صفحة جزء
فصل .

ويعدل القاسم السهام بالأجزاء إن كانت متساوية ، وبالقيمة إن كانت مختلفة ، وبالرد إن كانت تقتضيه ، ثم يقرع بينهم فمن خرج له سهم صار له ، وكيفما أقرع جاز إلا أن يكتب اسم كل واحد من الشركاء في رقعة ، ثم يدرجها في بنادق شمع أو طين متساوية القدر والوزن ، وتطرح في حجر من لم يحضر ذلك ، ويقال له : أخرج بندقة على هذا السهم ، فمن خرج اسمه كان له ، ثم الثاني كذلك ، والسهم الباقي للثالث ـ إذا كانوا ثلاثة وسهامهم متساوية ـ وإن كتب اسم كل سهم في رقعة ، وقال : أخرج بندقة باسم فلان ، وأخرج الثانية باسم الثاني ، والثالثة للثالث ، جاز .

وإن كانت السهام مختلفة ، كثلاثة لأحدهم النصف ، وللآخر الثلث ، وللآخر السدس ، فإنه يجزئها ستة أجزاء ويخرج الأسماء على السهام لا غير ، فيكتب باسم صاحب النصف ثلاثا وباسم صاحب الثلث اثنتين وباسم صاحب السدس واحدة ، ويخرج بندقة على السهم الأول ، فإن خرج اسم صاحب النصف أخذه والثاني والثالث ، وإن خرج اسم صاحب الثلث أخذه والثاني ، ثم يقرع بين الآخرين والباقي للثالث .


فصل .

( ويعدل القاسم السهام ) لأن ضد ذلك جور ، وهو غير جائز إجماعا ( بالأجزاء إن كانت متساوية ) كأرض قيمة جميع أجزائها متساوية ، فهذه تعدل سهامها بالأجزاء ؛ لأنه يلزم من التساوي بالأجزاء التساوي بالقيمة ( وبالقيمة إن كانت مختلفة ) كأرض أحد جوانبها يساوي مثلي الآخر ، فهذه يعدل فيها بالقيمة ؛ لأنه لما تعذر التعديل بالأجزاء ، لم يبق إلا التعديل بالقيمة ضرورة ، لأن قسمة الإجبار لا تخلو من أحدهما ـ وهذا مع اتفاق السهام واختلافها ـ ( وبالرد إن كانت تقتضيه ) كأرض قيمتها مائة ، فيها شجر أو بئر يساوي مائتين ، [ ص: 136 ] فإذا جعلت الأرض بينهما كانت الثلث ، ودعت الضرورة إلى أن تجعل مع الأرض خمسون درهما ، يردها من خرجت له الشجر أو البئر على من خرجت له الأرض ؛ ليكونا نصفين متساويين ( ثم يقرع بينهم ) لإزالة الإبهام الحاصل ، قياسا لبعض موارد الشرع على بعض ( فمن خرج له سهم صار له ) لأن هذا شأن القرعة ( وكيف ما أقرع جاز ) لأن الغرض التمييز ، وذلك حاصل ، فعلى هذا : يجوز أن يقرع بينهم بخواتم وحصى وغير ذلك ( إلا ) أن الأحوط ( أن يكتب اسم كل واحد من الشركاء في رقعة ) لأنه طريق إلى التمييز ( ثم يدرجها في بنادق شمع أو طين متساوية القدر والوزن ) لأنه لا يعلم بعضها من بعض ( وتطرح في حجر من لم يحضر ذلك ) لأنه أنفى للتهمة ( ويقال له : أخرج بندقة على هذا السهم ) ليعلم من له ذلك ( فمن خرج اسمه كان له ) لأن اسمه خرج عليه ، ويميز سهمه به ( ثم الثاني كذلك ) أي : كالأول من القول ، لأنه كالأول معنى ، يستحب أن يكون كذلك حكما ( والسهم الباقي للثالث ، إذا كانوا ثلاثة وسهامهم متساوية ) لأن السهم الثالث يعين له لزوال الإبهام ، وذكر أبو بكر أن البنادق تجعل طينا وتطرح في ماء ، فأي البنادق أنحل عنها الطين ، وخرجت رقعتها على أعلى الماء فهي له ، وكذا الثاني والثالث وما بعده ، فإن خرج اثنان معا أعيدت القرعة ، وما ذكره المؤلف أولى وأسهل ، ذكره في " الشرح " ( وإن كتب اسم كل سهم في رقعة ، وقال : أخرج بندقة باسم فلان ، وأخرج الثانية باسم الثاني ، والثالثة للثالث ، جاز ) ذكره في " المحرر " و " الرعاية " ، وجزم به في " الوجيز " ، [ ص: 137 ] وقدمه في " الفروع " ؛ لأن الغرض يحصل بذلك ، وذكر في " الكافي " و " المستوعب " : أنه يخير بينه وبين الذي قبله ( وإن كانت السهام مختلفة ، كثلاثة لأحدهم النصف ، وللآخر الثلث ، وللآخر السدس فإنه يجزئها ستة أجزاء ) لأن السهام مختلفة ، فلم يكن بد من تجزئتها بحسب أقل الشركاء نصيبا وهو السدس ، وعلى هذا فقس .

