صفحة جزء
فصل : وفي عين الأعور دية كاملة . نص عليه . وإن قلع الأعور عين صحيح مماثلة لعينه الصحيحة عمدا فعليه دية كاملة ، ولا قصاص ، ويحتمل أن تقلع عينه ويعطى نصف الدية ، وإن قلعها خطأ فعليه نصف الدية ، وإن قلع عيني صحيح عمدا خير بين قلع عينه - ولا شيء له غيرها - وبين الدية . وفي يد الأقطع نصف الدية ، وكذلك في رجله ، وعنه : فيها دية كاملة .


فصل

( وفي عين الأعور دية كاملة . نص عليه ) وهو قول الزهري ، والليث وجماعة ، وقيل : فيها نصف الدية ، وقاله الأكثر لقوله عليه السلام : وفي العين خمسون من الإبل ، وفي العينين الدية يقتضي أنه لا يجب فيها أكثر من ذلك ; لأن ما ضمن بنصف الدية مع نظيره ضمن مع ذهابه كالأذن ، وجوابه : أن عمر ، وعثمان ، وعليا ، وابن عمر قضوا في عين الأعور بالدية ، ولم يعلم لهم مخالف في الصحابة ، روى ذلك أحمد وأخذ به ، ذكره ابن الزاغوني ، ولأنه يحصل بها ما يحصل بالعينين من رؤية الأشياء البعيدة وإدراك الأشياء اللطيفة ، ويجوز أن يكون قاضيا ويجزئ في الكفارة ، وككمال قيمة صيد الحرم الأعور ، لا يقال : ينبغي أن لا يجب في ذهاب أحد العينين نصف الدية لعدم نقصانه ; لأنه لا يلزم من وجوب شيء في دية العينين نقص دية الباقي ، بدليل ما لو جنى [ ص: 392 ] عليهما فعمشا ، فإنه يجب أرش النقص ، ولا تنقص ديتها بذلك ، فإن قلعها صحيح عمدا فله نظيرتها منه ، وأخذ نصف الدية في المنصوص ، وقيل : لا شيء له مع القلع ، وفي " الروضة " : إن قلعها خطأ فنصف الدية ( وإن قلع الأعور عين صحيح مماثلة لعينه الصحيحة عمدا فعليه دية كاملة ، ولا قصاص ) قاله ابن المسيب ، وعطاء ، نقل مهنا : عمر ، ، وعثمان ، ، وعلي قالوا : الأعور إذا فقئت عينه له دية كاملة ، ولا يقتص منه إذا فقأ عين صحيح ، ولا أعلم أحدا قال بخلافه إلا إبراهيم ، ولأنه منعناه من إتلاف ضوء ، يضمن بدية كاملة وكما لو قلع عيني سليم ، ثم عمي ، ولأنه منع القصاص مع وجود سببه فأضعفت الدية كقاتل الذمي عمدا ( ويحتمل أن تقلع عينه ) لأثر روي في ذلك ، وكقتل الرجل بامرأة والأشهر ( يعطى نصف الدية ) لما روي أن عليا قضى في رجل قتل امرأته يقتل بها ، ويعطى نصف الدية ، وخرجه في " التعليق " ، و " الانتصار " من قتل رجل بامرأة ( وإن قلعها خطأ فعليه نصف الدية ) لأن الأصل يجب في إحداهما نصف الدية ، ترك العمل به فيما تقدم لقضاء الصحابة فيبقى ما عداه على مقتضى الدليل كما لو قلع الأعور عينا لا تماثل عينه الصحيحة ( وإن قلع عيني صحيح عمدا خير بين قلع عينه ، ولا شيء له غيرها ، وبين الدية ) هذا هو المجزوم به ; لأن هذا مبني على قضاء الصحابة ; لأنه أذهب بصره كله ، فلم يكن له أكثر من إذهاب بصره ، وإن عين الأعور تقوم مقام العينين وذهب جماعة من العلماء إلى أن له القصاص ونصف الدية ، وذكر القاضي : قياس المذهب وجوب ديتين : إحداهما : في العين التي استحق بها قلع عين الأعور ، والأخرى : [ ص: 393 ] في الأخرى عين الأعور ، وجوابه : قوله عليه السلام وفي العينين الدية كما لو كان القالع صحيحا ، وظاهره أنه إذا فعل ذلك خطأ فليس عليه إلا الدية كما لو قلعهما صحيح العينين ( وفي يد الأقطع نصف الدية ، وكذلك في رجله ) إذا أزيلت عمدا ; لأن فيهما دية واحدة ، ففي كل واحد منهما نصفها كما لو قلع أذن من له أذن واحدة ; لأن هذا أحد العضوين اللذين تحصل بهما منفعة الجنس ، لا يقوم مقام العضوين ، وكسائر الأعضاء ، وعلم منه أنه إذا اختار القود فله ذلك ; لأنه عضو أمكن القود في مثله ، فكان الواجب فيه القصاص ( وعنه : فيها دية كاملة ) قياسا على عين الأعور ، وعنه : إن ذهبت الأولى هدرا ففي الثانية دية كاملة ، وإلا فنصفها ; لأنه عطل منافعه من العضوين جملة ، أشبه ما لو قلع عين أعور ، وفي " الروضة " إن ذهبت بحد فنصف الدية ، وإن كانت ذهبت بجهاد فروايتان ، والأولى أصح ; لأنه لا يصح القياس على عين الأعور ; لأنه يحصل بها ما يحصل بالعينين ، ولم يختلفا في الحقيقة والأحكام إلا اختلافا يسيرا ، بخلاف أقطع اليد والرجل ، ولأن التقدير لا يصار إليه إلا بتوقيف ، ولم يوجد هنا ، فلو قطع يد صحيح قطعت يده .

التالي السابق


الخدمات العلمية