صفحة جزء
ثم يقول : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد . وإن شاء قال : كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، وكما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم .


( ثم يقول ) في التشهد الذي يعقبه السلام ( اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ) هذا هو المشهور في المذهب ، واقتصر عليه أكثر أصحابنا لما روى كعب بن عجرة قال : خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا : قد عرفنا كيف نسلم عليك ، فكيف نصلي عليك ؛ قال : قولوا : اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد ، وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد متفق عليه . قال جدي في " الانتصار " إلا أن البخاري قال : وآل محمد بإسقاط على ، وليس كذلك ، فإنه رواه في كتاب بدء الخلق : وعلى آل محمد بإثباتها ( وإن شاء قال كما صليت على إبراهيم ، وآل إبراهيم ، وكما باركت على إبراهيم ، وآل إبراهيم ) لما روى أحمد ، والنسائي ، والترمذي ، وصححه من حديث كعب ، وقال فيه : اللهم صل على محمد وآل محمد ، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وآل محمد ، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد .

قلت : ورواه البخاري من حديثه أيضا ، وظاهره أنه مخير بينهما ، وهو رواية لورود الرواية بهما ، وعنه : يقتصر على الأخير فقط ، اختاره ابن عقيل وقدمه [ ص: 466 ] في المذهب ، والأول أولى ، لأنها وردت بألفاظ مختلفة ، فوجب أن يجزئ منها ما اجتمعت عليه الأحاديث ، وهو الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - حسب ما اختاره القاضي والشيخان ، وصححه ابن تميم والجد في " فروعه " ، وقال ابن حامد ، وأبو الخطاب : يجب الصلاة على ما في خبر كعب ، وهو ظاهر كلامه في " التلخيص " و " المذهب " لظاهر الأمر به .

مسائل : الأولى أن المشبه دون المشبه به ، فكيف تطلب صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتشبه بالصلاة على إبراهيم وآله .

وجوابه بأنه يحتمل أن مراده أصل الصلاة بأصلها لا القدر بالقدر ، كقوله تعالى كتب عليكم الصيام كما كتب الآية [ البقرة : 183 ] .

ويحتمل أن التشبيه وقع في الصلاة على الآل لا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيكون وعلى آل محمد متصلا بما بعده ، ويقدر له ما يتعلق به ، والأول مقطوع عن التشبيه ، وفيهما نظر ، ويحتمل - وهو أحسنها - أن المشبه الصلاة على النبي وآله بالصلاة على إبراهيم وآله ، فتقابلت الجملتان ، وتعذر أن يكون لآل الرسول ما لآل إبراهيم الذين هم الأنبياء ، فكان ما يوفر من ذلك حاصلا للرسول - صلى الله عليه وسلم - والذي يحصل من ذلك الرحمة ، والرضوان ، ومن كانت في حقه أكثر كان أفضل .

الثانية : السنة تقديم التشهد على الصلاة ، فإن لم يفعل من غير تغيير المعنى ، والإخلال بشيء من الواجبات ، فالأصح عدم الإجزاء ، وكذا لو أبدل آل بأهل ، وقال القاضي : يجزئه .

[ ص: 467 ] الثالثة : كان يلزمه عليه السلام أن يقول في تشهده : وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اللهم صل على محمد إلى آخره ، والشهادتين في الأذان ، ذكره ابن عقيل ، وفيه وجه ذكره ابن حمدان .

الرابعة : لا تجب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - خارج الصلاة ، وقيل : بلى ، اختاره أبو جعفر الطحاوي ، وأبو عبد الله الحليمي ، واللخمي ، وأبو عبد الله بن بطة ، والقائلون به قيل : يجب في العمر مرة واحدة ، وقيل : كلما ذكر ، ودليله ظاهر ، وله الصلاة على غيره منفردا ، نص عليه ، وكرهها جماعة ، وحرمها آخرون ، وقاله الشيخ تقي الدين مع الشعار .

الخامسة : آل محمد عليه السلام : أتباعه على دينه ، ذكره القاضي لقوله تعالى ( آل فرعون ) يعني أتباعه على دينه ، وقيل : كل تقي للخبر ، رواه تمام في " فوائده " وقيل : أزواجه ، ومن آمن به من عشيرته ، وقيل : هم بنو هاشم المؤمنون ، ونص أحمد على أنهم أهل بيته ، فمنهم بنو هاشم ، وفي بني المطلب روايتا زكاة ، وأفضل أهل بيته علي ، وفاطمة ، وحسن ، وحسين ، وظاهر كلامه في موضع أن حمزة أفضل من حسن وحسين .

التالي السابق


الخدمات العلمية