صفحة جزء
وما يستخبث كالقنفذ ، والفأر ، والحيات ، والعقارب ، والحشرات كلها ، وما تولد من مأكول ، وغيره ، كالبغل ، والسمع : ولد الضبع من الذئب ، والعسبار : ولد الذئبة من الذيخ ، وفي الثعلب ، والوبر ، وسنور البر ، واليربوع روايتان .


( وما يستخبث ) أي : ما تستخبثه العرب ، والأصح ذو اليسار ، وقيل : على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال جماعة : والمروءة ، فهو محرم ، لقوله تعالى : ويحرم عليهم الخبائث وما استطابته ، فهو طيب ، لقوله تعالى : ويحل لهم الطيبات والذين تعتبر استطابتهم واستخباثهم ، هم أهل الحجاز من أهل الأمصار ، لأنهم هم الذين نزل عليهم الكتاب ، وخوطبوا به وبالسنة ، فرجع مطلق ألفاظها إلى عرفهم ، ولم يعتبر أهل البوادي ، لأنهم للضرورات والمجاعة يأكلون ما وجدوا ، ولهذا سئل بعضهم عما يأكلون ، فقال : كل ما دب ودرج إلا أم جنين ، وما لا تعرفه العرب ، ولا ذكر في الشرع يرد إلى أقرب الأسماء شبها به ، وعن أحمد وقدماء أصحابه : لا أثر لاستخباث العرب ، فإن لم يحرمه الشرع حل ، قاله الشيخ تقي الدين ( كالقنفذ ) لقوله عليه السلام : هو من الخبائث . رواه سعيد ، وأبو داود . قال أبو هريرة : هو حرام . رواه سعيد . وعلل أحمد القنفذ بأنه يبلغه أنه مسخ ، أي : لما مسخ على صورته دل على خبثه ، ولأنه يشبه المحرمات ، ويأكل الحشرات ، أشبه الجرذ ( والفأرة ) وهي الفويسقة ، نص عليه ( والحيات ) جمع حية ، لأمره عليه السلام محرما بقتلها . رواه مسلم . ولأن لها نابا ، نص عليه ( والعقارب ) والوطواط ، نص عليهما ، لقوله تعالى : ويحرم عليهم الخبائث ( والحشرات كلها ) كالديدان ، وبنات وردان ، والخنافس ، والزنابير ، والنحل ، وفيهما رواية في " الإشارة " وفي " الروضة " : يكره ذباب وزنبور ، وفي " التبصرة " : في خفاش ، وخطاف [ ص: 198 ] وجهان ، وكره أحمد الخفاش ، لأنه مسخ ، قال الشيخ تقي الدين : هل هي للتحريم ؛ فيه وجهان ( وما تولد من مأكول وغيره كالبغل ) وهو محرم ، نص عليه عند كل من حرم الحمار الأهلي ( والسمع ولد الضبع من الذئب ، والعسبار ولد الذئبة من الذيخ ) وهو الذكر من الضبعان ، فيكون العسبار عكس السمع ، وظاهره : ولو تميز كحيوان من نعجة ، نصفه خروف ونصفه كلب ، قاله الشيخ تقي الدين ، لا متولد من مباحين كبغل من وحش وخيل ، وما تولد من مأكول طاهر كذباب الباقلاء يؤكل تبعا لا أصلا ، في الأصح فيهما ، وقال ابن عقيل : يحل بموته ، قال : ويحتمل كونه كذباب فيه روايتان .

قال أحمد : في الباقلاء المدود يجتنبه أحب إلي ، وإن لم يتقذره فأرجو ، وقال عن تفتيش الثمر المدود : لا بأس به إذا علمه .

فرع : إذا كان أحد أبويه المأكولين مغصوبا فهو تبع لأمه حلا وحرمة وملكا ( وفي الثعلب والوبر وسنور البر واليربوع روايتان ) وفيه مسائل .

الأولى : أكثر الروايات عن أحمد تحريم الثعلب ، واختارها الخلال ، وقدمها في " الفروع " ، نقل عبد الله أنه قال فيه : لا أعلم أحدا رخص فيه إلا عطاء ، وكل شيء اشتبه عليك فدعه ، ولأنه سبع فيدخل في عموم الخبر ، والثانية : يباح ، اختارها الشريف ، وأبو بكر ، لأنه يفدى في الحرم والإحرام ، والأول : أظهر للنهي عن كل ذي ناب .

الثانية : الوبر ، هو مباح ، قاله في " الشرح " ، واقتصر عليه في " الكافي " ، وقاله عطاء ، وطاوس ، لأنه يأكل النبات ، وليس له ناب يفرس به ، وليس [ ص: 199 ] هو من المستخبثات فكان مباحا كالأرنب ، والثانية : حرام ، وقاله القاضي قياسا على السنور .

الثالثة : سنور البر ، والأشهر أنه محرم ، وقدمه في " الفروع " ، لأنه عليه السلام نهى عن أكل الهر ، فيدخل فيه البري ، والثانية : مباح ، لأنه بري أشبه الحمار البري .

الرابعة : اليربوع ، وهو مباح ، نصره في " الشرح " ، وقدمه في " الكافي " ، وقاله عطاء ، وعروة ، لقضاء عمر ، فإنه حكم فيه بجفرة ، ولأن الأصل الإباحة ، والثانية : حرام ، لأنه يشبه الفأر ، وكبق ، وهذا الخلاف في هدهد وصرد ، وفي سنجاب وجهان ، أحدهما : محرم ، واختاره القاضي ، لأنه ينهش بنابه ، أشبه الجرذ ، والسنور ، والثاني : يباح ، أشبه اليربوع ، وكذا الخلاف في الغداف والفنك .

التالي السابق


الخدمات العلمية