صفحة جزء
باب الذكاة لا يباح شيء من الحيوان المقدور عليه بغير ذكاة إلا الجراد وشبهه ، والسمك وسائر ما لا يعيش إلا في الماء ، فلا ذكاة له . وعنه في السرطان وسائر البحري أنه يحل بلا ذكاة ، وعنه في الجراد : لا يؤكل إلا أن يموت بسبب ككبسه وتغريقه .


باب الذكاة .

يقال : ذكى الشاة ونحوها تذكية ، أي : ذبحها
، والاسم : الذكاة ، والمذبوح ذكي ، فعيل بمعنى مفعول .

( لا يباح شيء من الحيوان ) المباح ( المقدور عليه بغير ذكاة ) ، وقاله في " الوجيز " ، وغيره ، لقوله تعالى : إلا ما ذكيتم ] المائدة : 3 [ ، وقال ابن عقيل في البحري : أو عقر ، لأنه ممتنع كحيوان البر ( إلا الجراد وشبهه ) فإنه يباح بغير ذكاة ، لقوله أحل لنا ميتتان : الحوت ، والجراد . رواه أحمد ، وابن ماجه ، من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، وعبد الرحمن مختلف فيه ، ولأنه لا دم له ، ويباح بما فيه ( والسمك وسائر ما لا يعيش إلا في الماء فلا ذكاة له ) لا نعلم فيه خلافا للأخبار ، ولا فرق بين ما مات بسبب أو بغيره ، وأجمعوا على إباحة ما مات بسبب ، مثل أن صاده إنسان ، أو نبذه البحر ، أو جزر عنه ، واختلف في الطافي ، ونصوصه : لا بأس به ما لم يتقذره ، وعنه : [ ص: 214 ] لا يباح ، لحديث جابر : وما مات فيه وطفا فلا تأكلوه . رواه أبو داود ، والدارقطني . وذكر أن الصواب أنه موقوف ، وفي " عيون المسائل " ، بعد أن ذكر عن الصديق وغيره حله ، قال : وما يروى خلاف ذلك فمحمول على التنزيه ، ولعل المراد عند قائله ، لقوله تعالى : أحل لكم صيد البحر وطعامه ] المائدة : 96 [ ، وهو : ما رمى به ، قال ابن عباس : ما مات فيه ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في البحر : هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته ، وعن أبي شريح مرفوعا ، قال : إن الله ذبح ما في البحر لبني آدم . رواه الدارقطني ، وذكره البخاري عنه موقوفا ، وقال ابن عقيل : ما لا نفس له سائلة يجري مجرى ديدان الخل والباقلاء ، فيحل بموته ، ويحتمل أنه كالذباب ، وفيه روايتان ، فإن حرم لم ينجس ، وعنه : بلى ، وعنه : مع دم .

فرع : كره أحمد شي سمك حي لا جراد ، وقال ابن عقيل فيهما : يكره على الأصح ، ويحرم بلعه حيا ، ذكره ابن حزم إجماعا ، وفي " المغني " و " الشرح " : يكره ( وعنه في السرطان وسائر البحري أنه يحل بلا ذكاة ) لأن السرطان لا دم فيه ، قال أحمد : السرطان لا بأس به ، قيل له : يذبح ؛ قال : لا ، وذلك لأن مقصود الذبح إنما هو إخراج الدم ، وتطييب اللحم بإزالته عنه ، فأما ما لا دم له فلا حاجة إلى ذبحه ، ومقتضاه أن ما كان مأواه البحر ، وهو يعيش في البر ، كطير الماء ، والسلحفاة ، وكلب الماء ، فلا يحل إلا بذبحه ، وهذا هو الصحيح في المذهب ، وعنه : بلى ، وذهب إليه قوم للأخبار ، والأصح في السرطان أنه لا يحل إلا بالذكاة ( وعنه : في الجراد لا يؤكل إلا أن يموت [ ص: 215 ] بسبب ككبسه وتغريقه ) لأن ذلك بمنزلة الذبح له فوجب اعتباره فيه كالذبح في غيره ، والأول المذهب للخبر ، ولأن ما أبيحت ميتته لم يعتبر له سبب بدليل السمك .

التالي السابق


الخدمات العلمية