إذا كان موجبه الدية ، وفي " المفردات " تغلظ عندنا في الجميع ، ثم دية الخطأ لا تغليظ فيها ، وفي " المغني " ، و " الترغيب " : وطرف ( تغلظ ديته بالحرم ، والإحرام ، والأشهر الحرم ) نقله فيها الجماعة ( والرحم المحرم ) اختاره أبو بكر ، والقاضي وأصحابه ، ولم يقيده في " التبصرة " ، و " الطريق الأقرب " وغيرهما الرحم بالمحرم كالعتق ، وظاهر كلام أحمد أنها لا تغلظ بالرحم ، وقدمه في " المحرر " ( فيزاد لكل واحد ثلث الدية ) لما روي أن امرأة وطئت في طواف فقضى عثمان فيها بستة آلاف وألفين تغليظا للحرم ، وعن ابن عمر أنه قال : من قتل في الحرم ، أو ذا رحم ، أو في الشهر الحرام فعليه دية وثلث ، وعن ابن عباس أن رجلا قتل رجلا في الشهر الحرام ، وفي البلد الحرام ، فقال : ديته اثنا عشر ألفا ، وللشهر الحرام أربعة آلاف ، وللبلد الحرام أربعة آلاف ، وهو قول التابعين القائلين بالتغليظ ، واحتجوا بقول ابن عمر ( فإذا اجتمعت الحرمات الأربع وجب ديتان وثلث ) لأن القتل يجب به دية ، وقد تكرر التغليظ أربع مرات ، فكان كذلك .

فائدة : قال بعض أصحابنا : حرم المدينة كمكة ، وفي " الترغيب " يخرج روايتان ، وقيل : التغليظ بدية عمد ، وقيل : بديتين ، وفي " المبهج " إن لم [ ص: 363 ] يقتل بأبويه ففي لزومه ديتان أم دية وثلث ؛ روايتان ( وظاهر كلام الخرقي ) واختاره المؤلف ونصره في " الشرح " ، وذكره ابن رزين الأظهر ، وهو قول الفقهاء السبعة وعمر بن عبد العزيز ( أنها لا تغلظ بذلك ) كجنين وعبد ( وهو ظاهر الآية ) وهو قوله تعالى : ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله [ النساء : 92 ] وهذا يقتضي أن تكون الدية واحدة في كل مكان ، وعلى كل حال ( والأخبار ) منها قوله - عليه السلام - في النفس المؤمنة مائة من الإبل ، وعلى أهل الذهب ألف مثقال وروى الجوزجاني عن أبي الزناد أن عمر بن عبد العزيز كان يجمع الفقهاء ، فكان مما أحيا من تلك السنن ، أي : أنه لا تغليظ ، قال ابن المنذر : ليس بثابت ما روي عن الصحابة في هذا ، ولو صح ففعل عمر في حديث قتادة أولى فيقدم على من خالفه ، وهو أصح في الرواية مع موافقة الكتاب ، والسنة ، والقياس .

( وإن قتل مسلم ) وقدم في " الانتصار " : أو كافر ، وجعله ظاهر كلامه ( كافرا ) سواء كان كتابيا ، أو غيره حيث حقن دمه ( عمدا أضعفت الدية ) نص عليه ( لإزالة القود ) لأن المسلم لا يقتل بكافر ، ولأن القود شرع زجرا عن تعاطيه ( كما حكم عثمان رضي الله عنه ) رواه أحمد عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه أن رجلا قتل رجلا من أهل الذمة فرفع إلى عثمان ، فلم يقتله وغلظ الدية ألف دينار فذهب إليه أحمد ، وله نظائر ، منها الأعور إذا قلع عين صحيح تجب دية كاملة حيث لا قصاص ، ومنها أن سارق الثمر يلزمه مثلا قيمته حيث لا قطع ، ومذهب الجماهير من العلماء [ ص: 364 ] أن دية الذمي في العمد ، والخطأ واحد للعموم ، وكما لو قتل حر عبدا عمدا ; لأنه بدل متلف ، فلم تتضاعف كسائر الأموال ، وعلى الأول يودى المجوسي بألف وستمائة ، والكتابي بثلثي دية المسلم إن قلنا : ديته ثلثها . نص عليه ، ونقل ابن هانئ أنها تغلظ بثلث .

التالي السابق


الخدمات العلمية