صفحة جزء
فصل : الرابع : أن يخرجه من الحرز . فإن سرق من غير حرز ، أو دخل الحرز ، فأتلفه فيه ، فلا قطع عليه . وإن ابتلع جوهرا أو ذهبا ، وخرج به ، أو نقب ، ودخل ، فترك المتاع على بهيمة ، فخرجت به ، أو في ماء جار ، فأخرجه ، أو قال لصغير أو معتوه : ادخل فأخرجه ، ففعل ، فعليه القطع . وحرز المال ما جرت العادة بحفظه فيه ، ويختلف باختلاف الأموال ، وعدل السلطان وجوره ، وقوته ، وضعفه ، فحرز الأثمان ، والجواهر ، والقماش في الدور ، والدكاكين في العمران وراء الأبواب ، والأغلاق الوثيقة ، وحرز البقل ، والباقلاء ، ونحوه ، وقدوره وراء الشرائج إذا كان في السوق حارس ، وحرز الحطب ، والخشب الحظائر ، وحرز المواشي الصير ، وحرزها في المرعى بالراعي ، ونظره إليها ، وحرز حمولة الإبل بتقطيرها ، وقائدها ، وسائقها إذا كان يراها ، وحرز الثياب في الحمام بالحافظ ، وحرز الكفن في القبر على الميت ، فلو نبش قبرا ، وأخذ الكفن قطع ، وحرز الباب تركيبه في موضعه ، فلو سرق رتاج الكعبة ، أو باب مسجد ، أو تأزيره ، قطع ، ولا يقطع بسرقة ستارتها ، وقال القاضي : يقطع بسرقة المخيطة عليها ، وإن سرق قناديل المسجد ، أو حصره ، فعلى وجهين . وإن نام إنسان على ردائه في المسجد ، فسرقه سارق ، قطع ، وإن مال رأسه عنه ، لم يقطع بسرقته . وإن سرق من السوق غزلا ، وثم حافظ ، قطع ، وإلا فلا ، ومن سرق من النخل ، أو الشجر من غير حرز ، فلا قطع عليه ، ويضمن عوضها مرتين . وقال أبو بكر : ما كان حرزا لمال فهو حرز لمال آخر .


فصل .

( الرابع : أن يخرجه من الحرز ) في قول أكثرهم ، وعن عائشة والنخعي فيمن جمع المتاع ولم يخرج به من الحرز : عليه القطع ، قال سعيد : ثنا هشيم ، [ ص: 125 ] أنا يحيى بن سعيد ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، قال : ذكر لعائشة قول من يقول : لا قطع على السارق حتى يخرج المتاع ، فقالت عائشة : لو لم أجد إلا شفرة لحززت بها يده ، وعنه : لا يشترط الحرز ، قال ابن المنذر : ليس فيه خبر ثابت ، والأول شبيه بالإجماع ، لما روي عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الثمار ، فقال : ما أخذ من غير أكمامه ، واحتمل ، ففيه قيمته ومثله معه ، وما كان من الحرز ، ففيه القطع إذا بلغ ثمن المجن . رواه أبو داود ، وابن ماجه . وبهذا تخص الآية كما خصصناها بالنصاب ( فإن سرق من غير حرز ، أو دخل الحرز فأتلفه فيه ) بأكل أو غيره ( فلا قطع عليه ) لفوات شرطه ، لكن يلزمه ، لأنه أتلفه ، ولا يقطع حتى يخرجه من الحرز ، سواء حمله إلى منزله ، أو تركه خارجا من الحرز ( وإن ابتلع جوهرا أو ذهبا وخرج به ) من الحرز فعليه القطع ، أشبه ما لو أخرجه في كمه ، وكلامه شامل ما إذا خرجا منه أو لا ، لكن إن لم يخرج ما ابتلعه فلا قطع ، ذكره في " الكافي " ، و " الشرح " ، وهو قول القاضي ، وابن عقيل ، وقيل : يقطع قدمه في " المحرر " ، و " الرعاية " ، وإن خرج منه ، فقيل : يقطع كما لو أخرجه من كمه ، وقيل : لا ، لأنه ضمنها بالبلع ، فكان إتلافا لها لا سرقة ( أو نقب ، ودخل ، فترك المتاع على بهيمة ، فخرجت به ) من غير سوقها ، لأن العادة مشي البهيمة بما وضع عليها ، ( أو في ماء جار ) وقيل : وراكد ، ( فأخرجه ) المتاع إلى حائل من الدار ، فأطارته الريح ، فهذا فيه وجهان .

