صفحة جزء
ولا يستقبل الشمس ولا القمر ، ولا يجوز أن يستقبل القبلة في الفضاء وفي استدبارها فيه ، واستقبالها في البنيان روايتان .


( ولا يستقبل الشمس ولا القمر ) لأنه روي أن معهما ملائكة ، وأن أسماء الله مكتوبة عليهما ، وأنهما يلعنانه ، وبهما يستضيء أهل الأرض ، فينبغي احترامهما ، وكالريح ، وإن استتر عنهما بشيء فلا بأس ( ولا يجوز أن يستقبل القبلة ) عند التخلي ( في الفضاء ) لما روى أبو أيوب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ، ولا تستدبروها ، ولكن شرقوا أو غربوا رواه البخاري ، ومسلم ، وله معناه من حديث أبي هريرة ، ولأن جهة القبلة أشرف الجهات ، فصينت عن ذلك ، وعن أحمد : يجوز ، وهو قول عروة ، وربيعة ، وداود ، لما روى جابر قال : نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نستقبل القبلة ببول ، فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها رواه أحمد ، والترمذي ، وقال : حسن غريب ، وصححه البخاري .

لا يقال : هذا ناسخ للأول ، لأنه يحتمل أنه رآه في البنيان ، أو مستترا بشيء ، أو يكون خاصا به ، فلا يثبت النسخ بالاحتمال ، ويجب حمله على ذلك توفيقا بين الدليلين ، وجوزه في " المبهج " إذا كانت الريح في غير جهتها ، وعلى المنع يكفي انحرافه عن الجهة ، نقله أبو داود ، ومعناه في الخلاف ، وظاهر كلام المجد وحفيده : لا يكفي ( وفي استدبارها فيه ) أي : في الفضاء ( واستقبالها في [ ص: 86 ] البنيان : روايتان ) وجملته أن الرواية عن أحمد قد اختلفت ، ففي رواية : أنه يجوز الاستدبار في الفضاء والبنيان لحديث ابن عمر ، قال : رقيت على بيت حفصة فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - على حاجته ، مستقبل الشام ، مستدبر الكعبة متفق عليه ، والظاهر أنه كان في الفضاء ، وفي ثانية : بالمنع فيهما ، قدمه في " الرعاية " ، وجزم به في " الوجيز " لما روى أبو هريرة مرفوعا قال : إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ، ولا يستدبرها رواه مسلم ، وفي ثالثة : جوازهما في البنيان فقط ، صححه في " الشرح " ، وذكر ابن هبيرة : أنه الأشهر عنه ، وقدمه في " المحرر " واختاره الأكثر ، لما روى الحسن بن ذكوان ، عن مروان الأصغر قال : رأيت ابن عمر أناخ راحلته ، ثم جلس يبول إليها ، فقلت : يا أبا عبد الرحمن ، أليس قد نهي عن هذا ؛ قال : إنما نهي عن هذا في الفضاء ، أما إذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا . رواه أبو داود ، وابن خزيمة ، والحاكم ، وقال : على شرط البخاري ، والحسن ضعفه ابن معين ، وقال أحمد : أحاديثه أباطيل ، وقواه جماعة ، وروى له البخاري ، فهذا تفسير لنهيه عليه السلام العام ، فتحمل أحاديث النهي على الفضاء ، وأحاديث الرخصة على البنيان ، وفي رابعة : يحرم استقبالها في البنيان ، قدمها جماعة ، لعموم النهي ، وفي خامسة : يجوز ، قدمها في " المحرر " وذكر في " الشرح " أنها أولى لما ذكرنا ، وعلم منه أنه لا يكره استقبال بيت المقدس ، وهو ظاهر ما في " الخلاف " ، وحمل النهي حين كان قبلة ، ولا يسمى بعد النسخ قبلة ، ونقل حنبل : يكره وفاقا للشافعي لبقاء حرمته .

[ ص: 87 ] فرع : يكفي الاستتار في الأشهر بدابة أو جدار ونحوه ، وفي إرخاء ذيله وجهان ، وظاهره لا يعتبر قربه منها ، كما لو كان في بيت . قال في " الفروع " : ويتوجه وجه كسترة صلاة ، ويكره استقبالها باستنجاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية