صفحة جزء
وإذا سرق نصابا ، ثم نقصت قيمته ، أو ملكه ببيع ، أو هبة ، أو غيرها ، لم يسقط القطع . وإن دخل الحرز ، فذبح شاة قيمتها نصاب ، فنقصت عن النصاب ، ثم أخرجها ، لم يقطع ، وإن سرق فرد خف قيمته منفردا درهمان ، وقيمته وحده مع الآخر أربعة ، لم يقطع ، إن اشترك جماعة في سرقة نصاب قطعوا ، سواء أخرجوه جملة ، أو أخرج كل واحد جزءا .


( وإذا سرق نصابا ثم نقصت قيمته ) أي : بعد الإخراج ، لأن النقصان وجد في العين بعد استحقاقها القطع ، أشبه ما لو نقص باستعماله ، ولأنه تعتبر قيمة النصاب حال إخراجه من الحرز ، وهو موجود ( أو ملكه ببيع ، أو هبة ، أو غيرها ، لم يسقط القطع ) لما روى صفوان بن أمية أنه نام على ردائه في المسجد ، فأخذ من تحت رأسه ، فجاء بسارقه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمر بقطعه ، فقال صفوان : يا رسول الله ، لم ؛ إن هذا ردائي عليه صدقة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هلا كان هذا قبل أن تأتيني به . رواه ابن ماجه . ولأن النصاب شرط فلم تعتبر استدامته كالحرز ، لكن إن ملك العين قبل رفعه إلى الحاكم ، والمطالبة بها عنده ، لم يجب القطع بغير خلاف علمناه ، قال أحمد : إذا رفع إليه لم يكن لرافعه عفو ، وظاهر الواضح ، وغيره : قبل الحكم ، قال أحمد : تدرأ الحدود بالشبهات ، فإذا صار إلى السلطان ، وصح عنده الأمر بالبينة أو الاعتراف ، وجب عليه إقامته عند ذلك ، وقال أبو بكر [ ص: 122 ] وجزم به آخرون : لو ملكه سارقه قطع ، وجزم به ابن هبيرة ، عن أحمد ( وإن دخل الحرز ، فذبح شاة قيمتها نصاب ، فنقصت عن النصاب ، ثم أخرجها ، لم يقطع ) لأن من شرط وجوب القطع أن يخرج من الحرز العين ، وهي نصاب ، ولم يوجد ، وإن كانت قيمتها مذبوحة نصابا قطع بإخراجها ، وإن قلنا : إنها ميتة فلا ( وإن سرق فرد خف قيمته منفردا درهمان ، وقيمته وحده مع الآخر أربعة ، لم يقطع ) لأنه لم يسرق نصابا ، والمشروط عدم عند عدم شرطه ، فلو كانت قيمة كل منهما منفردا درهما ، ومعا عشرة ، غرم ثمانية المتلف ، ونقص التفرقة ، وقيل : درهمين ، وكذا جزءا من كتاب ، ذكره في التبصرة .

فرع : إذا أتلف وثيقة لغيره بما لا يثبت إلا بها ، ففي إلزامه ما تضمنته احتمالان : أقواهما : يلزمه ، ومثله يتعلق بالضمان في كتمان الشهادة ، ويقطع بسرقته منديلا بطرفه دينار مشدود يعلمه ، وقيل : أو يجهله ، صححه في " المذهب " : كجهله قيمته .

( إن اشترك جماعة في سرقة نصاب قطعوا ) ذكره الخرقي والأصحاب ، كهتك الحرز ، وكالقصاص ( سواء أخرجوه جملة ، أو أخرج كل واحد جزءا ) نص عليه ، لأنهم اشتركوا في هتك الحرز ، وإخراج النصاب فلزمهم القطع ، كما لو كان ثقيلا فحملوه ، وفارق القصاص ، فإنه يعتمد المماثلة ، ولا توجد المماثلة ، إلا أن توجد أفعالهم في جميع أجزاء اليد ، وهنا القصد الزجر من غير اعتبار مماثلة ، وعنه : يقطع من أخرج نصابا ، وهو قول أكثرهم ، قال في المغني : وهذا [ ص: 123 ] أحب إلي ، لأن القطع هنا ليس هو في معنى المجمع عليه ، فلا يجب ، والاحتياط في سقوطه أولى من الاحتياط في إيجابه ، لأنه مما يدرأ بالشبهة ، وقيل : إن لم يقطع بعضهم لشبهة ، فلا قطع ، قال في المستوعب : والأول أصح ، وعليه التفريع ، فإن كان أحدهم لا يقطع بسرقته منه ، لولادة ، أو سيادة ، أو عدم تكليف ، قطع غيره في الأصح إن أخذ نصابا ، وقيل : أو أقل ، ولم يذكر في " المستوعب " و " المحرر " ، إلا أن أحدهم إذا لم يقطع قطع الأجنبي ، فلو أقر بمشاركة آخر في سرقة نصاب ولم يقر الآخر ، ففي القطع وجهان .

فرع : إذا سرق نصابا لجماعة من حرز قطع على الأصح ، فلو سرق ما ظنه نصاب نقد لم يقطع ، ذكره في " المستوعب " ، و " الرعاية " .

التالي السابق


الخدمات العلمية