صفحة جزء
[ ص: 314 ] فصل : وإن حلف لا يأكل سويقا فشربه ، أو لا يشربه فأكله ، فقال الخرقي : يحنث ، وقال أحمد فيمن حلف لا يشرب نبيذا ، فثرد فيه وأكله : لا يحنث ، فيخرج في كل ما حلف لا يأكله فشربه ، أو لا يشربه فأكله وجهان ، وقال القاضي : إن عين المحلوف عليه حنث ، وإن لم يعينه لم يحنث . وإن حلف لا يطعمه حنث بأكله وشربه ، وإن ذاق ولم يبلعه ، لم يحنث ، وإن حلف لا يأكل مائعا ، فأكله بالخبز حنث .


فصل

( وإن حلف لا يأكل سويقا فشربه ، أو لا يشربه فأكله ، فقال الخرقي : يحنث ) هذا رواية لأن الحالف على ترك شيء يقصد به في العرف اجتناب ذلك الشيء بالكلية ، فحملت اليمين عليه ، ألا ترى إلى قوله تعالى : ولا تأكلوا أموالهم ] النساء : 2 [ فإنه يتناول تحريم شربها ، ولو قال طبيب لمريض : لا تأكل العسل ، كان ناهيا له عن شربه ، وبالعكس ( وقال أحمد فيمن حلف لا يشرب نبيذا ، فثرد فيه وأكله : لا يحنث ) هذه رواية ثانية نقلها مهنا ، وقدمها في المحرر ، لأن الأفعال أنواع كالأعيان ، وإن حلف على نوع من الأنواع لم يحنث بغيره ، كذلك الأفعال ( فيخرج في كل ما حلف لا يأكله فشربه ، أو لا يشربه فأكله وجهان ) مبنيان على الخلاف السابق ( وقال القاضي : إن عين المحلوف عليه حنث ، وإن لم يعينه لم يحنث ) هذا رواية ، وجزم بها في الوجيز ، لأن تغير صفة المحلوف عليه لا ينفي الحنث ، فكذلك تغير صفة الفعل ، وإذا لم يعينه فلا حنث ، لأنه لم تحصل المخالفة من جهة الاسم ، ولا من جهة التعيين ، قال في الشرح : ليس للتعيين أثر في الحنث وعدمه ، فإن الحنث في المعين إنما كان لتناوله ما حلف عليه ، وإجراء معنى الأكل والشرب على التناول العام فيهما ، وهذا لا فرق فيه بين التعيين وعدمه ، وعدم الحنث معلل بأنه لم يفعل الفعل الذي [ ص: 315 ] حلف على تركه ، وإنما فعل غيره ، وهذا في المعين كهو في المطلق ، لعدم الفارق بينهما .

فرع : إذا حلف لا يأكل ولا يشرب ، أو لا يفعلهما ، فمص رمانا ، أو قصب سكر ، فروايتان أنصهما : لا حنث ، ذكره في الكافي ، وذكر ابن عقيل أن أحمد نص فيمن حلف لا يأكل ، فمص قصب السكر ، أو الرمان حنث ، وإن حلف لا يأكل سكرا أو لا يشربه ، فتركه في فيه حتى ذاب ، وابتلعه فعلى الخلاف .

( وإن حلف لا يطعمه حنث بأكله وشربه ) ومصه ، لقوله تعالى : ومن لم يطعمه ] البقرة : 249 [ ولأن ذلك كله طعم ( وإن ذاق ولم يبلعه لم يحنث ) في قولهم جميعا ، لأنه ليس بأكل ولا شرب ، بدليل أن الصائم لا يفطر به ، فلو حلف لا يذوقه ، حنث بأكله أو شربه أو ذوقه ، لأنه ذوق وزيادة ، وفي الرعاية : حنث بأكله وشربه ، ثم قال : قلت فيمن لا ذوق له نظر .

( وإن حلف لا يأكل مائعا فأكله بالخبز حنث ) لقوله عليه السلام : كلوا الزيت . ولأنه يسمى أكلا ، ويؤكل في العادة كذلك .

فرع : إذا حلف لا يشرب من الكوز ، فصب منه في إناء ، وشرب لم يحنث ، وعكسه إن اغترف بإناء من النهر أو البئر ، وقال ابن عقيل : يحتمل عدم حنثه بكرعه من النهر ، لعدم اعتباره ، كحلفه لا يلبس هذا الثوب فتعمم به .

التالي السابق


الخدمات العلمية