أحدهما : لا قطع ، لأن ذلك لم يكن آلة للإخراج ، وإنما هو بسبب حادث من غير فعله .

والثاني : يقطع ، لأن فعله سبب خروجه ، أشبه [ ص: 126 ] ما لو ساق البهيمة .

فرع : إذا رمى المتاع ، فأطارته الريح فأخرجته ، أو فتح طاقا فسقط منه طعام ، أو غيره قدر نصاب ، أو أخرجه من الحرز ورماه خارجا عنه ، أو رده إليه ، قطع ، لأنه متى ابتدأ الفعل منه لم يؤثر فعل الريح ، كما لو رمى صيدا ، فأعانت الريح السهم حتى قتل ، فإنه يحل ، ولو رمى الجمار ، فأعانتها الريح حتى وقع في المرمى احتسب به ، ( أو قال لصغيره ، أو معتوه : ادخل ، فأخرجه ، ففعل ، فعليه القطع ) لأنه لاختياره لهما فهما كالآلة ، ولو أمرهما شخص بالقتل ، قتل الآمر .

تنبيه : إذا أخرج خشبة أو بعضها من الحرز لم يقطع ، لأن بعضها لا ينفرد عن بعض ، وكذا لو أمسك عمامة ، وطرفها في يد صاحبها ، وإن أخرج بعض نصاب ، ثم دخل فأخرج تمامه وقرب ، قطع ، وكذا إن بعد في وجه ، وقدمه في " الترغيب " ، وقيل : إن كان في ليلة قطع ، لا ليلتين ، وإن علم المالك بهتكه وأهمله ، فلا قطع ، قال القاضي : قياس قول أصحابنا يبنى فعله على فعل غيره ، ولو فتح أسفل كوارة ، فخرج العسل شيئا فشيئا ، قطع .

فرع : إذا علم قردا السرقة فالغرم فقط ، ذكره أبو الوفا ، وابن الزاغوني .

( وحرز المال ما جرت العادة بحفظه فيه ، ويختلف باختلاف الأموال ، وعدل السلطان ، وجوره ، وقوته وضعفه ) لأنه لما لم يثبت في الشرع ، علم أنه رد ذلك إلى العرف ، لأنه طريق إلى معرفته ، فرجع إليه كما رجعنا إلى معرفة القبض ، والفرقة في البيع ، وأشباه ذلك إليه ، هذا ظاهر قول أصحابنا ( فحرز الأثمان [ ص: 127 ] والجواهر والقماش في الدور والدكاكين ، في العمران وراء الأبواب والأغلاق الوثيقة ) وهو اسم للقفل خشبا كان أو حديدا ، أو يكون فيها حافظ ، لأن العادة في حرز ذلك بذلك ، وفي " الترغيب " وغيره : في قماش غليظ وراء غلق ، وفي تفسير ابن الجوزي : ما جعل للسكنى ، وعن أحمد في البيت الذي ليس عليه غلق ، فسرق منه : أراه سارقا ، وهذا محمول على أن أهله فيه ، فإن كانت الأبواب مفتوحة وفيها خزائن مغلقة فالخزائن حرز لما فيها ، والبيوت التي في البساتين ، أو الطرق ، أو الصحراء إن لم يكن فيها أحد فليست حرزا ، وإن كانت مغلقة وفيها حافظ فهي حرز ، وإن كان نائما ، وإن كانت مفتوحة فلا ، إلا أن يكون الحافظ يقظان .

تتمة : الخيمة والخركاة كذلك ، سواء سرق من ذلك ، وهو مفتوح الباب ، أو لا باب له ، إلا أنه محجر بالبناء ، فإن سرق صندوقا فيه متاع أو دابة عليها متاع ولا حافظ لم يقطع ، وإن سرق المتاع الذي فيه قطع ، وعنه : إن الصناديق التي في السوق ، وإن حملت كما هي قطع ، وحمله القاضي ، وابن عقيل على أن معها شيئا ( وحرز البقل ، والباقلاء ونحوه ، وقدوره وراء الشرائج ) واحدها شريجة ، وهو : شيء يعمل من قصب ، أو نحوه ، يضم بعضه إلى بعض بحبل ، أو غيره ( إذا كان في السوق حارس ) لأن العادة جرت بإحرازها به ( وحرز الخشب والحطب ) والقصب ( الحظائر ) واحدتها حظيرة ، وهي : ما يعمل للإبل ، والغنم من الشجر تأوي إليه ، وأصل الحظر : المنع ، فيعبئ بعضه على بعض ، ويقيده بقيد ، بحيث يعسر أخذ شيء منه على ما جرت به العادة ، إلا أن يكون في فندق مغلقا [ ص: 128 ] عليه ، فيكون محرزا ، وإن لم يقيد ، ذكره في " الكافي " ، و " الشرح " ، وفي " التبصرة " : حرز حطب تعبئته ، وربطه بالحبال ، وكذا ذكره أبو محمد الجوزي .

فرع : حرز السفن في الشط بربطها .

( وحرز المواشي ) جمع ماشية ( الصير ) واحدها صيرة ، وهي حظيرة الغنم ، ( وحرزها في المرعى بالراعي ونظره إليها ) لأن العادة حرزها بذلك ، فما غاب عن مشاهدته ، فقد خرج عن الحرز لأن الراعية هكذا تحرز ( وحرز حمولة الإبل بتقطيرها ، وقائدها ، وسائقها إذا كان يراها ) وجملته : أن الإبل تنقسم إلى ثلاثة أقسام : باركة ، وراعية ، وسائرة ، فحرز الباركة المعقولة بالحافظ يقظان كان أو نائما ، لأن العادة أن صاحبها يعقلها إذا نام ، فإن لم تكن معقولة ، فحرزها بحافظ يقظان ، وحرز الراعية بنظر الراعي إليها ، فما غاب عن نظره ، أو نام عنها فليس بمحرز ، لأن الراعية إنما تحرز بالراعي ونظره إليها ، وحرز السائرة الحمولة بسائق يراها ، مقطرة كانت أو غير مقطرة ، أو بتقطيرها مع قائد يراها ، وفي " الترغيب " ، و " الشرح " : يكثر الالتفات إليها ، ويراها إذا التفت ، وأما الأول منها فهو محرز بقوده ، والحافظ الراكب فيما وراءه كقائد ، ولو سرق مركوبه من تحته فلا قطع ، وفيه احتمال ، وإن سرقه براكبه الرقيق ، وهما يساويان نصابا قطع ، وإن كان حرا ومعه ما يساوي نصابا فوجهان ( وحرز الثياب في الحمام بالحافظ ) جزم به المؤلف ، وفي " الوجيز " ، وقدمه في الفروع ، كما لو كان في البيت ، وعنه : لا قطع إلا أن يكون على المتاع قاعد ، صححه المؤلف لأنه مأذون [ ص: 129 ] للناس في دخوله ، فجرى مجرى سرقة الضيف من البيت المأذون في دخوله ، ولأنه لا يمكن الحافظ من حفظه فيه ، وإن فرط في الحفظ ، فنام ، أو اشتغل ، فلا قطع ، ويضمن ، وفي " الترغيب " : إن استحفظه ربه صريحا ، وفيه : لا تبطل الملاحظة بفترات ، وأعراض يسيرة ، بل بتركه وراءه ، وظاهره : أنه إذا سرق من الحمام ، ولا حافظ فيه ، فلا قطع في قول عامتهم .

فرع : وحرز الثياب في أعدال ، أو غزل في سوق ، وخان ، وما كان مشتركا في الدخول إليه بحافظ على الأصح ، وقيل : ليس الحمامي حافظا بجلوسه ، ولا الذي يدخل الطاسات .

