صفحة جزء
ويكره الحلف بغير الله تعالى ، ويحتمل أن يكون محرما ، ولا تجب الكفارة باليمين به ، سواء أضافه إلى الله تعالى ، مثل قوله : ومعلوم الله ، وخلقه ، ورزقه ، وبيته ، أو لم يضفه ، مثل : والكعبة ، والنبي . وقال أصحابنا : تجب الكفارة بالحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة .


( ويكره الحلف بغير الله تعالى ) وصفاته ، قدمه في الرعاية ، وجزم به في المستوعب ، قيل لأحمد : يكره الحلف بعتق أو طلاق أو شيء ، قال : [ ص: 263 ] سبحان الله لم لا يكره ؛ لا يحلف إلا بالله تعالى ، لما روى عمر مرفوعا ، قال : إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، فمن كان حالفا فليحلف بالله ، أو ليصمت . متفق عليه ( ويحتمل أن يكون محرما ) قدمه في المحرر والفروع ، وجزم به في الوجيز ، قال ابن مسعود وغيره : لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا ، قال الشيخ تقي الدين : لأن حسنة التوحيد أعظم من حسنة الصدق ، وسيئة الكذب أسهل من سيئة الشرك ، يؤيده ما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من حلف بغير الله فقد أشرك . رواه الترمذي ، وحسنه ، ورجاله ثقات .

فعلى هذا اختار الشيخ تقي الدين أنه يعزر ، واختار فيمن حلف بعتق أو طلاق وحنث ، يخير بين أن يوقعه أو يكفر ، كحلفه بالله : ليوقعنه ، وذكر أن الطلاق يلزمني ، ونحوه يمين بالاتفاق ، وخرجه على نصوص أحمد ، وهو خلاف صريحها ، وعنه : يجوز ، لقوله عليه السلام للأعرابي الذي سأله عن الصلاة : أفلح وأبيه إن صدق ولأن الله تعالى أقسم ببعض مخلوقاته ، وجوابه ما قال ابن عبد البر : إن هذه محفوظة ، وإنما أقسم بمخلوقاته ، فإنها دالة على قدرته وعظمته ، ولله أن يقسم بما شاء ، وقيل : في إقسامه إضمار القسم ، أي : برب هذه الأشياء ، فعلى الأول : يستغفر الله تعالى ، قال ابن حزم : اتفقوا أن من حلف بحق زيد أو عمرو ، وبحق أبيه ، أنه آثم ، ولا كفارة عليه ( ولا تجب الكفارة باليمين به ) لأن الكفارة وجبت في الحلف بالله وصفاته ، صيانة للاسم الأعظم ، وغيره لا يساويه ( سواء أضافه إلى الله تعالى ، مثل قوله : ومعلوم الله ، وخلقه ، ورزقه ، وبيته ، أو لم يضفه ، مثل : والكعبة والنبي ) لاشتراكهما في الحلف [ ص: 264 ] بغير الله تعالى ( وقال أصحابنا : تجب الكفارة بالحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة ) ونص عليه في رواية أبي طالب ، فقال فيمن حلف بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم : وجبت عليه الكفارة ، لأنه أحد شرطي الشهادة ، أشبه الحلف باسم الله تعالى ، والتزم ابن عقيل أن الحلف بغيره من الأنبياء كهو ، والأشهر : أنها لا تجب به ، وهو قول أكثر الفقهاء ، لدخوله في عموم الأحاديث ، وكسائر الأنبياء ، وقول أحمد محمول .

فرع : لا يلزمه إبرار قسم في الأصح ، كإجابة سؤال بالله ، قال الشيخ تقي الدين : إنما يجب على معين ، فلا تجب إجابة سائل يقسم على الناس ، وروى أحمد والترمذي ، وقال حسن غريب عن ابن عباس مرفوعا ، قال : وأخبركم بشر الناس ؛ قلنا : نعم يا رسول الله ، قال : الذي يسأل بالله ، ولا يعطي به . فدل على إجابة من سأل بالله .

التالي السابق


الخدمات العلمية