صفحة جزء
وإن حلف بكلام الله تعالى أو بالمصحف أو بالقرآن فهي يمين فيها كفارة واحدة ، وعنه : بكل آية كفارة ، وإن قال : أحلف بالله ، أو أشهد بالله ، أو أقسم بالله ، أو أعزم بالله كان يمينا . وإن لم يذكر اسم الله لم يكن يمينا إلا أن ينوي ، وعنه : يكون يمينا .


( وإن حلف بكلام الله تعالى أو بالمصحف أو بالقرآن ) أو آية منه ( فهي يمين ) في قول عامتهم ، لأن القرآن كلام الله تعالى وصفة من صفات ذاته ، فتنعقد اليمين به ، ولم يكره أحمد الحلف بالمصحف ، لأن الحالف إنما قصد المكتوب فيه ، وهو القرآن ، فإنه عبارة عما بين دفتي المصحف بالإجماع ( فيها كفارة واحدة ) قدمه الأئمة ، منهم الجد ، وهو قياس المذهب ، وقاله الأكثر ، لأن الحلف بصفات الله تعالى ، وتكرار اليمين بها لا يوجب أكثر من كفارة ، فهذا أولى ، وكسائر الأيمان ( وعنه : بكل آية كفارة ) إن قدر ، قال في الكافي : هي المنصوصة عنه ، واختارها الخرقي ، وهي قول الحسن ، لما روى مجاهد مرفوعا : من حلف بسورة من القرآن فعليه بكل آية كفارة ويمين صبر . ورواه الأثرم أبو نصر السجزي ، وابن أبي داود في فضائل القرآن من حديث أبي هريرة ، وروي عن ابن مسعود أيضا ، قال أحمد : ما أعلم شيئا يدفعه ، وعنه : يجب مطلقا ، وفي الفصول : وجه بكل حرف ، وفي الروضة : من حلف بالمصحف فحنث فكفارة واحدة ، رواية واحدة ( وإن قال : أحلف ) أو حلفت ( بالله ، أو أشهد بالله ، أو أقسم بالله ، أو أعزم بالله كان يمينا ) في قول الأكثر سواء نوى اليمين ، أو أطلق ، ويشهد [ ص: 260 ] لذلك قوله تعالى : فيقسمان بالله ] المائدة : 106 [ وأقسموا بالله ] الأنعام : 109 [ 30 فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ] النور : 6 [ .

وقال عبد الله بن رواحة :

أقسمت بالله لتنزلنه طائعة أو لتكرهنه

.

وأنشد أعرابي :

أقسم بالله لنفعلنه

.

ولأنه لو قال : بالله ، ولم يذكر الفعل كان يمينا ، فإذا ضم إليه ما يؤكده ، كان أولى ، وحكاه ابن هبيرة عن الأكثر في : أقسم ، وأشهد بالله ( وإن لم يذكر اسم الله لم يكن يمينا ) لأنه يحتمل القسم بالله ، ويحتمل القسم بغيره ، فلم يكن يمينا كغيره مما يحتملهما ( إلا أن ينوي ) لأن النية تصرف اللفظ إلى القسم بالله ، فيجب جعله يمينا ، كما لو صرح به ، وقد ثبت له عرف الشرع والاستعمال ( وعنه : يكون يمينا ) لقول أبي بكر للنبي صلى الله عليه وسلم : أقسمت عليك لتخبرني بما أصبت مما أخطأت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقسم يا أبا بكر . رواه أبو داود . ولقول العباس للنبي : أقسمت عليك لتبايعنه ، فبايعه النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال : أبررت قسم عمي .

لكن قال في المغني والشرح : عزمت وأعزم ليس يمينا ، ولو نوى ، لأنه لا شرع ولا لغة ، ولا فيه دلالة عليه ولو نوى .

تنبيه : إذا قال : آليت ، وآلي بالله ، يمين فيها كفارة ، صرح به جماعة ، وإن نوى الخبر عما يفعله ثانيا ، أو عما فعله ماضيا ، فليس يمينا ، قدمه في الرعاية ، وكذا إن قال : علي يمين ، وأراد عقد اليمين ، لأنه لم يأت باسم الله تعالى ، ولا صفته ، وإن قال : قسما بالله ، فهو يمين ، تقديره : أقسمت قسما .

التالي السابق


الخدمات العلمية