صفحة جزء
فصل : ومتى رجع شهود المال بعد الحكم لزمهم الضمان ، ولم ينقض الحكم سواء كان قبل القبض وبعده ، وسواء كان المال قائما أو تالفا .


فصل .

( ومتى رجع شهود المال بعد الحكم لزمهم ) أي : الشهود . ( الضمان ) في قول أكثر العلماء ; لأنهما قد اعترفا بأنهما قد أخرجا ماله من يده بغير حق ، فلزمهما الضمان ، كما لو شهدا بعتقه . ولأنهما نسبا إلى إتلاف حقه بشهادتهما بالزور عليه فضمنا كشاهدي القصاص . بل وجوب المال أولى ; لأن القصاص يدرأ بالشبهة .

ويستثنى منه ما لم يصدقهم مشهود له ، فأما المزكون فلا يغرمون شيئا . ذكره معظم الأصحاب .

واقتضى ذلك أنه لا يرجع على المحكوم له بشيء وهو كذلك ، بغير خلاف نعلمه ( ولم ينقض الحكم ) في قول أكثر أهل الفتيا من علماء الأمصار ، وقال [ ص: 272 ] ابن المسيب والأوزاعي : ينقض وإن استوفى الحق ، كما لو تبين أنهما كانا كافرين .

وجوابه : أن حق المشهود له وجب فلا يسقط ، كما لو ادعياه لأنفسهما . يحقق هذا أن حق الإنسان لا يزول إلا ببينة أو إقرار ، وليس هذا واحدا منهما . وفارق الكافر ; لأنه لم يوجد شرط الحكم : وهو شهادة العدول ، وهنا يجوز أن يكونا عدلين صادقين في شهادتهما ، وإنما كذبا في رجوعهما .

وتفارق العقوبات حيث لا تستوفى لأنها تدرأ بالشبهات . ( سواء كان قبل القبض أو بعده وسواء كان المال قائما أو تالفا ) لأن وجوب الحق متعلق بالحكم ، وهو موجود ـ فيما ذكر ـ على السواء ، لكن ذكر في " المغني " : أنه إذا شهد بدين فأبرأ منه مستحقه ، ثم رجعا لم يغرماه للمشهود عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية