صفحة جزء
فصل ومن مر بثمر في شجر لا حائط عليه ، ولا ناظر فله الأكل منه ولا يحمل . وعنه : لا يحل ذلك إلا لحاجة . وفي الزرع وشرب لبن الماشية روايتان . ويجب على المسلم ضيافة المسلم المجتاز به يوما وليلة ، فإن أبى فللضيف طلبه عند الحاكم ، وتستحب ضيافته ثلاثا ، فما زاد فهو صدقة ، ولا يجب عليه إنزاله في بيته إلا ألا يجد مسجدا أو رباطا يبيت فيه .


فصل .

( ومن مر بثمر في شجر لا حائط عليه ) نص عليه ، ولم يذكره في " الموجز " ، ( ولا ناظر ) ولم يذكره في " الوسيلة " ( فله الأكل منه ) هذا هو المشهور في المذهب ، ونصره في " الشرح " ، ولا ضمان عليه ، وفي " المستوعب " : إنه اختيار [ ص: 210 ] أكثر شيوخنا ، لما روى أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا أتيت حائط بستان فناد صاحب البستان ، فإن أجابك ، وإلا فكل من غير أن تفسد . رواه أحمد وابن ماجه ، ورجاله ثقات . وروى سعيد بإسناد عن الحسن ، عن سمرة مرفوعا نحوه ، وفعله أنس ، وعبد الرحمن بن سمرة ، وأبو برزة ، وهو قول عمر ، وابن عباس ، وقيده ابن الزاغوني بأنه يأكل بقدر شهوته ، ولا يشبع ، فأتى كلامه أنه يجوز الأكل من الساقط ، وصرح به في " المحرر " و " الوجيز " ، وهو ظاهر ، وحكاه في " الفروع " رواية ، وفي " الترغيب " : يجوز لمستأذن ثلاثا للخبر ، وظاهره : أنه إذا كان محوطا بحائط ، أو ناطور فلا يأكل منه ، لأن إحرازه بذلك يدل على شح صاحبه ، وكذا إذا كان مجموعا إلا لمضطر ، ولا يرمي شجرا ، نص عليه ، ولا يصعدها ، ( ولا يحمل ) شيئا بحال ، سواء كان محتاجا أو لا ، لأن الأدلة دلت على جواز الأكل فقط ، فإن في حديث أبي سعيد : فكل من غير أن تفسد ، وفي حديث عمر : ولا تتخذ خبنة ( وعنه : لا يحل ذلك إلا لحاجة ) وقال : قد فعله غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذ قوله : فإن دماءكم وأموالكم حرام عليكم ، الخبر يدل على حرمة الأكل من مال الغير مطلقا ، ترك العمل به مع الحاجة ، لما روى عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده مرفوعا ، أنه سئل عن المعلق ، فقال : ما أصاب منه من ذي الحاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه ، ومن أخرج منه شيئا فعليه غرامة مثله والعقوبة . رواه الترمذي ، وحسنه ، وعنه : الرخصة للمسافر فقط ، وهو وجه في " الرعاية " ، وفي " المستوعب " : لا يختلف قوله فيما سقط للمحتاج وغيره ، واحتج في " الكافي " و " الشرح " لها بقوله عليه السلام لرافع : لا ترم ، [ ص: 211 ] وكل ما وقع صححه الترمذي ، وعنه : ويضمنه ، اختارها في " المبهج " للعمومات ( وفي الزرع ) القائم ( وشرب لبن الماشية روايتان ) كذا في " المحرر " ، و " الفروع " ، وفيه مسألتان .

الأولى : أنه لا يأكل من الزرع القائم شيئا ، لأن الرخصة إنما وردت في الثمار ، لأن الله تعالى خلقها رطبة ، فالنفس تتوق إليها ، بخلاف الزرع .

والثانية ، وهي أشهر : أنه يأكل من الفريك ، لأن العادة جارية بأكله رطبا ، أشبه الثمر ، وألحق به المؤلف وغيره الباقلاء ، والحمص الأخضر ، وهو ظاهر الثانية في شرب لبن الماشية يجوز في رواية ، لما روى الحسن ، عن سمرة مرفوعا ، قال : إذا أتى أحدكم على ماشية فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه ، وإن لم يجبه أحد فليحتلب ، وليشرب ، ولا يحمل . رواه الترمذي ، وصححه ، وقال : العمل عليه عند بعض أهل العلم ، والثانية : لا يجوز لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يحتلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه . متفق عليه . وحملها في " الرعاية " على ما إذا لم يكن لها حائط ، أو حافظ ، وهذا إذا لم يكن مضطرا ، فإن كان كذلك جاز مطلقا ، ويقدمه على الميتة ، لأنه مختلف فيه ، فهو أسهل .

( ويجب على المسلم ضيافة المسلم المجتاز به ) قال أحمد : الضيافة على المسلمين ، كل من نزل به ضيف كان عليه أن يضيفه ، لما روى المقداد بن كريمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليلة الضيف واجبة على كل مسلم فإن أصبح بفنائه محروما كان دينا عليه إن شاء اقتضاه ، وإن شاء ترك . رواه سعيد وأبو داود ، وإسناده ثقات ، وصححه في " الشرح " ، وروى أحمد وأبو داود : فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه وفي حديث عقبة : فإن لم يفعلوا فلهم حق الضيف [ ص: 212 ] الذي ينبغي لهم . متفق عليه . وظاهره : أن ضيافة الكافر لا تجب ، وهو كذلك ، بل في رواية : وتجب لذمي ، نقله الجماعة ، واختاره في " المغني " ، و " الشرح " ، لأن الضيافة كصدقة التطوع ، وأنها لا تجب إلا للمسافر ، لكن ظاهر نصوصه أنها تجب لحاضر ، وفيه وجهان للأصحاب ، وفي مصر روايتان منصوصتان ، جزم في " المحرر " ، و " الوجيز " أن المسلم تجب عليه ضيافة المسلم المجتاز به في القرى لا الأمصار ( يوما وليلة ) وهو الأشهر فيه ، نقله الجماعة ، لما روى أبو شريح الخزاعي مرفوعا ، قال : الضيافة ثلاثة أيام ، وجائزته يوم وليلة . متفق عليه . وذكر ابن أبي موسى أنها تجب ثلاثة أيام لهذا الخبر ، وهي قدر كفايته مع أدم ، وفي " الواضح " ، ولفرسه تبن لا شعير ، قال في " الفروع " : ويتوجه وجه : كأدمه ، وأوجب شيخنا المعروف عادة ، قال : كزوجة ، وقريب ، ورفيق ، ومن قدم لضيفانه طعاما لم يجز له قسمته ، لأنه أباحه ، ذكره في " الانتصار " وغيره ( فإن أبى فللضيف طلبه عند الحاكم ) أي : يحاكمه ويطلب حق ضيافته ، فإن تعذر جاز له الأخذ من ماله ، نص عليه ، ونقل الشالنجي إذا بعثوا في السبيل يضيفهم من مروا به ثلاثة أيام ، فإن أبوا أخذوا منهم مثل ذلك ( وتستحب ضيافته ثلاثا ) لخبر أبي شريح ( فما زاد ) أي : على الثلاثة ( فهو صدقة ) لأنه تبرع فكان كصدقة النفل ( ولا يجب عليه إنزاله في بيته ) لما فيه من الحرج ، والمشقة ، والخبر إنما ورد في الضيافة فقط ، وأوجبه في المفردات مطلقا كالنفقة ( إلا ألا يجد مسجدا أو رباطا يبيت فيه ) فيلزمه إنزاله في بيته للضرورة ، وعن عائشة مرفوعا : من نزل بقوم فلا يصومن إلا بإذنهم [ ص: 213 ] رواه الترمذي ، وابن ماجه ، وإسناده ضعيف ، قال في " كشف المشكل " في النهي عن صوم الأضحى : الناس فيه تبع لوفد الله تعالى عند بيته ، وهم كالضيف ، فلا يحسن صومه عند مضيفه .

فائدة : من امتنع من الطيبات بلا سبب شرعي فمذموم مبتدع ، والمنقول عن أحمد أنه امتنع من أكل البطيخ لعدم علمه بكيفية أكل النبي صلى الله عليه وسلم له كذب ، ذكره الشيخ تقي الدين

التالي السابق


الخدمات العلمية