صفحة جزء
باب الحكم فيما إذا وصل بإقراره ما يغيره . إذا وصل بإقراره ما يسقطه ، مثل أن يقول : له علي ألف لا تلزمني . أو قد قبضه ، أو استوفاه ، أو ألف من ثمن خمر ، أو تكفلت به على أني بالخيار ، أو ألف إلا ألفا أو إلا ستمائة ، لزمه الألف وإن قال : كان له علي ألف وقضيته ، أو قضيت منه خمسمائة . فقال الخرقي : ليس بإقرار ، والقول قوله مع يمينه . وقال أبو الخطاب : يكون مقرا مدعيا للقضاء ، فلا يقبل إلا ببينة . فإن لم يكن له بينة حلف المدعي أنه لم يقبض ولم يبرأ ، واستحق . وقال : هذه رواية واحدة ، ذكرها ابن أبي موسى .


[ ص: 326 ] باب الحكم فيما إذا وصل بإقراره ما يغيره .

( إذا وصل بإقراره ما يسقطه مثل أن يقول : له علي ألف لا تلزمني . أو قد قبضه ، أو استوفاه ، أو ألف من ثمن خمر ، أو تكفلت به على أني بالخيار ، أو ألف إلا ألفا أو إلا ستمائة ، لزمه الألف ) وفيه مسائل : الأولى : إذا قال : له علي ألف لا تلزمني . لزمه الألف ; لأن مجموع قوله لا يمكن تصحيحه ; لأنه لا سبيل أن يكون له علي ألف لا تلزمه فيلغى هو ، وتلزمه لعدم المعارض . وفيه احتمال بعيد حكاه في " الرعاية " لرفعه ما أقر به . وذكر القاضي : أنه يقبل قوله في المسائل كلها ، إلا في قوله : له علي ألف لا تلزمني ; لأنه عزا إقراره إلى سببه فقبل ، كما لو عزاه إلى سبب صحيح . وحكاه ابن هبيرة عن أحمد ، وذكر أنه احتج في ذلك بمذهب ابن مسعود .

وجوابه : أن هذا يناقض ما أقر به فلم يقبل ، كالصورة التي سلمها . أو يقول : رفع جميع ما أقر به . فلم يقبل كاستثناء الكل . الثانية : إذا قال : له علي ألف قد قضيته ، وكان سريعا أو بعضه . قبل يمينه ، نص عليه ، اختاره عامة شيوخنا .

وعنه : يقبل في بعضه ، كاستثناء البعض . وإن قال : قضيت جميعه . لم يقبل إلا ببينة [ ص: 327 ] كاستثناء الكل . وإذا قال : جوابا للدعوى أبرأني منها ، أو برئت إليه منها . فالخلاف . الثالثة : إذا قال : له علي ألف استوفاها . لزمه الألف . الرابعة : إذا قال : له علي ألف من ثمن خمر . لزمه الألف ; لأن ثمن الخمر لا يكون عليه . فذكره له بعد الإقرار رفع للألف بجملته ، فلم يصح ، كالأولى : لا من ثمن خمر ألف . الخامسة : إذا قال : تكفلت بشرط خيار . فتلزمه الألف ، على الأشهر . السادسة : إذا قال : له علي ألف إلا ألفا . لزمه الألف بغير خلاف نعلمه ; لأنه باطل .

السابعة : إذا قال : له علي ألف إلا ستمائة . لزمه الألف ; لأنه استثناء الأكثر ولم يرد ذلك في لغة العرب . وما ذكره المؤلف هنا جزم به في " المستوعب " و " الوجيز " ، وقدمه في " الكافي " . وإن قال : له علي مائة من ثمن مبيع تلف قبل قبضه ، أو لم أقبضه ، أو من مضاربة تلفت ، وشرط علي ضمانها مما يفعله الناس عادة . فوجهان .

فرع : قال له : لي عليك ألف . فقال : قضيتك منه مائة . فليس بإقرار . ويحتمل أن يلزمه الباقي . ويجيء على الرواية أن يلزمه ما ادعى قضاءه ، وهو رواية في " المنتخب " . ( وإن قال : كان له علي ألف وقضيته ، أو قضيت منه خمسمائة . فقال الخرقي ) وعامة شيوخنا ، وقدمه في " المحرر " و " الفروع " ، وجزم به في " الوجيز " : ( ليس بإقرار ) نص عليه في رواية ابن منصور . ( والقول قوله مع يمينه ) ذكر ابن هبيرة : أن أحمد احتج في ذلك بقول ابن مسعود ، ولأنه قول يمكن صدقه ولا تناقض فيه من جهة اللفظ ، فوجب قبول قوله ، ولا يلزمه شيء كاستثناء [ ص: 328 ] البعض ، بخلاف المنفصل ; لأنه قد استقر بسكوته عليه .

ولهذا لا يرفعه استثناء ولا غيره . ( وقال أبو الخطاب : يكون مقرا ) لأن قوله : كان له علي . يقتضي وجوب المقر به عليه ، بدليل ما لو سكت عليه ( مدعيا للقضاء ) لأن قوله : قضيته . دعوى لذلك ( فلا يقبل إلا ببينة ) في قول أكثر العلماء ، كما لو ادعى ذلك بكلام منفصل ، وكاستثناء الكل . ( وإن لم يكن له بينة حلف المدعي أنه لم يقبض ولم يبرأ ، واستحق ) لأن المدعى عليه ادعى القضاء ، وقوله محتمل . فيجب أن يحلف على ذلك ، وحينئذ فيستحق ; لأن خصمه أقر به . ( وقال : هذه رواية واحدة ، ذكرها ابن أبي موسى ) واختاره أبو الوفاء وغيره ; لسكوته قبل دعواه . وعنه : ليس بجواب صحيح فيطالب برد الجواب . وفي " الترغيب " و " الرعاية " : هو أشهر .

وقيل : تقبل دعوى الوفاء لا الإبراء . وبنى عليها في " الوسيلة " لو قال لعبده : أخذت منك كذا قبل العتق . قال : بعده .

قال في " الفروع " : ويتوجه عليها لو قال : كان له علي ألف . هل تسمع دعواه ؛ فذكر أبو يعلى الصغير : لا تسمع . قال في " الترغيب " : بلا خلاف . تنبيه : إذا قال : كان له علي ألف . وسكت ، لزمه الألف في ظاهر قول أصحابنا .

ويتخرج ليس بإقرار ; لأنه لم يذكر عليه شيئا في الحال ، وإنما أخبر بذلك [ ص: 329 ] في زمن ماض . وكذا لو شهدت البينة به ولم يثبت . وجوابه : أنه أقر بالوجوب .

والأصل : بقاؤه حتى يوجد ما يرفعه ، بدليل ما لو تنازعا دارا ، فأقر أحدهما للآخر أنها كانت ملكه ، حكم له بها . إلا أنه هنا إذا عاد فادعى القضاء أو الإبراء ، سمعت دعواه ; لأنه لا تنافي بين الإقرار وبين ما يدعيه ، على إحدى الروايتين . قاله في " الشرح " .

التالي السابق


الخدمات العلمية