صفحة جزء
فصل .

ويجوز للشركاء أن ينصبوا قاسما يقسم بينهم ، وأن يسألوا الحاكم نصب قاسم يقسم بينهم ، ومن شرط من ينصب أن يكون عدلا عارفا بالقسمة ، فمتى عدلت السهام وأخرجت القرعة لزمت القسمة ، ويحتمل أن لا تلزم فيما فيه رد بخروج القرعة ، حتى يرضيا بذلك ، وإذا كان في القسمة تقويم لم يجز أقل من قاسمين ، وإن خلت من تقويم أجزأ قاسم واحد ، وإذا سألوا الحاكم قسمة عقار ، لم يثبت عنده أنه لهم قسمه ، وذكر في كتاب القسمة : أن قسمه بمجرد دعواهم ، لا عن بينة شهدت لهم بملكهم ، وإن لم يتفقوا على طلب القسمة لم يقسمه .


فصل .

( ويجوز للشركاء ) أن يتقاسموا بأنفسهم و ( أن ينصبوا قاسما يقسم [ ص: 133 ] بينهم ) لأن الحق لهم لا يعدوهم ( وأن يسألوا الحاكم نصب قاسم يقسم بينهم ) لأن طلب ذلك حق لهم ، فجاز أن يسألوا الحاكم ـ كغيره من الحقوق ـ ( ومن شرط من ينصب أن يكون عدلا عارفا بالقسمة ) مع إسلام ، وإن كان عبدا ، وفي " المغني " : عارفا بالحساب ؛ لأنه كالخط للكاتب .

وفي " الكافي " : إن كان من جهة الحاكم اشترطت عدالته .

وإن كان من جهتهم لم تشترط ، إلا أنه إن كان عدلا كان كقاسم الحاكم في لزوم قسمته ، وإن لم يكن عدلا لم تلزم قسمته إلا بتراضيهما ـ كما لو اقتسموا بأنفسهم ـ ، وتباح أجرته ، وعنه : هي كقربة .

نقل صالح : أكرهه ، قال ابن عيينة : لا تأخذ على شيء من الخير أجرا ، وهي على قدر الأملاك ، نص عليه .

وفي " الترغيب " : إذا أطلق الشركاء العقد ، وأنه لا ينفرد واحد بالاستئجار بلا إذن ، وقيل : بعدد الملاك ، وفي " الكافي " : على ما شرطا .

فعلى النص : أجرة شاهد يخرج لقسم البلاد ، ووكيل وأمين للحفظ على مالك وفلاح كأملاك ، ذكره الشيخ تقي الدين ( فمتى عدلت السهام وأخرجت القرعة لزمت القسمة ) ـ أي : قسمة الإجبار ـ لأن القاسم كالحاكم ، وقرعته كالحكم ، نص عليه ، قدمه في " المستوعب " و " المحرر " ، وجزم به في [ ص: 134 ] " الوجيز " ، بدليل أنه يجتهد في تعديل السهام ، كاجتهاد الحاكم في طلب الحق ، فوجب أن تلزم قرعته .

وقسمة التراضي إذا لم يكن فيها رد عوض فتلزم ، كما إذا كان فيها رد عوض على المذهب ( ويحتمل أن لا تلزم فيما فيه رد ) عوض ( بخروج القرعة ، حتى يتراضيا بذلك ) بعد القرعة ، سواء قسمها الحاكم أو قاسمه أو قاسمهم ؛ لأن رضاهما معتبر في الأول ، ولم يوجد ما يزيله ، فوجب استمراره ، ولأنها بيع فلا يلزم بغير التراضي كسائر البيوع ، وقيل : الرضى بعدها مطلقا .

وفي " المغني " و " الشرح " : بالرضى بعدها إن اقتسماه بأنفسهما ، وإن تراضيا على أن يأخذ كل واحد منهما سهما بغير قرعة ، أو خير أحدهما صاحبه ، فاختار أحد القسمين جاز ، ويلزم بتراضيهما وتفرقهما كالبيع . ذكره جماعة ( وإذا كان في القسمة تقويم لم يجز أقل من قاسمين ) ذكره في " المستوعب " و " الشرح " ، وجزم به في " الوجيز " ، وقدمه في " المحرر " و " الرعاية " ؛ لأنها شهادة بالقيمة فلم يقبل أقل من اثنين ، كسائر الشهادات ، وقيل : يكفي فيه واحد ( وإن خلت من تقويم أجزأ قاسم واحد ) لأن القاسم مجتهد في التقويم ، وهو يعمل باجتهاده أشبه الحاكم .

وفي " الكافي " : لأنه حكم بينهما ، فأشبه الحاكم ، ( وإذا سألوا الحاكم قسمة عقار ، لم يثبت عنده أنه لهم قسمه ) لأن اليد دليل الملك ، ولا منازع لهم ، فثبت [ ص: 135 ] لهم من طريق الظاهر ، فوجب أن يتناول ثبوت الملك في القسمة ( وذكر ) الحاكم القاسم ( في كتاب القسمة أن قسمه بمجرد دعواهم ، لا عن بينة شهدت لهم بملكهم ) لئلا يتوهم الحاكم بعده أن القسمة وقعت بعد ثبوت ملكهم ، فيؤدي ذلك إلى ضرر من يدعي في العين حقا ، وقد سبق ( وإن لم يتفقوا على طلب لم يقسمه ) حتى يثبت عنده أنه ملكهم ؛ لأن الإشاعة حق لكل واحد منهم ، لم يرض بعضهم ولم يثبت ما يوجب القسمة لم يجز التصرف في حقه بغير رضاه .

وفي " الرعاية " : إن كان بين شريكين مهايأة لازمة ، فطلب أحدهما القسمة بطلت المهايأة .

التالي السابق


الخدمات العلمية