صفحة جزء
" ويحرم صيد المدينة "

المدينة : علم على مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو علم بالغلبة لا بالوضع ، ولا يجوز نزع الألف واللام منها ، إلا في نداء أو إضافة ، وجمعها [ ص: 184 ] مدن ومدن ومدائن ، بهمز ودونه . وسئل أبو علي الفسوي عن همزه ، فقال : من جعلها فعلية من قولهم : مدن بالمكان : إذا أقام ، همزه ، ومن جعلها مفعلة من دين ، إذا ملك ، لم يهمزه ، كما لم يهمز معايش ، ولها أسماء منها : طيبة ، وطابة ، ويثرب ، وتقدم ذلك في الاعتكاف .

" للرحل والعارضة والقائمة "

قال الجوهري : الرحل : رحل البعير ، وهو أصغر من القتب ، والعارضة : ما يسقف به المحمل . قال ابن سيده : العارضة : المحمل ، وعوارض البيت خشب سقفه المعروضة ، وعارضة الباب : مساك العضادتين من فوق ، محاذية للأسكفة . " والقائمة " : إحدى قائمتي الرحل ، اللتين في مقدمته ومؤخره ، عن أبي السعادات .

" ومن حشيشها للعلف "

العلف بفتح اللام ، ما يأكله البهائم ، يقال : علف الدابة ، وأعلفها .

" ما بين ثور إلى عير "

أما عير فهو جبل معروف بالمدينة مشهور ، مع أنه قد أنكره بعضهم ، قال مصعب الزبيري : ليس بالمدينة عير ولا ثور وأما ثور ، فهو جبل بمكة معروف ، فيه الغار الذي توارى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الكفار ومعه أبو بكر - رضي الله عنه - وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " المدينة حرم ما بين عير إلى ثور " قال القاضي عياض : أكثر الرواة [ ص: 185 ] في البخاري ذكروا عيرا ، فأما ثور ، فمنهم من كنى عنه بكذا ، ومنهم من ترك مكانه بياضا ؛ لأنهم اعتقدوا ذكر ثور خطأ ، وقال أبو عبيد : أصل الحديث : " من عير إلى أحد " ، وكذا قال الحازمي وجماعته ، وقيل : الرواية صحيحة ، والتقدير : حرم من المدينة قدر ما بين عير وثور من مكة ، أو حرم المدينة تحريما مثل تحريم ما بين عير وثور بمكة ، على حذف المضاف ، ووصف المصدر المحذوف ، وهذا كله لأنهم لا يعرفون بالمدينة ثورا ، وقد أخبرنا الإمام العلامة ذو الفنون عفيف الدين أبو طاهر عبد السلام بن محمد بن مزروع البصري قال : صحبت طائفة من العرب من بني هاشم ، وكنت إذا صحبت العرب أسألهم عما أراه من جبل أو واد وغير ذلك ، فمررنا بجبل خلف أحد ، فقلت : ما يقال لهذا الجبل ؛ فقالوا : هذا جبل ثور ، فقلت : ما تقولون ؛ فقالوا : هذا ثور ، معروف من زمن آبائنا وأجدادنا ، فنزلت وصليت عنده ركعتين . والله أعلم .

[ ص: 186 ] وقد جاء في الحديث : " اللهم إني أحرم ما بين جبليها " وفي بعض الروايات ما بين لابتيها ، [ فما بين لابتيها ] بيان لحد حرمتها من جهتي المشرق والمغرب ، وما بين جبليها بيان لحده من جهتي الجنوب والشمال . والله أعلم .

" اثني عشر ميلا حمى "

تقدم قدر الميل في قصر الصلاة ، وأما الحمى ، فقال صاحب المطالع : الحمى المكان الممنوع من الرعي ، وحميت المكان وأحميته إذا منعته من الرعي ، حكاهما شيخنا أبو عبد الله بن مالك في فعل وأفعل . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية