صفحة جزء
وما يحمله كل واحد من العاقلة غير مقدر ، ولكن يرجع فيه إلى اجتهاد الحاكم ، فيحمل كل إنسان منهم ما يسهل ولا يشق ، وقال أبو بكر : يجعل على الموسر نصف دينار ، وعلى المتوسط ربعا ، وهل يتكرر ذلك في الأحوال الثلاثة أو لا ؛ على وجهين ، ويبدأ بالأقرب فالأقرب ، فمتى اتسعت أموال الأقربين لها ، لم يتجاوزهم ، وإلا انتقل إلى من يليهم ، وإن تساوى جماعة في القرب وزع القدر الذي يلزمهم بينهم .


( وما يحمله كل واحد من العاقلة غير مقدر ) لأن التقدير من الشرع ، ولم يرد به ( ولكن يرجع فيه إلى اجتهاد الحاكم ) لأنه لا نص فيه ، فوجب الرجوع في تقديره إلى اجتهاد الحاكم كتقدير النفقات ( فيحمل كل إنسان منهم ما يسهل ولا يشق ) نص عليه لأن التحمل على سبيل المواساة للقاتل والتخفيف عنه ، ولا [ ص: 24 ] يخفف عن الجاني ما يثقل على غيره ويجحف به كالزكاة ، ولأن الإجحاف لو كان مشروعا كان الجاني أحق به ، فإذا لم يشرع في حقه فغيره أولى ( وقال أبو بكر : يجعل على الموسر ) وهو مالك نصاب عند حلول الحول فاضلا عنه كحج وكفارة ظهار ( نصف دينار ) لأنه أقل ما يتقدر في الزكاة ( وعلى المتوسط ربعا ) قوله رواية عن أحمد ، لأن ما دون ذلك تافه لا تقطع اليد فيه ( وهل يتكرر ذلك في الأحوال الثلاثة أو لا ؛ على وجهين ) كذا في المحرر والفروع ، أحدهما : يتكرر ، لأنه حق يتعلق بالحول على سبيل المواساة ، فيتكرر بتكرار الحول كالزكاة ، والثاني : لا ، إلى إيجاب أكثر من أقل الزكاة ، فيكون مضرا ، فعلى الأول يجب على الموسر دينار ونصف ، وعلى المتوسط ثلاثة أرباع لتكرره ، وعلى الثاني نصف على الموسر وربع على المتوسط ، لأنه لا يتكرر ( ويبدأ بالأقرب فالأقرب ) كالميراث سواء ( فمتى اتسعت أموال الأقربين لها ، لم يتجاوزهم ) لأنه حق يستحق بالتعصيب ، فقدم الأقرب فالأقرب ، ويقدم من يدلي بأبوين على من يدلي بأب في الأشهر كالميراث ، وفي الآخر سواء ، لأنه لا يستفاد بالتعصيب ، وذكر ابن عقيل في مساواة أخ لأبوين روايتين ، وخرج منها مساواة بعيد لقريب ويؤخذ من بعيد لغيبة قريب ، وقيل : يكتب الإمام إلى قاضي بلد الأقرب الغائب ليطالبه بها ( وإلا ) أي : وإن لم تتسع أموال الأقربين لها ( انتقل إلى من يليهم ) لأن الأقربين لم يكونوا موجودين فعلقت الدية بمن يليهم ، وكذا إذا تحمل الأقربون ما وجب عليهم وبقيت بقية ( وإن تساوى جماعة وزع القدر الذي يلزمهم بينهم ) نص عليه ، لأنهم استووا في [ ص: 25 ] القرابة ، فكانوا سواء كما لو قتلوا ، وكالميراث ، وقال ابن حمدان : ويحتمل أن يأخذ الإمام ممن شاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية