صفحة جزء
فصل ومن قتل أو أتى حدا خارج الحرم ثم لجأ إليه ، لم يستوف منه فيه ، ولكن لا يبايع ولا يشارى حتى يخرج فيقام عليه .


فصل

( ومن قتل ) أو جرح ( أو أتى حدا خارج الحرم ) أي : حرم مكة [ ص: 57 ] المشرفة للنص ، وفي التعليق وجه : أن حرم المدينة كمكة ، لما روى مسلم عن أبي سعيد مرفوعا ، قال : إني حرمت المدينة حراما ما بين مأزميها ، ألا يهراق فيها دم ، ولا يحمل فيها سلاح لقتال ( ثم لجأ إليه ) أي : إلى الحرم ( لم يستوف منه فيه ) في ظاهر المذهب ، قال أبو بكر : والعمل عليه ، وعنه : يستوفى فيه كل شيء إلا القتل ، لقوله عليه السلام : لا يسفك فيها دم ولا شك أن حرمة النفس أعظم ، فلا يقاس عليها غيرها ، وقال بعض الأئمة : يستوفى منه الكل للعمومات ، ولأنه عليه السلام قتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة ، ولأنه حيوان أبيح قتله ، لعصيانه أشبه الكلب العقور ، وجوابه قوله تعالى : ومن دخله كان آمنا [ آل عمران : 97 ] أي : فأمنوه ، لأنه خبر أريد به الأمر ، ولأنه عليه السلام حرم سفك الدم بها ، وقوله عليه السلام ، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدفع ما احتجوا به من قتل ابن خطل ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم إن أعدى الناس على الله من قتل في الحرم رواه أحمد من حديث عبد الله بن عمرو وأبي شريح ، وقال ابن عمر : لو وجدت قاتل عمر في الحرم ما هيجته . رواه أحمد . وكذا إذا لجأ إليه حربي أو مرتد لم يجز أخذه به فيه كحيوان صائل ، ذكره المؤلف ( ولكن لا يبايع ولا يشارى ) لقول ابن عباس ، وفي المستوعب والرعاية : ولا يكلم ، نقله أبو طالب ، زاد في الروضة : ولا يآكل ولا يشارب ، لأنه لو أطعم أو أووي لتمكن من الإقامة دائما ، فيضيع الحق ( حتى يخرج ، فيقام عليه ) في قول ابن عباس ، في الذي يصيب حدا [ ص: 58 ] ثم يلجأ إلى الحرم : يقام عليه الحد إذا خرج من الحرم ، حكاه أحمد ، نقله الأثرم ، وروي عن عمر وابن الزبير ، قال الزهري : من قتل في الحل ثم دخل الحرم أخرج إلى الحل فيقتل فيه ، ومن قتل في الحرم قتل فيه ، وهذا هو السنة ، والآدمي حرمته عظيمة ، وإنما أبيح قتله لعارض ، أشبه الصائل من الحيوانات المباحة ، فإن الحرم لا يعصمها ، فلو استوفى من له الحق فيه ، أساء ولا شيء عليه .

فرع : ذكر جماعة أن من أتى حدا ثم لجأ إلى داره فهو كالحرم ، وحينئذ لا يخرج منها ، بل يضيق عليه حتى يخرج ، فيقام عليه

التالي السابق


الخدمات العلمية