صفحة جزء
فصل : إذا شهد بقتل العمد رجل وامرأتان لم يثبت قصاص ولا دية وإن شهدوا بالسرقة ثبت المال دون القطع . وإن ادعى رجل الخلع ، قبل فيه رجل وامرأتان . وإن ادعته المرأة لم يقبل فيه إلا رجلان ، وإذا شهد رجل وامرأتان لرجل بجارية أنها أم ولده وولدها منه ، قضي له بالجارية أم ولد . وهل تثبت حرية الولد ونسبه من مدعيه ؛ على روايتين .


فصل

( إذا شهد بقتل العمد رجل وامرأتان ) أو شاهد ويمين . ( لم يثبت قصاص ولا دية ) اقتصر عليه في " الكافي " و " الشرح " و " الوجيز " ; لأن القتل يوجب القصاص ، والمال بدل منه . فإذا لم يثبت الأصل لم يجب بدله . وإن قلنا موجبه أحد شيئين ، لم يتعين أحدهما إلا بالاختيار . فلو أوجبنا الدية وحدها أوجبنا معينا .

ونقل ابن منصور عنه : أنه يثبت المال إن كان المجني عليه عبدا . زاد في [ ص: 262 ] " الرعاية الكبرى " : أو حرا . ( وإن شهدوا بالسرقة ثبت المال ) لكمال بينته ( دون القطع ) كذا في " المحرر " و " الوجيز " ، وقدمه في " الرعاية " و " الفروع " ; لأن السرقة توجبهما أي : المال والقطع ، فإذا قصرت عن أحدهما ثبت الآخر .

واختار في " الإرشاد " و " المبهج " : لا يثبت المال كالقطع ; لأنها شهادة لا توجب الحد ـ وهو أحد موجبيها ـ فإذا بطلت في أحدهما بطلت في الآخر .

وبنى في " الترغيب " عليهما القضاء بالغرم على ناكل . ( وإن ادعى رجل الخلع ، قبل فيه رجل وامرأتان ) لأنه يدعي المال الذي خالعته به ، فأما البينونة فتحصل بمجرد دعواه ، ذكره أصحابنا . ( وإن ادعته المرأة لم يقبل فيه إلا رجلان ) ؛ لأنها لا تقصد بذلك إلا الفسخ ، ولا يثبت إلا بعدلين . فأما إن اختلفا في عوض الخلع أو الصداق ثبت بشاهد ويمين ; لأنه مال . ( وإذا شهد رجل وامرأتان ) أو شاهد ويمين . ( لرجل بجارية أنها أم ولده ، وولدها منه قضي له بالجارية أم ولد ) لأنه يدعي ملكها ، وقد أقام بينة كافية فيه ، ويثبت لها حكم الاستيلاد بإقراره ; لأن إقراره ثبت ، والملك ثبت في ملكه بشاهد ويمين .

وظاهر كلام المؤلف : أنه حصل بقول البينة ، وليس هو بمراد ، بل مراده الحكم بأنها أم ولده ، مع قطع النظر عن علة ذلك ، وعلته أن المدعي مقر بأن وطأها كان في ملكه . ( وهل تثبت حرية الولد ونسبه من مدعيه ؛ على روايتين ) كذا في " المحرر " و " الفروع " . [ ص: 263 ] الأشهر ـ كما نصره في " الشرح " ـ : أنه لا تثبت حرية الولد ولا نسبه ; لأن البينة لا تصلح لإثبات ذلك . فعلى هذا يبقى الولد في يد المنكر مملوكا له .

والثانية : يثبتان جزم به في " الوجيز " ; لأن الولد نماء الجارية وقد ثبتت له ، فتبعها الولد في الحكم ، ثم يثبت نسبه وحريته بإقراره . وقيل : يثبت نسبه من أبيه بدعواه وإن بقي عبدا لمن هو بيده . فإن ادعى أنها كانت ملكه فأعتقها لم يثبت ذلك برجل وامرأتين . قدمه في " الكافي " و " الشرح " و " الرعاية " ; لأن البينة شهدت بملك قديم فلم يثبت ، والحرية لا تثبت برجل وامرأتين . وقيل : تثبت كالتي قبلها . مسألة : يجوز الحلف بمعرفة الخط . كمن رأى خط موروثه بأن له على زيد شيئا ، أو أنه أبرأه منه ، حلف إذا وثق بدينه وأمانته . وإن رأى زيد بخطه أن له دينا على عمرو أو أنه قضاه وعلم صحة ذلك ، حلف عليه .

وإن أخبره ثقة أن زيدا قتل أباه أو غصبه شيئا ، حلف عليه وضمنه إياه ، ولا تجوز الشهادة في هذه المسائل .

والفرق بينهما : أن الشهادة لغيره ، فيحتمل أن من له الشهادة قد زور على خطه ، ولا يحتمل هذا فيما يحلف عليه ; لأن الحق إنما هو للحالف فلا يزور أحد عليه ؛ ولأن ما يكتبه الإنسان من حقوقه يكثر فينسى بعضه بخلاف الشهادة . والأولى التورع عن ذلك ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية