صفحة جزء
وإن بان بعد الحكم أن الشاهدين كانا كافرين أو فاسقين ، نقض الحكم ويرجع بالمال أو ببدله على المحكوم له . وإن كان المحكوم به إتلافا فالضمان على المزكين ، فإن لم يكن ثم تزكية فعلى الحاكم . وعنه : لا ينقض إذا كانا فاسقين .


( إذا بان بعد الحكم أن الشاهدين كانا كافرين أو فاسقين نقض ) أي : إذا بان بعد الحكم كفر الشهود نقض بغير خلاف ; لأن شرط الحكم كون الشاهد مسلما ، ولم يوجد . [ ص: 278 ] وكذا إذا بان فسقهم على المذهب . ( ويرجع بالمال أو ببدله على المحكوم له ) قدمه في " الكافي " و " الرعاية " ، وجزم به في " الوجيز " ; لأن الحكم قد نقض فيجب أن يرجع الحق إلى مستحقه ، وقد علم منه أنه إذا كان موجودا ألزم برده بعينه وهو ظاهر . ( وإن كان المحكوم به إتلافا ) كقتل أو كان الحكم لله بإتلاف حسي ، أو بما سرى إليه ( فالضمان على المزكين ) ؛ لأن المحكوم به قد تعذر رده ، وشهود التزكية ألجئوا الحاكم إلى الفعل ، فلزمهم الضمان ، كما لو شهد عدلان بحق ثم حكم حاكم بها ، ثم رجعا ؛ ولأن الحاكم أتى بما عليه ، والشهود لم يعترفوا ببطلان شهادتهم ، وإنما التفريط من المزكين .

قال القاضي : الضمان على الحاكم . وهذا الذي ذكره السامري ; لأنه فرط في الحكم بمن لا يجوز الحكم بشهادته .

وقال أبو الخطاب : الضمان على الشهود ; لأنهم فوتوا الحق على مستحقيه بشهادتهم الباطلة ، كما لو رجعوا . ( فإن لم يكن ثم تزكية فعلى الحاكم ) لأن التلف حصل بفعله أو بأمره فلزمه الضمان لتفريطه . وكذا إن كان مزكون فماتوا . ذكره في " الكافي " و " الرعاية " ولا قود ; لأنه مخطئ ، وتجب الدية في بيت المال ، وعنه : على عاقلته .

فإن قيل : إذا كان الولي قد استوفى حقه فينصب الضمان عليه ، كما لو حكم له بمال فقبضه ، ثم بان فسق الشهود . [ ص: 279 ] قلنا : ثم حصل في يد المستوفي مال المحكوم عليه بغير حق ، فوجب عليه رده وضمانه إن تلف ، وهنا لم يحصل في يده شيء ، وإنما أتلف شيئا بخطأ الإمام وتسليطه عليه فافترقا . ( وعنه : لا ينقض إذا كانا فاسقين ) لأن شرط الحكم أن لا يظهر للقاضي فسق الشهود ، وذلك موجود ، والكفر لا يخفى غالبا .

والأول أولى ; لأنهما لم يعترفا ببطلان شهادتهما ، لكن تبين فقد شرط الحكم فوجب أن يقضي بنقضه . كما لو تبين أنه حكم بالقياس وهو مخالف للنص .

وإن ظهروا عبيدا أو ولدا أو والدا أو عدوا ، فإن كان الذي حكم يرى الحكم به ، لم ينقض ; لأنه لم يخالف نصا ولا إجماعا ، وإلا نقض .

فرع : إذا جلد الإمام إنسانا ببينة قامت عنده ، ثم بان فسقهم أو كفرهم أو أنهم عبيد ، ضمن الإمام ما حصل بسبب الضرب ، كما لو قطع أو قتل . وهو قول الشافعي . وقال مالك : يضمن في الكفر والرق .

وقال أبو حنيفة : لا ضمان عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية