صفحة جزء
وإن صلى على مكان طاهر من بساط طرفه نجس ، صحت صلاته إلا أن يكون متعلقا به بحيث ينجر معه إذا مشى ، فلا تصح ، ومتى وجد عليه نجاسة لا يعلم هل كانت في الصلاة أو لا فصلاته صحيحة ، وإن علم أنها كانت فيها لكنه نسيها أو جهلها ، فعلى روايتين ، وإذا جبر ساقه بعظم نجس ، فجبر ، لم يلزمه قلعه إذا خاف الضرر ، وإن لم يخف لزمه قلعه ، وإن سقطت سنه فأعادها بحرارتها فثبتت فهي طاهرة ، وعنه : أنها نجسة ، حكمها حكم العظم النجس إذا جبر به ساقه ،


( وإن صلى على مكان طاهر من بساط ) أو حبل ( طرفه نجس ) لا يصيبه ( صحت صلاته ) ذكره السامري ، وغيره ، وصححه المؤلف لأنه ليس بحامل للنجاسة ، ولا مصل عليها ، وإنما اتصل مصلاه بها ، أشبه ما لو صلى على أرض طاهرة متصلة بأرض نجسة ، وظاهره ولو حاذاها بصدره إذا سجد في الأصح ، والثاني : المنع ، لأنها في حريم مصلاه ، والهواء تابع للقرار ، أشبه الصلاة على سقف الحش ، وظاهره ولو تحرك النجس بحركته ، وهو المذهب ( إلا أن يكون متعلقا به بحيث ينجر معه إذا مشى فلا تصح ) جزم به في " الوجيز " و " الفروع " وغيرهما ، لأنه مستتبع لها ، فهو كحاملها ، فإن كان بيده أو وسطه حبل مشدود في نجس ، أو سفينة صغيرة فيها نجاسة تنجر معه إذا مشى ، لم يصح ، كحمله ما يلاقيها ، وإلا [ ص: 390 ] صحت ، لأنه ليس بمستتبع لها ، ذكره السامري ، وجزم به في " الفصول " ، واختاره المؤلف ، كما لو أمسك غصنا من شجرة عليها نجاسة ، وقيل : لا يصح جزم به في " التلخيص " وقاله القاضي ، لأنه حامل لما هو ملاق للنجاسة ، قال المجد : إن كان الشد في موضع نجس مما لا يمكن جره معه كفيل ، لم يصح كحمله ما يلاقيها ، قال في " الشرح " : والأول أولى ، لأنه لا يقدر على استتباع الملاقي للنجاسة ، أشبه ما لو أمسك سفينة عظيمة فيها نجاسة ، قال في " الفروع " : ويتوجه مثلها حبل بيده طرفه على نجاسة يابسة ، ومقتضى كلام المؤلف الصحة ، وكذا حكم ما لو سقط طرف ثوبه على نجاسة ، ذكره ابن تميم .

فرع : إذا داس النجاسة عمدا في الأشهر بطلت ، وإن داسها مركوبة فلا ، قال ابن حمدان : بلى إن أمكن رده عنها ولم يردها . تنبيه : إذا شرب خمرا ولم يسكر غسل فمه ، وصلى ، ولم يلزمه قيء ، نص عليه ، وقيل : بلى يلزمه ، ولإمكان إزالتها ، وقد روى أحمد وغيره من حديث ابن عمر مرفوعا : لم يقبل الله له صلاة أربعين يوما فالمراد نفي ثوابها لا صحتها ، قاله المجد ، وحكم سائر النجاسات كذلك ، لأنها حصلت في معدتها ( ومتى وجد عليه نجاسة لا يعلم هل كانت في الصلاة أو لا فصلاته صحيحة ) لأن الأصل عدم كونها في الصلاة لاحتمال حدوثها بعدها ، فلا نبطلها بالشك ( وإن علم أنها كانت فيها لكنه نسيها أو جهلها فعلى روايتين ) وكذا في " المحرر " إحداهما لا تبطل ، اختاره المؤلف ، وجزم به في " الوجيز " وقدمه ابن تميم ، والمجد ، وقاله جماعة ، منهم ابن عمر لحديث أبي سعيد في خلع النعلين ، ولو بطلت لاستأنفها النبي - صلى الله عليه وسلم - .

[ ص: 391 ] والثانية : تبطل ، وهي الأشهر فعلى هذا يعيد ، لأنها طهارة مشترطة فلم تسقط بالجهل كطهارة الحدث ، وأجيب بأن طهارة الحدث آكد لكونه لا يعفى عن يسيرها ، وقال القاضي ، وابن عقيل : يعيد مع النسيان رواية واحدة ، وقطع به في " التلخيص " وكذا قال الآمدي : يعيد إذا كان قد توانى رواية واحدة ، لأنه منسوب إلى التفريط بخلاف الجاهل ، وفي " المغني " : الصحيح التسوية بينهما ، لأن ما عذر فيه بالجهل عذر فيه بالنسيان ، بل أولى ، لورود النص بالعفو عنه ، وكذا الخلاف إن عجز عنها حتى فرغ ، قال أبو المعالي : أو زاد مرضه بتحريكه ، وفي " الرعاية " أو جهل حكمها .

تنبيه : إذا علم بالنجاسة في أثناء الصلاة ، وأمكن إزالتها من غير عمل كثير ، ولا زمن طويل ، فالحكم كما لو علم بعد الصلاة ، فإن قلنا : لا تبطل أزالها وبنى ، وقال ابن عقيل : تبطل رواية واحدة ، وإن لم يمكن إزالتها إلا بعمل كثير أو مضى زمن طويل بطلت ، وقيل : لا بل يزيلها ، ويبني ( وإذا جبر ساقه بعظم نجس فجبر لم يلزمه قلعه إذا خاف الضرر ) قدمه في " الكافي " و " التلخيص " وصححه ابن تميم ، والجد ، وجزم به في " الوجيز " والمراد بخوف الضرر فوات نفس أو عضو أو مرض ، لأن حراسة النفس وأطرافها من الضرر واجب ، وهو أهم من رعاية شرط الصلاة ، ولهذا لا يلزمه شراء سترة ولا ماء للوضوء بزيادة تجحف بماله ، فإذا جاز ترك شرط مجمع عليه لحفظ ماله ، فترك شرط مختلف فيه لأجل بدنه بطريق الأولى ، وعنه : يلزمه إذا لم يخف التلف ، اختاره أبو بكر ، لأنه غير خائف للتلف ، أشبه إذا لم يخف الضرر ، والأول : أولى ، فإن ستره [ ص: 392 ] اللحم لم يحتج إلى تيمم ، وإلا تيمم له ، قاله ابن تميم ، وغيره ، وكذا إذا خاط جرحه بشيء نجس ، فإن خاف التلف لم يلزمه رواية واحدة ( وإن لم يخف ) الضرر ( لزمه قلعه ) لأنه قادر على إزالته من غير ضرر ، فلو صلى معه لم يصح ، فإذا مات من يلزمه قلعه ، قلع ، وأطلقه جماعة . قال أبو المعالي ، وغيره : ما لم يغطه اللحم للمثلة .

( وإن سقطت سنه ) أو عضوه ( فأعادها بحرارتها فثبتت ، فهي طاهرة ) على المذهب ، لأنه جزء من جملة ، فكان حكمه حكمها كسائر الحيوانات الطاهرة والنجسة ( وعنه : إنها نجسة ) اختارها القاضي ، لأنه لا حرمة لها ، بدليل أنه لا يصلى عليها ، وقد أبينت من حي فتكون نجسة ( حكمها حكم العظم النجس إذا جبر به ساقه ) لتساويهما حينئذ في أصل النجاسة ، وقيل : إن ثبتت السن وغيرها ، ولم يتغير فهو طاهر ، وإن ثبتت وتريح أو تغير فهو نجس يؤمر بقلعه ، ويعيد ما صلى قبل زواله ، وظاهره أنه إذا لم يثبت فإنه يزيله ، ويعيد ما صلى به في الأصح ، قال في " المستوعب " : أصلهما الروايتان في نجاسته .

فرع : إذا جعل موضع سنه سن شاة مذكاة ، فصلاته معه مجزئة ثبتت أو لم تثبت .

وصلة : وصل المرأة شعرها ، زاد في " الشرح " أو شعر غيرها بشعر حرام ، لأن فاعل ذلك ملعون ، وقيل : يكره ، قدمه في " الرعاية " ولا بأس بوصله بقرامل ، وتركها أفضل ، وعنه : يكره رجحه في " الشرح " وبعده ابن حمدان ، وعنه : يحرم ، والأيم وذات الزوج سواء ، وقيل : لا بأس بإذن زوج ، لكن إن كان شعر أجنبية في حل النظر إليه وجهان ، وإن [ ص: 393 ] كان شعر بهيمة كره ، ثم إن كان الشعر نجسا لم تصح الصلاة معه في الأشهر ، وإن كان طاهرا ، وقلنا بالتحريم ففي صحة الصلاة معه وجهان .

التالي السابق


الخدمات العلمية