صفحة جزء
وإن تحاكم رجلان إلى رجل يصلح للقضاء ، فحكماه بينهما ، فحكم نفذ حكمه في المال ، وينفذ في القصاص والحد والنكاح واللعان ، في ظاهر كلامه . ذكره أبو الخطاب . وقال القاضي : لا ينفذ إلا في الأموال خاصة .


فصل ( وإن تحاكم رجلان إلى رجل يصلح للقضاء فحكماه بينهما نفذ حكمه ) لما روى أبو شريح أنه قال : يا رسول الله إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم ، فرضي علي الفريقان . فقال : " ما أحسن هذا " . رواه النسائي . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من حكم بين اثنين تحاكما إليه وارتضيا به ، فلم يقل بينهما الحق فعليه لعنة الله " . رواه أبو بكر . ولولا أن حكمه يلزمهما لما لحقه [ ص: 27 ] هذا الذم لأن عمر وأبيا تحاكما إلى زيد بن ثابت ، وتحاكم عثمان وطلحة إلى جبير . لا يقال : إن عمر وعثمان كانا إمامين فيصير حاكما من رد الحكم إليه ؛ لأنه لم ينقل عنهما أكثر من الرضى بحكمه خاصة ، وذلك لا يصير الحكم إليه قاضيا وهو حينئذ كحاكم الإمام ، ولا يجوز نقض حكمه إلا فيما ينقض من حكم غيره ( في المال والقصاص والحد ) كذا أطلقه الأصحاب ، وقيده في " الوجيز " بحد القذف خاصة ( والنكاح واللعان في ظاهر كلامه ذكره أبو الخطاب ) وجزم به في " الوجيز " وقدمه في " الفروع " لما ذكرنا من عموم الأحاديث . وظاهر كلامه : ينفذ في غير فرج ، كتصرفه ضرورة في تركة ميت في غير فرج ، ذكره ابن عقيل . واختار الشيخ تقي الدين : نفوذ حكمه بعد حكم حاكم الإمام ، وأنه إن حكم أحدهما خصمه أو حكما مفتيا في مسألة اجتهادية جاز ، وأنه يكفي وصف القصة له . وينبغي أن يشهدا عليه بالرضى به قبل حكمه لئلا يجحد المحكوم عليه منهما . وإن رجع أحدهما قبل أن يشرع منه جاز ، وإن رجع بعده قبل تمامه فوجهان . [ ص: 28 ] قال ابن حمدان : ليس له الرجوع بعد الرضى بحكمه . فائدة : له أن يشهد على نفسه بحكمه ، ويلزم الحكام قبوله ، وكتابه ككتاب حاكم الإمام . ( وقال القاضي : لا ينفذ إلا في المال خاصة ) هذه رواية حكاها في " الفروع " وغيره ؛ لأنه أسهل من غيره ، فيجب الاقتصار عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية