صفحة جزء
ثم يرفع يديه ويركع مكبرا ، فيضع يديه على ركبتيه ، ويمد ظهره مستويا ، ويجعل رأسه حيال ظهره ، ولا يرفعه ولا يخفضه ، ويجافي مرفقيه عن جنبيه ، وقدر الإجزاء الانحناء بحيث يمكن مس ركبتيه ، ثم يقول : سبحان ربي العظيم ثلاثا ، وهو أدنى الكمال ،


( ثم ) إذا فرغ من قراءته ثبت قائما ، وسكت حتى ترجع إليه نفسه قبل أن يركع ، ولا يصل قراءته بتكبيرة الركوع ، قاله أحمد ، لحديث سمرة ، فإذا فرغ من القراءة سكت رواه أبو داود ( يرفع يديه ) مع ابتداء الركوع ، وذلك مستحب في قول خلائق من الصحابة ، ومن بعدهم ، لما روى ابن عمر قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا استفتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه ، وإذا أراد أن يركع ، وبعد ما يرفع رأسه متفق عليه ، وروى أحمد بإسناد جيد عن الحسن أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يفعلون ذلك ، وكان ابن عمر إذا رأى رجلا لا يرفع يديه حصبه ، وأمره أن يرفع ، ومضى عمل السلف على هذا ( ويركع مكبرا ) وهو مشروع في كل خفض ، ورفع في قول عامتهم ، لما روى أبو هريرة قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكبر إذا قام إلى الصلاة ، ثم يكبر حين يركع متفق عليه ( فيضع يديه ) مفرجتي الأصابع ( على ركبتيه ) استحبابا في قول الأكثر ، وذهب قوم إلى التطبيق ، وهو أن يجعل المصلي إحدى كفيه على الأخرى ، ثم يجعلهما بين ركبتيه إذا ركع ، وهذا كان في أول الإسلام ثم نسخ ، وقد فعله مصعب بن سعد فنهاه أبوه ، وقال : كنا نفعل ذلك ، فأمرنا أن نضع أيدينا على الركب متفق عليه ، وفي حديث رفاعة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : وإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك رواه أبو داود ، والمذهب أن يفرج بين أصابعه ، لأنه عليه السلام فرج أصابعه من وراء ركبتيه رواه أحمد من حديث ابن مسعود ، وذكر ابن الجوزي ، وفي " الكافي " أنه يكون [ ص: 447 ] قابضا لركبتيه ( ويمد ظهره مستويا ، ويجعل رأسه حيال ظهره ) اتفاقا ( ولا يرفعه ، ولا يخفضه ) لما روت عائشة قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ركع لم يرفع رأسه ، ولم يصوبه ، ولكن بين ذلك متفق عليه ، وروي أنه عليه السلام كان إذا ركع ، لو كان قدح ماء على ظهره ما تحرك ، لاستواء ظهره ذكره في " المغني " و " الشرح " والمحفوظ ما رواه ابن ماجه عن وابصة بن معبد قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي ، وكان إذا ركع سوى ظهره حتى لو صب عليه الماء لاستقر ( ويجافي مرفقيه عن جنبيه ) لما روى أبو حميد : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما ، ووتر يديه فنحاهما عن جنبيه رواه أبو داود ، والترمذي ، وصححه ( وقدر الإجزاء ) في ركوع ( الانحناء بحيث يمس ركبتيه ) بيديه كذا ذكره السامري ، وجماعة ، لأنه لا يسمى راكعا بدونه ، ولا يخرج عن حد القيام إلى الركوع إلا به ، والاعتبار بمتوسطي الناس لا بالطويل اليدين ، ولا بقصيرهما ، قال ابن تميم : وفي " الفروع " أو قدره من غيره ، وقيل : في أقل منه احتمالان ، وفي " التلخيص " وغيره : أدناه الانحناء بحيث تنال كفاه ركبتيه ، وفي " الوسيلة " نص عليه ، وذكر ابن هبيرة أنهم اتفقوا على أن هذا مشروع ، وقال المجد : وضابط الإجزاء الذي لا يختلف أن يكون انحناؤه إلى الركوع المعتدل أقرب منه إلى القيام المعتدل ، فإن كانتا عليلتين لا يمكنه وضعهما انحنى ولم يضعهما ، فإن كانت إحداهما عليلة ، وضع الأخرى ذكره في " المغني " .

فرع : إذا سقط من قيام أو ركوع ، ولم يطمئن ، عاد إلى الركوع فاطمأن ، ولا يلزمه أن يقوم ، وإن اطمأن في ركوعه ، ثم سقط انتصب قائما ، ثم سجد [ ص: 448 ] ولا يعيد الركوع ، لأن فرضه قد سقط ، والاعتدال عنه قد سقط بقيامه ، وإن ركع ، ثم عجز عن القيام سجد عن الركوع ، فإن قدر على القيام قبل سجوده عاد إليه ، وإن كان بعده لم يلزمه العود إلى القيام ، لأن السجود قد صح ، وأجزأ ، فسقط ما قبله ، قال في " الشرح " : فإن قام من سجوده عالما بتحريم ذلك بطلت ، لأنه زاد فعلا ، وإن كان جاهلا أو ناسيا فلا ، ويعود إلى جلسة الفصل ، ويسجد للسهو .

( ويقول ) في ركوعه ( سبحان ربي العظيم ) لما روى حذيفة قال : صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان يقول في ركوعه : سبحان ربي العظيم ، وفي سجوده سبحان ربي الأعلى رواه الجماعة إلا البخاري ، وعن عقبة بن عامر قال : لما نزلت فسبح باسم ربك العظيم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : اجعلوها في ركوعكم ، فلما نزلت سبح اسم ربك الأعلى قال : اجعلوها في سجودكم رواه أحمد ، وأبو داود ، والاقتصار عليها أفضل من غير زيادة ، وعنه : الأفضل ويحمده ، اختاره المجد ، قال أحمد : جاء هذا وهذا ، والواجب مرة ( ثلاثا ) وهو أدنى ( الكمال ) لما روى أبو داود ، والترمذي من حديث عون عن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا ركع أحدكم فقال في ركوعه : سبحان ربي العظيم ثلاث مرات فقد تم ركوعه ، وإذا سجد قال مثل ذلك هذا مرسل ، لأن عونا لم يلق ابن مسعود . فالكمال للمنفرد ، وقيل : ما لم يخف سهوا ، وقيل : بقدر قيامه ، وقيل : سبع ، وهو ظاهر كلامه ، وقيل : عشر ، والإمام إلى عشر ، وقيل : ثلاث ما لم يؤثر مأموم ، وقيل : ما ، وظاهر الواضح قدر قراءته ، وقال الآجري خمسا ليدرك المأموم ثلاثا ، وأما الوسط فقال أحمد جاء عن الحسن أنه قال التسبيح التام سبع ، والوسط خمس ، وأدناه ثلاث .

التالي السابق


الخدمات العلمية