( وحرز الكفن في القبر على الميت ، فلو نبش قبرا وأخذ ، الكفن قطع ) روي عن ابن الزبير ، وقاله الحسن ، وعمر بن عبد العزيز لقول عائشة : سارق أمواتنا كسارق أحيائنا ، ولأنه سرق مالا محترما من حرز ، فوجب القطع به كغيره ، ولأنه يوضع فيه عادة ولا يعد واضعه مفرطا ، وعنه : لا قطع ، وعنه : إلا أن يخرج الميت من القبر ، ويأخذه منه ، ذكرها في " النهاية " ، وظاهره : لا فرق في القبر أن يكون في حرز ، أو لا ، كالصحراء ، قاله جماعة ، وفي الواضح : من مقبرة مصونة بقرب البلد ، ولم يقل في " التبصرة " مصونة ، ولا بد أن يكون الكفن مشروعا ، وأن يخرجه من القبر ، لأنه حرز ، فإن أخرجه من اللحد ، ووضعه في القبر فلا قطع ، وما زاد على الكفن المشروع كاللفافة ، والرابعة ، أو ترك معه طيبا ، فلا قطع في شيء من ذلك ، وفي الخلاف : يقطع بسرقة الطيب ، لأنه من السنة ، وفي كونه ملكا له أو لوارثه ، فيه وجهان ، وعليهما هو خصمه ، فإن عدم فنائب الإمام ، ولو كفنه [ ص: 130 ] أجنبي ، وقيل : هو ، ويستثنى على المذهب ما إذا أكله ضبع ، فإن كفنه إرث ، ولا يقطع سارقه ، وهل يفتقر في قطع النباش إلى مطالبة ؛ فيه وجهان .

( وحرز الباب تركيبه في موضعه ) مفتوحا كان أو مغلقا ، لأنه هكذا يحفظ ، وفي " الترغيب " : حرز باب ، أو خزانة بغلقه ، أو غلق باب الدار عليه ، وحرز جدار الدار كونه مبنيا فيه إذا كان في العمران ، أو في الصحراء إذا كان ثم حافظ ، فإن أخذ شيئا من الجدار ، أو خشبة قطع ، وإن هدم الحائط ، ولم يأخذه ، فلا قطع ، وأبواب الخزائن في الدار إن كان باب الدار مغلقا ، فهي محرزة ، وإن كان مفتوحا فلا ، إلا أن يكون فيها حافظ .

فرع : حلقة الباب إن كانت مسمرة فهي محرزة ، وإلا فلا .

( فلو سرق رتاج الكعبة ) وهو : بابها العظيم ، ويقال : أرتج على القارئ ، إذا لم يقدر على القراءة .

( أو باب مسجد ، أو تأزيره ) وهو : ما جعل من أسفل حائطه من لباد أو دفوف ، ونحوه ( قطع ) كباب بيت الآدمي ، والمطالبة بذلك للإمام ، أو من يقوم مقامه ، وقيل : لا قطع ، لأنه ينتفع بهما الناس ، فيكون له فيه شبهة ، كالسرقة من بيت المال ، وقيل : لا يقطع مسلم بباب مسجد ، كحصره ، ونحوها في الأصح ( ولا يقطع بسرقة ستارتها ) أي : الخارجة منها ، نص عليه ، وهو ظاهر المذهب ، قاله ابن الجوزي كغير المخيطة ، ولأنها غير محرزة ( وقال القاضي : يقطع بسرقة المخيطة عليها ) ، وهو رواية ، وقدمه في الرعاية ، لأن ذلك حرز مثلها في العادة ، وحمل ابن حمدان النص على غير المخيطة ( وإن سرق قناديل المسجد أو حصره ، فعلى وجهين ) .

أحدهما : يقطع ، لأن المسجد حرز لها ، فقطع كالباب .

والثاني : لا ، [ ص: 131 ] وهو الأصح ، وجزم به في " الوجيز " ، كالسرقة من بيت المال ، وذكره في " المغني " وجها واحدا ، والأشهر : أنه لا يقطع إذا كان السارق مسلما ، وفي " الكافي " : إنه إذا سرق قناديل مسجد أو حصره ونحوه مما جعل لنفع المصلين فلا قطع .

