صفحة جزء
ومن وجب عليه حد لله تعالى سوى ذلك ، فتاب قبل إقامته ، لم يسقط عنه ، وعنه : أنه يسقط بمجرد التوبة قبل إصلاح العمل ، ومن مات وعليه حد سقط عنه .


( ومن وجب عليه حد لله تعالى سوى ذلك ) كالزنا ، والسرقة ، وشرب الخمر ( فتاب قبل إقامته لم يسقط عنه ) ذكره أبو بكر المذهب ، وقاله أكثر العلماء : لعموم آية الزنا ، والسارق ، ولأنه - عليه السلام - رجم ماعزا ، والغامدية ، وقد جاءا تائبين ، ولأن الحد كفارة فلم يسقط بالتوبة ، ككفارة اليمين ، ولأنه مقدور عليه كالمحارب بعد القدرة عليه ( وعنه : أنه يسقط بمجرد التوبة ) نصره القاضي في " الخلاف " وصححه ، وقدمه في " المحرر " و " الفروع " ، وقال : اختاره الأكثر ، وجزم به في " الوجيز " لقوله تعالى : فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما ] النساء : 16 [ [ ص: 153 ] ولقوله : فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه ] المائدة : 39 [ وفي الخبر : التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، ولأنه خالص حق الله تعالى فسقط بالتوبة كحد المحارب ( قبل إصلاح العمل ) ، وكذا في " الوجيز " ، لأن الله تعالى علق الحكم على شرطين ، وأجاب القاضي بأن هذا على طريق التأكيد ، والمبالغة ، لقوله تعالى : والذين لا يدعون مع الله إلها آخر الآيات ] الفرقان : 68 ، [ ومعلوم أنه لا يعتبر صلاح العمل في توبة المشرك ، قال القاضي : لا يعتبر صلاح العمل ، وهو ظاهر كلام أحمد في رواية الميموني ، وأبي الحارث ، لأنها توبة مسقطة للحد أشبهت توبة المحارب قبل القدرة عليه كالإسلام ، فعلى هذا فلا بد من مضي مدة قبل ثبوته ، وقيل : قبل القدرة ، وقيل : قبل إقامته ، وفي بحث القاضي التفرقة بين علم الإمام بهم أو لا ، واختار الشيخ تقي الدين : ولو في الحد لا يكمل ، وإن هربه فيه توبة ، وعنه إن ثبت الحد بنفيه لم يسقط ، ذكرها ابن حامد وغيره ، وعليهما يسقط في حق محارب تاب قبل القدرة عليه ، ويحتمل لا ، كما قبل المحاربة ، وفي " المحرر " و " الوجيز " : لا يسقط بإسلام ذمي ، ومستأمن ، نص عليه ، وذكره ابن أبي موسى في ذمي ، ونقله فيه أبو داود ، وظاهر كلام جماعة : أن فيه الخلاف ( ومن مات وعليه حد سقط عنه ) لفوات محله ، كما يسقط غسل ما ذهب من أعضاء الطهارة .

تذنيب : إذا وجد رجلا يزني مع امرأته فقتله ، فلا قود ولا دية . رواه سعيد ، عن هشيم ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن عمر ، فإن ادعى ذلك لم يقبل في الحكم إلا ببينة ، وهي شاهدان في رواية اختارها أبو بكر ، وأربعة لقول علي ، [ ص: 154 ] وإن كانت مكرهة ضمنها وأثم ، وإن كانت مطاوعة ، فلا .

فائدة : من عرف بأذى الناس وأموالهم فإن لم ينزجر حبس ، وأطعم من بيت المال حتى يموت ، وكذا من ابتدع ببدعة وحمل الناس عليها حبس حتى يكف المسلمين عن بدعته ، نص عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية