صفحة جزء
[ ص: 389 ] فصل : وفي كل واحد من الشعور الأربعة الدية ، وهي شعر الرأس ، واللحية ، والحاجبين ، وأهداب العينين ، وفي كل حاجب نصفها ، وفي كل هدب ربعها ، وفي بعض ذلك بقسطه من الدية ، وإنما تجب ديته إذا أزاله على وجه لا يعود ، فإن عاد سقطت الدية ، وإذا أبقى من لحيته ما لا جمال فيه احتمل أن يلزمه بقسطه واحتمل أن يلزمه كمال الدية . وإن قلع الجفن بهدبه لم تجب إلا دية الجفن ، وإن قلع اللحيين بما عليهما من الأسنان فعليه ديتهما ودية الأسنان ، وإن قطع كفا بأصابعه لم تجب إلا دية الأصابع ، وإن قطع كفا عليه بعض الأصابع دخل ما حاذى الأصابع في ديتها وعليه أرش باقي الكف . وإن قطع أنملة بظفرها فليس عليه إلا ديتها .


فصل

( وفي كل واحد من الشعور الأربعة الدية ، وهي شعر الرأس ، واللحية ، والحاجبين وأهداب العينين ) نص عليه ، روي عن علي ، وزيد أنهما قالا : في الشعر الدية . رواه سعيد بإسنادين ضعيفين ، وعنه : فيه حكومة كالشارب ، وقاله أكثرهم ، إتلاف جمال من غير منفعة كاليد الشلاء والعين القائمة ، وجوابه : أنه أذهب الجمال على الكمال فوجب فيه دية كأذن الأصم وأنف الأخشم ، والحاجب يرد العرق عن العين ويفرقه ، وهدب العين يرد عنها ويصونها فجرى مجرى أجفانها ، واليد الشلاء ليس جمالها كاملا ، وظاهره لا فرق فيها بين كونها كثيفة أو خفيفة ، جميلة أو قبيحة ، من صغير أو كبير ; لأن سائر ما فيه الدية من الأعضاء لا يفرق الحال فيه بذلك ، ذكره في " الشرح " ( وفي كل حاجب نصفها ) كاليدين ( وفي كل هدب ربعها ) كالأجفان ، ونقل حنبل : كل شيء من الإنسان فيه أربعة ففي كل واحد ربع الدية ، وطرده القاضي في جلدة وجه ( وفي بعض ذلك بقسطه من الدية ) يقدر بالمساحة كالأذنين ، ومارن الأنف ، وذكر أبو الخطاب احتمالا : تجب حكومة ( وإنما تجب ديته إذا أزاله على وجه لا يعود ) لأن احتمال العود يمنع من الوجوب كالسن الصغير ( فإن عاد ) بصفته ( سقطت الدية ) نص عليه كالسن ( وإذا أبقى من لحيته ) أو من غيرها من الشعور ( ما لا جمال فيه احتمل أن يلزمه بقسطه ) جزم به في " الوجيز " كما لو أبقى من أذنه يسيرا ( واحتمل أن يلزمه كمال الدية ) قدمه في " الرعاية " ، و " الفروع " ; لأنه [ ص: 390 ] أذهب المقصود ، أشبه ما لو أذهب ضوء العين ، ولأن جنايته ربما أحوجت إلى ذهاب الباقي لزيادة في القبح على ذهاب الكل ، فتكون جنايته سببا لذهاب الكل ، وقيل : تجب حكومة ; لأنه لا مقدر فيها ، وعلم منه أنه لا قصاص في شيء من الشعور ; لأن إتلافها إنما يكون بالجناية على محلها ، وهو غير معلوم المقدار ، ولا يمكن المساواة فيها ، فلا تجب ( وإن قلع الجفن بهدبه لم تجب إلا دية الجفن ) لأن الشعور تزول تبعا كالأصابع إذا قطع الكف ، وهي عليه ( وإن قلع اللحيين بما عليهما من الأسنان فعليه ديتهما ودية الأسنان ) أي : عليه دية الكل ، ولم تدخل دية الأسنان في اللحيين كما تدخل دية الأصابع في اليد لوجوه :

أولها : أن الأسنان ليست متصلة باللحيين ، وإنما هي مفردة فيها ، بخلاف الأصابع .

ثانيها : أن أحدهما ينفرد باسمه عن الآخر ، بخلاف الأصابع .

ثالثها : أن اللحيين يوجدان منفردين عن الأسنان لوجودهما قبل وجود الأسنان ويبقيان بعد قلعها ، بخلاف الكف مع الأصابع .

( وإن قطع كفا بأصابعه لم تجب إلا دية الأصابع ) لدخول الجميع في مسمى اليد ، وكما لو قطع ذكرا بحشفته لم تجب دية الحشفة لدخولها في مسمى الذكر ، وظاهره : يقتضي سقوط ما يجب في مقابلة الكف ، وهو غير مراد ، والأولى أن نقول : لم تجب إلا دية اليد ( وإن قطع كفا عليه بعض الأصابع دخل ما حاذى الأصابع في ديتها ) لأن حصول الكل في اليد يقتضي دخول البعض ( وعليه أرش باقي الكف ) لأن الأصابع لو كانت سالمة كلها لدخل أرش الكف كله في دية الأصابع ، وكذا [ ص: 391 ] ما حاذى الأصابع السالمة يدخل في ديتها ، وما حاذى المقطوعات ليس بداخل في ديته فوجب أرشه كما لو كانت الأصابع كلها مقطوعة ، وذكر ابن أبي موسى يلزمه دية اليد كاملة ينقص منها دية الأصابع المعدومة ( وإن قطع أنملة بظفرها فليس عليه إلا ديتها ) كما لو قطع كفا بأصابعه .

فرع : إذا قطع كفا بلا أصابع وذراعا بلا كف فثلث ديته ، قال أحمد : كعين قائمة ، وعنه : حكومة ، ذكرهما في " المنتخب " وغيره ، وكذا العضد ومفصل الرجل .

التالي السابق


الخدمات العلمية