صفحة جزء
ولا يصح الاستثناء من غير الجنس . نص عليه . فإذا قال : له علي مائة درهم إلا ثوبا لزمته المائة إلا أن يستثني عينا من ورق ، أو ورقا من عين ، فيصح ، ذكره الخرقي ، وقال أبو بكر : لا يصح فإذا قال : له علي مائة درهم إلا دينارا . فهل يصح ؛ على وجهين .


( ولا يصح الاستثناء من غير الجنس . نص عليه ) في رواية ابن منصور . ( فإذا قال : له علي مائة درهم إلا ثوبا . لزمته المائة ) لأنه غير داخل في مدلول المائة ، فكيف يخرج منها ؛ ولأن الاستثناء صرف اللفظ بحرف الاستثناء عما كان يقتضيه لولاه ; لأنه مشتق من قولهم : ثنيت فلانا عن رأيه ، إذا صرفته عما كان عليه . وثنيت عنان دابتي ، رددتها عن وجهها الذي كانت ذاهبة إليه . ولا يوجد هذا في غير الجنس والنوع ؛ ولأن الاستثناء من غير الجنس لا يكون إلا في الجحد بمعنى لكن ، والإقرار إثبات .

وهذا : جواب قوله تعالى : وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن [ الكهف : 34 ] ، و لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما [ مريم : 62 ] .

و قول الشاعر :

وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس

( إلا أن يستثني عينا من ورق ، أو ورقا من عين . فيصح ، ذكره الخرقي ) واختاره أبو حفص العكبري ، وصاحب " التبصرة " ، و " الروضة " ; لأنهما كالجنس الواحد ، لاجتماعهما في أنهما قيم المتلفات وأرش الجنايات ، ويعبر بأحدهما عن الآخر ، وتعلم قيمته منه ، فأشبها النوع الواحد بخلاف غيرهما . ( وقال أبو بكر : لا يصح ) وهو رواية اختارها جماعة ، وقدمها في " المحرر " و " الرعاية " و " الفروع " ، وجزم [ ص: 336 ] بها في " الوجيز " ; لاختلاف جنسهما . ولعل الخلاف مبني على أنهما جنس واحد أو جنسان .

وقال أبو الخطاب : يلزم من الصحة صحة استثناء ثوب من غيره . وفي " المغني " و " الشرح " : يمكن حملها على ما إذا كان أحدهما يعبر به عن الآخر أو يعلم قدره منه . ورواية البطلان : على ما إذا انتفى ذلك . وقيل : بل نوع من آخر .

فلو قال : له علي عشرة آصع تمرا برنيا إلا ثلاثة آصع تمرا معقليا . فيصح لتقارب المقاصد من النوعين كالورق والعين . والأول أصح ; لأن العلة الصحيحة في العين والورق غير ذلك . ( فإذا قال : له علي مائة درهم إلا دينارا . فهل يصح ؛ على وجهين ) هما مبنيان على الخلاف السابق . فإذا صححناه رجع في تفسير قيمة الدينار إليه . قاله أبو الخطاب ، وقدمه في " الرعاية " ، والأشهر : أنه يرجع إلى سعره بالبلد . فإن تعذر فإلى تفسيره . وفي " المنتخب " : إن بقي منه أكثر المائة .

وفي " المذهب " : يقبل بالنصف فأقل . وقدمه الأزجي .

التالي السابق


الخدمات العلمية