فلو كانت الأرض بين ثلاثة لأحدهم النصف ، وللآخر الربع ، وللآخر الثمن ، فأجزاؤها ثمانية أجزاء ( ويخرج الأسماء على السهام لا غير ) أي : لا يجوز إلا هذا ؛ لئلا يخرج السهم الرابع لصاحب النصف ، فيقول : آخذه وسهمين قبله ، ويقول صاحباه : يأخذه وسهمين بعده . فيختلفون ، ولأنه لو خرج لصاحب السدس السهم الثاني ، ثم خرج لصاحب النصف السهم الأول ، لتفرق نصيبه ( فيكتب باسم صاحب النصف ثلاثا ) أي : ثلاث رقاع ( وباسم صاحب الثلث ثنتين ) أي : رقعتين ( وباسم صاحب السدس واحدة ) كذا ذكره معظم الأصحاب ؛ لأن الكتابة بحسب التجزئة .

وقدم في " المغني " و " الشرح " : أنه يكتب باسم كل واحدة رقعة لحصول المقصود ، ثم ذكرا هذا قولا ، وقالا : هذا لا فائدة فيه ، فإن المقصود خروج اسم صاحب النصف ، وإذا كتب ثلاثا حصل المقصود فأغنى ( ويخرج بندقة على السهم الأول ) ليعلم لمن هو ( فإن خرج ) اسم صاحب النصف ( أخذه والثاني [ ص: 138 ] والثالث ) ليجتمع له حقه ولا يتضرر بتفرقته ( وإن خرج اسم صاحب الثلث أخذه والثاني ) لما تقدم ( ثم يقرع بين الآخرين ) لأن الإبهام بالنسبة إليهما باق ( والباقي للثالث ) واختار الشيخ تقي الدين : لا قرعة في مكيل وموزون إلا للابتداء ، فإن خرجت لرب الأكثر أخذ كل حقه ، فإن تعدد سبب استحقاقه توجه وجهان .

فرع : إذا كان بينهما داران أو خانان أو أكثر ، فطلب أحدهما أن يجمع نصيبه في إحدى الدارين أو أحد الخانين ، ويجعل الباقي نصيبا للآخر ، لم يجبر الآخر . وهو قول الشافعي .

وقال أبو يوسف ومحمد : يجبر إذا رأى الحاكم ذلك ، سواء تقاربتا أو تفرقتا ؛ لأنه أنفع وأعدل .

وقال مالك : إن كانتا متجاورتين أجبر الممتنع ؛ لأن المتجاورتين تتقارب منفعتهما ، بخلاف المتباعدتين .

وقال أبو حنيفة : إن كانت إحداهما حجرة الأخرى أجبر ، وإلا فلا ؛ لأنهما تجريان مجرى الواحدة .

وجوابه : أنه نقل حقه من عين إلى عين أخرى ، فلم يجبر عليه كالمتفرقين ، والحكم في الدكاكين كالدور ، قاله في " الشرح " .

التالي السابق


الخدمات العلمية