صفحة جزء
[ ص: 231 ] كتاب الصيد : ومن صاد صيدا فأدركه حيا حياة مستقرة لم يحل إلا بالذكاة . فإن خشي موته ، ولم يجد ما يذكيه به ، أرسل الصائد له عليه ليقتله ، في إحدى الروايتين ، واختاره الخرقي ، فإن لم يفعل وتركه حتى مات لم يحل ، وقال القاضي : يحل ، والرواية الأخرى : لا يحل إلا أن يذكيه .


كتاب الصيد

وهو : في الأصل مصدر صاد يصيد صيدا فهو صائد ، ثم أطلق على المصيد ، تسمية للمفعول بالمصدر .

وأجمعوا على إباحته ، وسنده قوله تعالى : أحل لكم صيد البحر ] المائدة : 96 [ ، وقوله تعالى : يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين الآية ] المائدة : 4 [ ، والسنة شهيرة بذلك ، منها حديث عدي وأبي ثعلبة ، متفق عليهما .

وهو : ما كان وحشيا حلالا غير مقدور عليه ، وهو مباح لنا صيده ، قدمه في الرعاية والفروع ، واستحبه ابن أبي موسى ، ويكره لهوا ، وهو أطيب مأكول ، وقال الأزجي : الزراعة أفضل مكسب ، وقيل : عمل اليد ، وقيل : التجارة ، وأفضلها في بز ، وعطر ، وزرع وغرس ، وماشية ، وأبغضها في رقيق ، وصوف ، وأفضل الصنائع خياطة ، مع أنه نص على أن كل ما نصح فيه فهو حسن ، وأدناها حياكة وحجامة ونحوهما ، وأشدها كراهة : صبغ وصياغة وحدادة ونحوها .

( ومن صاد صيدا فأدركه حيا حياة مستقرة لم يحل إلا بالذكاة ) يعني إذا أدركه متحركا فوق حركة مذبوح ، واتسع الوقت لتذكيته لم يبح إلا بها ، ذكره معظم الأصحاب ، وقدمه في المحرر والفروع ، لأنه مقدور عليه ، [ ص: 232 ] أشبه سائر ما قدر على ذكاته ، ولأن ما كان كذلك فهو في حكم الحي ، بدليل قصة عمر رضي الله عنه ، وعنه : يحل بموته قريبا ، وعنه : دون معظم يوم ، وفي التبصرة : دون نصفه ( فإن خشي موته ولم يجد ما يذكيه به أرسل الصائد له عليه ليقتله ، في إحدى الروايتين ، واختاره الخرقي ) قدمه في الفروع ، وجزم به في الوجيز ، وصححه جماعة منهم السامري ، لأنه صيد قتله الجارح له من غير إمكان ذكاته فأبيح ، كما لو أدركه ميتا ، وعبارة الخرقي : أشلى الصائد ، وفي المغني : معنى أشلى في العربية دعاه ، إلا أن العامة تستعمله بمعنى أغراه ، ويحتمل أن الخرقي أراد دعاه ، ثم أرسله ، وهو ظاهر ، ومقتضاه : أنه إذا لم يخش موته أو وجد معه ما يذكيه بها لم يحل إلا بها ، لأنه مقدور على ذكاته ، وكما لو لم يمكنه الذهاب به إلى منزله فيذكيه ( فإن لم يفعل وتركه حتى مات لم يحل ) جزم به في الوجيز ، وقدمه في المحرر ، لأن الإرسال ذكاة ، ولو قدر على ذكاته فلم يذكه حتى مات لم يحل فكذا هنا ( وقال القاضي ) وعامة أصحابنا ( يحل ) بالإرسال ، قاله في التبصرة ، لأن إدراك الصيد بلا آلة تذكية كلا إدراك ، ولو لم يدركه حيا لحل ، فكذا إذا أدركه بلا آلة ( والرواية الأخرى : لا يحل إلا أن يذكيه ) وهي قول أكثرهم ، لأنه مقدور عليه فلم يبح بقتل الجارح كالأنعام ، وصححه في المغني لأنه حيوان لا يباح بغير التذكية ، إذا كانت معه فلم يبح بغيرها ، إذا لم يكن معه آلة كسائر المقدور على تذكيته ، ومسألة الخرقي على ما يخاف موته إن لم يقتله الحيوان أو يذكى ، فإن كان فيه حياة يمكن بقاؤه إلى أن يأتي إلى منزله فليس فيه اختلاف ، لأنه لا يباح إلا بالذكاة .

[ ص: 233 ] فرع : إذا امتنع عليه من الذبح ، فجعل يعدو منه يومه حتى مات تعبا ونصبا حل ، ذكره القاضي ، واختار ابن عقيل خلافه ، لأن الإتعاب يعينه على الموت ، فصار كالماء

التالي السابق


الخدمات العلمية