صفحة جزء
ويستحب للرجل أن يصلي في ثوبين فإن اقتصر على ستر العورة أجزأه إذا كان على عاتقه شيء من اللباس ، وقال القاضي : يجزئه ستر العورة في النفل دون الفرض .


( ويستحب للرجل ) حرا كان أو عبدا ( أن يصلي في ثوبين ) ذكره بعضهم إجماعا ، قال ابن تميم وغيره : مع ستر رأسه بعمامة لما روى أبو هريرة : أن سائلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في ثوب واحد ، فقال : أولكلكم ثوبان متفق عليه ، زاد البخاري : ثم سأل رجل عمر فقال : إذا وسع الله عليكم فأوسعوا ، وقال إبراهيم : كانوا يستحبون إذا وسع الله عليهم أن لا يصلي أحدهم في أقل من ثوبين ، قال القاضي : وهو في الإمام آكد ، ونقله أبو طالب ، لأنه بين يدي المأمومين ، وتتعلق صلاتهم بصلاته ، وصرح ابن تميم أنه لا يكره أن يصلي في ثوب واحد إذا ستر عورته وعاتقيه قال في " الشرح " : فإن لم يكن إلا ثوب واحد فالقميص أولى ، لأنه أبلغ ، ثم الرداء ، ثم المئزر ، والسراويل ( فإن اقتصر على ستر ) هو بفتح السين : مصدر ستر ، وبكسرها : ما يستر به [ ص: 365 ] ( العورة أجزأه إذا كان على عاتقه ) هو موضع الرداء من المنكب ( شيء من اللباس ) يجب ستر عاتقه ، نص عليه مع القدرة ، ذكره الجماعة ، لما روى أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء رواه البخاري ، ومسلم ، وقال : على عاتقيه ، ولأحمد : اللفظان ، وظاهره لا فرق بين الفرض والنفل ، وهو ظاهر الخرقي لقول إبراهيم : كانوا يكرهون إعراء المناكب في الصلاة . رواه سعيد ، ولأن ما اشترط للفرض اشترط للنفل كالطهارة ، وعنه : سنة ، لأنه ليس بعورة أشبه بقية البدن ، وعلى الأول : يجزئه ستر أحد عاتقيه ، نص عليه ، وهو قول الأكثر ، وعنه : يجب سترهما ، ذكره السامري ، وصاحب " التلخيص " واقتصر ابن هبيرة في حكايته عن أحمد . وفي وجه يجزئه ستر عاتقيه أو أحدهما ، قدمه في " الرعاية " وفي آخر : يجزئه وضع خيط ، ونحوه ، لأن هذا شيء فيتناوله الخبر ، وفي آخر : يجزئه ما يسمى لباسا ، وإن قل دون حبل ، ونحوه ، وهذا ظاهر الخرقي ، وقدمه في " الكافي " ومتى قلنا بوجوبه فهو شرط لصحة الصلاة في ظاهر المذهب ، قال القاضي : وعليه أصحابنا ، لأن النهي يقتضي فساد المنهي عنه ، وعنه : ليس بشرط ، ذكره القاضي ، وابن عقيل ، وحملها المؤلف على أنه لا يجب ستر المنكبين جميعا لا أنها تنفي الشرطية ( وقال القاضي : يجزئه ستر العورة في النفل دون الفرض ) يعني إذا اقتصر على ستر العورة دون المنكبين أجزأه في صلاة النفل دون الفرض ، نص عليه في رواية حنبل ، ذكره السامري وغيره ، وجزم به في " الوجيز " وقدمه في " الرعاية " لأن مبناه على التخفيف ، ولذلك يسامح فيه بترك القيام والاستقبال في حال سيره مع القدرة ، فسومح فيه بهذا القدر .

التالي السابق


الخدمات العلمية