صفحة جزء
ثم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، وليست من الفاتحة ، وعنه : أنها منها . ولا يجهر بشيء من ذلك ،


( ثم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ) في أول الفاتحة ، وأول كل سورة في قول أكثرهم ، لما روى نعيم المجمر قال : صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ ( ولا الضالين ) الحديث ، ثم قال : والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواه النسائي ، وفي لفظ لابن خزيمة ، والدارقطني : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وأبو بكر ، وعمر وزاد ابن خزيمة : في الصلاة ( وليست من الفاتحة ) جزم به أكثر الأصحاب ، وصححه ابن الجوزي ، ، وابن تميم والجد ، وحكاه القاضي إجماعا سابقا ، وكغيرها; لما روى أبو هريرة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : قال الله : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى : حمدني عبدي رواه مسلم ، ولو كانت آية لعدها ، وبدأ بها ، ولما تحقق التنصيف ؛ لأن ما هو ثناء وتمجيد أربع آيات ونصف ، وما هو للآدمي اثنان ونصف ، لأنها سبع آيات إجماعا ، لكن حكى الرازي عن الحسن البصري أنها ثمان آيات ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - في تبارك الذي بيده الملك إنها ثلاثون آية رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي بإسناد حسن ، ولا يختلف العادون أنها ثلاثون آية بدون البسملة ، وهي قرآن على الأصح آية منه ، وكانت تنزل فصلا بين السور غير ( براءة ) وعنه : [ ص: 435 ] ليست من القرآن إلا في ( النمل ) فإنها بعض آية فيها إجماعا ، فلهذا نقل ابن الحكم : لا تكتب أمام الشعر ، ولا معه ، وذكر الشعبي أنهم كانوا يكرهونه ، قال القاضي : لأنه يشوبه الكذب والهجر غالبا ( وعنه : أنها منها ) اختارها ابن بطة ، وأبو حفص ، وصححه ابن شهاب لما روى أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أنزل علي سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر رواه مسلم ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقراءتها مع الفاتحة رواه الدارقطني بإسناد رجاله ثقات ، واحتج أحمد بأن الصحابة أجمعوا على كتابتها في المصاحف .

ثم اعلم أن مسألة البسملة عظيمة صنف فيها الأئمة ، منهم الخطيب البغدادي ، قال الأصوليون : وقوة الشبهة في ( بسم الله الرحمن الرحيم ) منعت التكفير من الجانبين ، فدل على أنها ليست من المسائل القطعية ، خلافا للقاضي أبي بكر .

فائدة : تكتب أوائل الكتب ، كما كتبها - صلى الله عليه وسلم - في صلح الحديبية ، وإلى قيصر وغيره ، نص عليه ، فتذكر في ابتداء جميع الأفعال ، وعند دخول المنزل ، والخروج منه للتبرك ، وهي تطرد الشيطان ، وإنما يستحب إذا ابتدأ فعلا تبعا لغيرها لا مستقلة ، فلم تجعل كالحمدلة ، ونحوها .

( ولا يجهر بشيء من ذلك ) قد مضى شرحه ، والآن لا يجهر بالبسملة ، وإن قلنا هي من الفاتحة ، قال في " الشرح " : لا خلاف عنه فيه ، وحكى الترمذي أنه قول أكثر العلماء من الصحابة والتابعين منهم أبو بكر ، وعمر ، ، وعثمان ، وعلي ، وقد روى أحمد والنسائي على شرط الصحيح : لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم ، وفي لفظ البخاري عن أنس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر ، وعمر كانوا [ ص: 436 ] يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين وفي رواية مسلم : لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ، ولا في آخرها وعنه : يجهر لأخبار منها ما روى أبو هريرة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أم الناس قرأ بسم الله الرحمن الرحيم قال الدارقطني : إسنادهم كلهم ثقات ، وعنه : بالمدينة ليتبين أنها سنة ، لأن أهل المدينة ينكرونها ، كما جهر ابن عباس بقراءة الفاتحة في صلاة الجنازة ، وعنه : يجهر في نفل ، وقيل : إن قلنا : هي من الفاتحة جهر بها ، واختار تقي الدين : يجهر بها وبالتعوذ ، وبالفاتحة بالجنازة ، ونحو ذلك أحيانا ، فإنه المنصوص عن أحمد تعليما للسنة ، وللتأليف ، ويخير صلاة في غير صلاة الجهر بها ، نقله الجماعة ، وكالقراءة والتعوذ ، وعنه : يجهر ، وعنه : لا .

التالي السابق


الخدمات العلمية