صفحة جزء
الرابع : الإسلام ، فلا تقبل شهادة كافر إلا أهل الكتاب في الوصية في السفر إذا لم يوجد غيرهم ، وحضر الموصي الموت فتقبل شهادتهم ، ويحلفهم الحاكم بعد العصر : لا نشتري به ثمنا ، ولو كان ذا قربى ، ولا نكتم شهادة الله ، وإنها لوصية الرجل ، فإن عثر على أنهما استحقا إثما قام آخران من أولياء الموصي فحلفا بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما ، ولقد خانا وكتما ويقضي لهم ، وعنه : أن شهادة بعض أهل الذمة تقبل على بعض الأول والمذهب .


( الرابع : الإسلام ) وهو إجماع في الجملة ، ونقله عن أحمد نحو عشرين نفسا ( فلا تقبل شهادة كافر ) على مسلم ولا كافر ؛ لأنه ليس من رجالنا ولا هو مرضي ( إلا أهل الكتاب ) وهم اليهود ومن يوافقهم في التدين ( في الوصية في السفر إذا لم يوجد غيرهم ) في أصح الروايتين ، ونصره المؤلف ، فشهادتهم في السفر بموت مسلم أو كافر جائزة .

قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم [ المائدة : 106 ] نزلت في تميم الداري ، وعدي بن زيد شهدا بوصية سهمي ، رواه البخاري من حديث ابن عباس ، وقضى به أبو موسى الأشعري ، وأخبر أنه كان في عهد [ ص: 216 ] النبي صلى الله عليه وسلم ، رواه أبو داود ، ورجاله ثقات ، قال ابن عمر : آخر سورة نزلت المائدة ، رواه الترمذي ، وقال : حسن غريب .

قالت عائشة : ما وجدتم فيها من حلال فأحلوه ، وما وجدتم فيها من حرام فحرموه ، رواه أحمد ، وقضى ابن مسعود بذلك في زمن عثمان ، رواه أبو عبيد ، قال ابن المنذر : وبهذا قال أكابر الماضين .

وحمل الآية على أنه أراد من غير عشيرتكم لا يصح ؛ لأن جماعة منهم ابن مسعود وابن عباس قالوا : من غير ملتكم ودينكم ، ولأن الشاهدين من المسلمين لا قسامة عليهما .

ولا يصح حملها على التحمل ؛ لأنه لا أمان فيه ، وحملها على اليمين غير مقبول ؛ لقوله تعالى : ولا نكتم شهادة الله [ المائدة : 106 ] ولأنه عطف على ذوي العدل من المؤمنين ، وهما شاهدان ، قال أحمد : أهل المدينة ليس عندهم حديث أبي موسى ، وشرطه أن يكونوا من أهل الكتاب ، كما ذكره ، وهو الذي في " الكافي " و " المستوعب " و " الوجيز " ، وقدم في " الرعاية " : أنه لا يشترط ، وفي " المحرر " : روايتان من غير ترجيح .

و " أو " في قوله تعالى : أو آخران ليست للتخيير ، والمعنى : إن لم تجدوا هذا ، وقيل : والمعنى بلى ( وحضر الموصي الموت فتقبل شهادتهم ) لما سبق ( ويحلفهم [ ص: 217 ] الحاكم ) وجوبا ، وقيل : ندبا ( بعد العصر ) لخبر أبي موسى ، قال ابن قتيبة : لأنه وقت تعظمه أهل الأديان ( لا نشتري به ثمنا ، ولو كان ذا قربى ، ولا نكتم شهادة الله ، وإنها لوصية الرجل ) لما روى الشعبي أن رجلا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقاء هذه ، ولم يجد أحدا من المسلمين يشهده على وصيته ، فأشهد رجلين من أهل الكتاب ، فقدما الكوفة فأتيا أبا موسى الأشعري فأخبراه وقدما بتركة ووصية ، فأحلفهما بعد العصر ما خانا ولا كتما ولا كذبا ولا بدلا ولا غيرا ، وأنها لوصية الرجل وتركته ، فأمضى شهادتهما . رواه الدارقطني ( فإن عثر ) أي : فإن اطلع ( على أنهما استحقا إثما ) فعلا ما أوجب إثما ، واستوجبا أن يقال : إنهما لمن الآثمين ( قام آخران ) أي : شاهدان آخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم ، أي : الإثم ( من أولياء الموصي ) ومعناه من الذين جني عليهم ، وهم أهل الميت وعشيرته .

وفي قصة بديل أنه لما ظهرت خيانة الرجلين حلف رجلان من ورثته أنه إناء صاحبهما ، وأن شهادتهما أحق من شهادتهما ( فحلفا بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما ، ولقد خانا وكتما ) أي : ليميننا أحق بالصواب من يمين هذين الخائنين ( ويقضي لهم ) لما سلف ( وعنه : تقبل شهادة بعضهم على بعض ) نقلها حنبل .

لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض . [ ص: 218 ] رواه ابن ماجه وكالمسلمين ( والمذهب الأول ) لما ذكرنا من الأدلة ، ولأن من لا تقبل شهادته على غير أهل دينه لا تقبل على أهل دينه كالحربي ، والخبر مردود بضعفه ؛ فإنه من رواية مجالد ، ولو سلم ، فيحتمل أنه أراد اليمين لأنها تسمى شهادة ؛ لقوله تعالى : فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله [ النور : 6 ] .

وعلى الثانية : أجازها البرمكي في صورة خاصة للحاجة ، وهي شهادة البنين بعضهم على بعض إذا ادعى أحدهم أن الآخر أخوه .

وعليها تعتبر عدالته في دينه مع بقية الشروط فيها .

واختلفوا فمنهم من قال : الكفر ملة واحدة ، والأشهر لا .

التالي السابق


الخدمات العلمية