صفحة جزء
وإن أدرك الصيد متحركا كحركة المذبوح فهو كالميت ، ومتى أدركه ميتا حل بشروط أربعة ، أحدها : أن يكون الصائد من أهل الذكاة ، فإن رمى مسلم ومجوسي صيدا ، أو أرسلا عليه جارحا ، أو شارك كلب المجوسي كلب المسلم في قتله ، لم يحل . وإن أصاب سهم أحدهما المقتل دون الآخر فالحكم له ، ويحتمل ألا يحل ، وإن رد كلب المجوسي الصيد على كلب المسلم ، فقتله ، حل . وإن صاد المسلم بكلب المجوسي حل ، وعنه : لا يحل ، وإن صاد المجوسي بكلب المسلم لم يحل ، وإن أرسل المسلم كلبا ، فزجره المجوسي ، حل ، وإن أرسله المجوسي ، فزجره المسلم ، لم يحل . .


( وإن أدرك الصيد متحركا كحركة المذبوح فهو كالميت ) أي : لا يحتاج إلى ذكاة ، لأن عقره كذكاته ( ومتى أدركه ميتا حل ) لأن الاصطياد أقيم مقام الذكاة ، والجارح له آلة السكين ، وعقره بمنزلة قطع الأوداج ( بشروط أربعة ، أحدها : أن يكون الصائد من أهل الذكاة ) لقوله عليه السلام : فإن أخذ الكلب ذكاة . متفق عليه . والصائد بمنزلة المذكي فتشترط فيه الأهلية ، وفي المجوسي رواية في ما صاده من سمك وجراد : أنه لا يحل ، لما روى سعيد ، ثنا إسماعيل بن عياش ، حدثني عبد الله بن عبيد الكلاعي ، عن سليمان بن موسى ، عن الحسن ، قال : أدركت سبعين رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يأكلون من صيد المجوس . إسماعيل عن الشاميين حجة .

وفي الأعمى قويل لابن حمدان : إنه لا يحل لتعذر قصده صيدا معينا ، وظاهر ما ذكروه : أن ما لا يفتقر إلى ذكاة كالحوت إذا صاده من لا تباح ذكاته أنه يباح ، واختاره الخرقي ، وصححه في الكافي : أنه لا ذكاة له ، أشبه ما لو وجده ميتا ( فإن رمى مسلم ومجوسي صيدا ، أو أرسلا عليه جارحا ) أو جارحا غير معلم ، أو غير مسمى عليه ( أو شارك كلب المجوسي كلب المسلم في قتله ) أو وجد مع كلبه كلبا لا يعرف مرسله ، أو لا يعرف حاله ، أو مع سهمه سهما كذلك ( لم يحل ) لقول النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل ، وإن وجدت معه غيره فلا تأكل ، إنما سميت على كلبك ولم تسم على [ ص: 235 ] غيره . متفق عليه . ولأنه اجتمع في قتله مبيح ومحرم ، فغلبنا التحريم ، كالمتولد بين ما يؤكل وما لا يؤكل ، ولأن الأصل الحظر ، فإذا شككنا في المبيح رد إلى أصله ، وكذا لو أرسل كلبه المعلم ، فاسترسل معه آخر بنفسه .

فرع : إذا أرسل جماعة كلابا بشرطه ، وسموا ، فوجدوا الصيد قتلا ، لا يدرون من قتله ، حل ، وإن اختلفوا أو كانت الكلاب متعلقة به فهو بينهم ، وإلا كان لمن كلبه متعلق به ، وعلى من حكمنا له به اليمين ، وإن كان قتيلا والكلاب ناحية وقف الأمر حتى يصطلحوا ، وقيل : يقرع بينهم ، وعلى الأول : إن خيف فساده باعوه ثم اصطلحوا على ثمنه .

( وإن أصاب سهم أحدهما المقتل دون الآخر فالحكم له ) قدمه في المحرر والرعاية والفروع ، لأنه هو القاتل ، فوجب أن يترتب عليه الحكم ، وفي الشرح : فإن أصاب أحدهما مقتله دون الآخر ، مثل أن يكون الأول قد عقره موحيا ، ثم أصابه الثاني موح ، فالحكم للأول ، وإن كان الجرح الثاني موحيا ، فهو مباح إن كان الأول مسلما ، لأن الإباحة حصلت به ( ويحتمل ألا يحل ) هذا رواية ، وجزم بها في الروضة ، كما لو أسلم بعد إرساله له ، لكن لو أثخنه كلب المسلم ثم قتله الآخر ، وفيه حياة مستقرة ، حرم ، ويضمنه له .

فرع : إذا رمى سهما ثم ارتد ، أو مات بين رميه وإصابته ، حل .

( وإن رد كلب المجوسي الصيد على كلب المسلم فقتله حل ) لأن جارحة المسلم انفردت بقتله فأبيح ، كما لو رمى المجوسي سهمه ، فرد الصيد ، فأصابه سهم [ ص: 236 ] المسلم فقتله ، أو أمسك المجوسي شاة فذبحها مسلم ( وإن صاد المسلم بكلب المجوسي حل ) ولو كان في ملكه ، ذكر في الكافي : أنه المذهب وفاقا ، وهو غير مكروه ، ذكره أبو الخطاب وأبو الوفا وابن الزاغوني ، لأنه آلة ، أشبه ما لو صاده بقوته وسهمه ( وعنه : لا يحل ) وإن كان لمسلم ، لقوله تعالى : وما علمتم من الجوارح مكلبين ] المائدة : 4 [ وكلب المجوسي غير معلم من مسلم ، وجوابه : أن الآية دلت على إباحة الصيد بما علمناه وما علمه غيرنا ، فهو في معناه ، وكرهه جماعة ، منهم : جابر ، والحسن ، ومجاهد ، والنخعي ، والثوري ، ( وإن صاد المجوسي بكلب المسلم لم يحل ) في قول الجميع ، كما لو صاد بقوسه ، ولأنه ليس من أهل الذكاة ، ( وإن أرسل المسلم كلبا فزجره المجوسي ) فزاد عدوه أو ذبح ما أمسكه له مجوسي بكلبه وقد جرحه غير موح ( حل ) ؛ لأن الصائد هو المسلم وهو من أهل الذكاة ( وإن أرسله المجوسي فزجره المسلم ) وقيل : ولم يزد عدو كلبه بزجر المسلم ( لم يحل ) لأن الصائد ليس من أهل الذكاة إذ العبرة بالإرسال .

التالي السابق


الخدمات العلمية