صفحة جزء
[ ص: 54 ] فصل وإذا اجتمعت حدود الله تعالى ، فيها قتل ، استوفي القتل وسقط سائرها ، وإن لم يكن فيها قتل ، فإن كانت من جنس ، مثل إن زنى ، أو سرق ، أو شرب مرارا ، أجزأ حد واحد ، وإن كانت من أجناس استوفيت كلها ، ويبدأ بالأخف فالأخف .


فصل

( وإذا اجتمعت حدود الله تعالى فيها قتل ، استوفي القتل وسقط سائرها ) قال في المغني : لا يشرع غيره لقول ابن مسعود ، رواه سعيد من رواية مجالد ، وقد ضعفه الأكثر ، ولم نعرف له في الصحابة مخالفا ، وكالمحارب إذا قتل وأخذ المال ، فإنه يكتفى بقتله ، ولأن هذه الحدود لمجرد الزجر ، وقتله بخلاف القصاص ، فإن فيه غرض التشفي والانتقام ( وإن لم يكن فيها قتل فإن كانت من جنس ، مثل إن زنى أو سرق أو شرب مرارا أجزأ حد واحد ) بغير خلاف علمناه ، قال ابن المنذر : أجمع عليه كل من نحفظ عنه ، قال أحمد : يقام عليه الحد مرة لأن الغرض الزجر عن إتيان مثل ذلك في المستقبل ، وهو حاصل بالحد الواحد ، لأن الواجب هنا من جنس واحد ، فوجب التداخل كالكفارات ، وذكر ابن عقيل رواية : لا تداخل في السرقة ، وفي البلغة : يقطع واحد على الأصح ، وفي المستوعب رواية : إن طالبوا متفرقين قطع لكل واحد ، قال أبو بكر : العمل على خلافها ، ثم قال شيخنا : قول الفقهاء تتداخل دليل على أن الثابت أحكام ، وإلا فالشيء الواحد لا يعقل فيه تداخل ، فالصواب أنها أحكام ، وعلى ذلك نص الأئمة ، قال أحمد في لحم خنزير ميت : فأثبت فيه تحريمين ( وإن كانت من أجناس استوفيت كلها ) بغير خلاف علمناه ، لأن التداخل إنما هو في الجنس الواحد ، فلو سرق وأخذ المال في المحاربة قطع لذلك ، ويدخل فيه القطع في السرقة ، لأن محل القطعين واحد ( ويبدأ بالأخف فالأخف ) [ ص: 55 ] وجوبا ، قاله في الفروع ، فعلى هذا يبدأ بالحد للشرب ، ثم للسرقة ، ثم للزنا ، لأن الأول أخف ، ولا يوالي بين هذه الحدود ، لأنه ربما يفضي إلى التلف ، وفي المغني والشرح أنه على سبيل الاستحباب ، فلو بدأ بغير الأخف جاز .

التالي السابق


الخدمات العلمية