( وإن نام إنسان على ردائه في المسجد ) ، أو غيره ، أو على مجر فرسه ولم يزل عنه ، أو نعله في رجله ( فسرقه سارق قطع ) لما روى صفوان بن أمية أنه نام في المسجد على ردائه ، فأخذه من تحت رأسه سارق فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطعه ، رواه أبو داود ، وظاهر كلامهم : لا فرق بين أن يكون في البلد ، أو برية ( وإن مال رأسه عنه لم يقطع بسرقته ) لأنه لم يبق محرزا ، وفي " المستوعب " : أنه يجب القطع ما دام عليه شيء من أعضائه حال نومه ، فإن انقلب عنه ولم يبق عليه شيء من أعضائه ، فلا ، ذكره في " الرعاية " وجها ( وإن سرق من السوق غزلا وثم حافظ قطع ) لأن حرزه بحافظه ( وإلا فلا ) أي : إذا لم يكن ثم حافظ فلا قطع ، لأنه محرز ، وفي " المحرر " : هل حرزه بحافظ أم لا ؛ فيه روايتان ( ومن سرق من النخل أو الشجر من غير حرز فلا قطع عليه ) وفاقا ، وقال أبو ثور : إن كان من بستان محرز ففيه القطع ، وقال ابن المنذر : لظاهر الآية ، وكسائر المحرزات ، وجوابه : ما روى رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا قطع في ثمر ، ولا كثر . رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي . وظاهره : ولو كان عليه حائط ، وحافظ ، لكن إن كانت الشجرة في داره ، وهي : محرزة ، فسرق منها نصابا قطع ( ويضمن عوضها مرتين ) لما روى عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده عبد الله ، قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المعلق ، فقال : من أصاب [ ص: 132 ] بفيه من ذي غير متخذ خبنة فلا شيء عليه ومن خرج بشيء منه ، فعليه غرامة مثليه والعقوبة ، ومن سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع . رواه أحمد ، والنسائي ، وأبو داود ، ولفظه له ، قال أحمد : لا أعلم شيئا يدفعه ، وقال أكثر العلماء : لا يجب أكثر من مثله ، قال ابن عبد البر : لا أعلم أحدا قال بوجوب غرامة مثليه ، واحتج أحمد بأن عمر أغرم حاطب بن أبي بلتعة حين نحر غلمانه ناقة رجل من مزينة مثلي قيمتها . رواه الأثرم . قال القاضي في الخلاف : وفي هذا دلالة على أن السرقة في عام المجاعة يضاعف الغرم فيها على قول أحمد ، ولأن الثمار في العادة تسبق اليد إليها ، فجاز أن تغلظ عليه في القيمة ردعا له وزجرا ، بخلاف بقية المواضع ، فإنها في العادة محرزة ، فاليد لا تسرع إليها ، ومقتضاه وإن كان المأخوذ دون نصاب حرز ، وقاله القاضي ، والزركشي .

فرع : لا قطع في عام مجاعة غلاء ، نص عليه ، إذا لم يجد ما يشتريه ، أو يشتري به ، قال جماعة : ما لم يبذل له ، ولو بثمن غال ، وفي " الترغيب " : ما يحيي به نفسه .

( وقال أبو بكر : ما كان حرزا لمال فهو حرز لمال آخر ) لأن الشرع ورد من غير تفصيل ، وحمله أبو الخطاب على قوة السلطان ، وعدله ، وبسط الأمن ، والأصح الأول ، لأنه إنما رجعنا في الحرز إلى العرف والعادة ، فالجواهر لا تحرز في الصير ، فإن أحرزها فيها عد مفرطا ، فكان العمل بالعرف أولى .

فرع : قال أصحابنا : في الماشية تسرق من المرعى - من غير أن تكون محرزة - مثلا قيمتها للخبر ، وما عدا هذين الموضعين لا يضمن بأكثر من قيمته [ ص: 133 ] أو مثله إن كان مثليا ، لأنه الأصل ، خولف في هذين للأثر ، وذهب أبو بكر إلى غرامة من سرق من غير حرز بمثليه ، وهو رواية ، وقدم في " المحرر " أنها تضاعف عليه القيمة ، نص عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية