صفحة جزء
[ ص: 414 ] باب النية

وهي الشرط السادس للصلاة ، على كل حال . ويجب أن ينوي الصلاة بعينها إن كانت معينة ، وإلا أجزأته نية الصلاة . وهل تشترط نية القضاء في الفائتة ، ونية الفرضية في الفرض ؛ على وجهين


باب النية .

النية مشددة ، وحكي فيها التخفيف يقال نويت نية ونواة ، وأنويت كنويت ، قاله الزجاج ، وانتويت كذلك ، حكاه الجوهري .

وهي في اللغة : القصد ، وهو عزم القلب على الشيء ، يقال : نواك الله بخير أي : قصدك به .

وفي الشرع : العزم على فعل الشيء تقربا إلى الله تعالى ، ومحلها القلب ، والتلفظ ليس بشرط ، إذ الغرض جعل العبادة لله تعالى ، وذلك حاصل بالنية ، لكن ذكر ابن الجوزي وغيره أنه يستحب أن يلفظ بما نواه ، وإن سبق لسانه ما نواه لم يضر ، فإن تلفظ بما نواه كان تأكيدا ذكره في " الشرح " .

( وهي الشرط السادس للصلاة ) أي : لا تصح إلا بها بغير خلاف لقوله تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين [ البينة : 5 ] والإخلاص عمل القلب ، وهو أن يقصد بعمله الله وحده ، ولقوله عليه السلام إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ولأنها قربة محضة فاشترطت لها النية كالصوم ، وقيل : فرض ، وقيل : ركن . وعدها في " التلخيص " مع الأركان لاتصالها بها ، وإلا فهي بالشروط أشبه ، وقال سيدنا الشيخ عبد القادر : هي قبل الصلاة شرط ، وفيها ركن ، قال صاحب " النظم " : فيلزم في بقية الشروط مثلها ، وفيه نظر [ ص: 415 ] ( على كل حال ) أي : لا تسقط بوجه ، فهي شرط مع العلم ، والجهل ، والذكر ، والنسيان ، وغيرها .

( ويجب أن ينوي الصلاة بعينها إن كانت معينة ) فرضا كانت كالظهر ، والعصر أو نفلا كالوتر ، والسنة الراتبة ، ونحوها ، نص عليه ، وجزم به الأصحاب لعموم الخبر ، فيلزمه نية الفعل والتعيين لتتميز عن غيرها ، وقيل : نية الفرض تغني عن تعيينه ، ويحتمله كلام الخرقي ، وقيل : إذا نوى فرض الوقت فيه ، أو ما عليه من رباعية جهلها صح وكفى ، وأومأ إليه أحمد ، وقيل : يكفي نية الصلاة في نفل معين ، ذكره في الترغيب ( وإلا أجزأته نية ) مطلق ( الصلاة ) إذا كانت نافلة مطلقة كصلاة الليل لعدم التعيين فيها ( وهل تشترط نية القضاء في الفائتة ، ونية الفرضية في الفرض ؛ على وجهين ) قيل : هما روايتان ، إحداهما : لا يشترط ، جزم به معظم الأصحاب ، وصححه ابن تميم ، وغيره ، لأن التعيين يغني عنها ، لكون الظهر لا يقع من المكلف إلا فرضا ، كما أغنى عن نية عدد الركعات ، والثانية : يشترط ، وهو قول ابن حامد ، وصححه في " الفروع " ليتميز عن ظهر الصبي ، وعن المعادة .

فعلى هذا يحتاج إلى نية الفعل ، والتعيين ، والفرضية ، وكذا الخلاف في اشتراط نية الأداء في الحاضرة ، ويصح القضاء بنية الأداء ، وعكسه إذا بان خلاف ظنه ، ذكره الأصحاب ، قالوا : ولا يصح القضاء بنية الأداء ، وعكسه أي : مع العلم .

وظاهره : أنه لا يشترط إضافة الفعل إلى الله تعالى فيهما ، وكذا في جميع [ ص: 416 ] العبادات في قول الأصحاب ، وقال أبو الفرج : الأشبه اشتراطه ، وقيل : يشترط فيما يقصد لعينه كالصلاة والصيام دون الطهارة .

تنبيه : إذا نوى من عليه ظهران فائتتان ظهرا منهما ، لم يجزئه عن واحد منهما حتى يعين السابقة لأجل الترتيب ، وقيل : بلى كصلاتي نذر ، لأنه مخير هنا في الترتيب ، وإن قصد بالفائتة أنها ظهر أمسه ، والحاضرة أنها ظهر يومه ، لم يحتج إلى وصفهما بالقضاء والأداء ، فإن كانتا عليه وحاضرة ، فترك شرطا في واحدة لزمه إعادة واحدة في الأشهر ، فإذا ظن أن عليه فائتة فنواها في وقت حاضرة مثلها ، ثم بان أنها لم تكن عليه ، لم تجزئه عن الحاضرة في الأظهر ، قاله ابن تميم ، والثاني : تجزئه كما لو نوى ظهر أمس ، وعليه ظهر يوم قبله .

التالي السابق


الخدمات العلمية