صفحة جزء
ويعدل بين الخصمين في لحظه ولفظه ومجلسه والدخول عليه إلا أن يكون أحدهما كافرا ، فيقدم المسلم عليه في الدخول ، ويرفعه في الجلوس . وقيل : يسوي بينهما . ولا يسار أحدهما ، ولا يلقنه حجته ، ولا يعلمه كيف يدعي في أحد الوجهين ، وفي الآخر يجوز له تحرير الدعوى له إذا لم يحسن تحريرها . وله أن يشفع إلى خصمه لينظره ، أو ليضع عنه ، أو يزن عنه .


( ويعدل بين الخصمين ) لزوما في الأصح ، ( في لحظه ولفظه ومجلسه والدخول عليه ) لما روى عمرو بن أبي شيبة في كتاب " قضاء البصرة " عن أم سلمة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليعدل بينهم في لفظه وإشارته ومقعده ، ولا يرفعن صوته على أحد الخصمين ما لا يرفعه على الآخر " . وكتب عمر إلى أبي موسى : واس بين الناس في وجهك ومجلسك وعدلك ، حتى لا ييأس الضعيف من عدلك ، ولا يطمع الشريف في حيفك . رواه الدارقطني من رواية عبد الله بن أبي حميد الهذلي ، وهو واه . ولأنه ربما لم [ ص: 35 ] يفهم حجته فيؤدي إلى ظلمه وانكسار قلبه ، وقدم في " الرعاية " : أن ذلك يسن . ( إلا أن يكون أحدهما كافرا فيقدم المسلم عليه في الدخول ، ويرفعه في الجلوس ) هذا هو الأشهر . لما روى حكيم بن حزام ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، قال : وجد علي درعه مع يهودي ، فقال : درعي سقطت وقت كذا . فقال اليهودي : درعي في يدي ، وبيني وبينك قاضي المسلمين . فارتفعا إلى شريح فلما رآه شريح قام من مجلسه وأجلسه في موضعه ، وجلس مع اليهودي بين يديه ، فقال علي : لو كان خصمي مسلما لجلست معه بين يديك ، ولكن سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تساووهم في المجلس . وإسناده فيه ضعف . وإظهارا لشرف الإسلام . ( وقيل يسوي بينهما ) لأن العدل يقتضي ذلك كالمسلمين . قال ابن المنجا : والأول أولى لحديث علي ، وهو واجب التقديم لأنه خاص ، والخاص يجب تقديمه . وفي " المحرر " : يفضل عليه دخولا ، وأما جلوسا فعلى وجهين . ( ولا يسار أحدهما ) لما فيه من كسر قلب صاحبه ، وربما أدى إلى ضعفه عن إقامة حجته . ( ولا يلقنه حجته ) لأن عليه أن يعدل بينهما ، ولما فيه من الضرر على صاحبه ولا يضيفه ، لما روي عن علي أنه نزل به رجل فقال : ألك خصم ؛ قال : نعم . قال : تحول عنا ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لا تضيفوا أحد الخصمين إلا ومعه خصمه . وفي " الكافي " : لا ينبغي ذلك . ( ولا يعلمه كيف يدعي في أحد الوجهين ) وهو المذهب ، لما فيه من الإعانة على خصمه وكسر قلبه ( وفي الآخر : [ ص: 36 ] يجوز له تحرير الدعوى له إذا لم يحسن تحريرها ) لأنه لا ضرر على خصمه في ذلك ، ولأن في ترك تعليمه تسببا إلى تأخير حقه ، وعدم الفصل بينه وبين غريمه . وفي " مختصر ابن رزين " : يسوي بين خصمين في مجلسه ، ولحظه ولفظه ، ولو ذميا في وجه . فرع : ما لزم ذكره في الدعوى من شرط أو سبب أو غيرهما إذا لم يذكره أن الحاكم يسأل عنه ليذكره ويحرره ، ذكره في " المحرر " و " الوجيز " وغيرهما . ( وله أن يشفع إلى خصمه لينظره ، أو يضع عنه ، أو يزن عنه ) كذا في " الكافي " و " الشرح " و " الوجيز " ، لما روى سعيد ، ثنا ابن المبارك ، أنا معمر ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، أن معاذا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلمه ليكلم غرماءه ، فلو تركوا الأخذ لتركوا لمعاذ لأجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . مرسل جيد . ونقل حنبل أن كعب بن مالك تقاضى ابن أبي حدرد دينا عليه ، وأشار إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده أن ضع الشطر من دينك . قال : قد فعلت . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : قم فاعطه . قال أحمد : هذا حكم من النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقال ابن حمدان : يحتمل منع وزنه عنه . وفي سؤال الوضع عنه رواية ، ذكرها في " المحرر " و " الرعاية " . فرع : إذا سلم أحدهما رد عليه . وفي " الترغيب " : يصبر ليرد عليهما معا إلا أن يتمادى عرفا . وقيل : يكره قيامه لهما . نقل عبد الله : سنة القاضي أن يجلس الخصمان بين يديه لأمره - عليه السلام - بذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية