صفحة جزء
ثم يسلم عن يمينه : السلام عليكم ورحمة الله ، وعن يساره كذلك ، فإن لم يقل : ورحمة الله لم يجزئه ، وقال القاضي : يجزئه . ونص عليه أحمد في صلاة الجنازة ، وينوي بسلامه الخروج من الصلاة ، فإن لم ينو جاز ، وقال ابن حامد : تبطل صلاته ، وإن كان في مغرب أو رباعية نهض مبكرا إذا فرغ من التشهد . وصلى الثالثة والرابعة مثل الثانية إلا أنه لا يجهر ، ولا يقرأ شيئا بعد الفاتحة ،


( ثم يسلم ) وهو جالس بلا نزاع ، وأنه تحليلها ، وهو منها لقوله : وتحليلها التسليم وليس لها تحليل سواه ( عن يمينه ) فيقول مطلقا ، لأنه أحد طرفيها ، فاشترط له كالأول ( السلام عليكم ورحمة الله ، وعن يساره كذلك ) روي ذلك عن أبي بكر ، وعمر ، وعلي ، وعمار ، وابن مسعود لقول ابن مسعود : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم عن يمينه ، وعن يساره ، السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله ، حتى يرى بياض خده رواه أبو داود ، والنسائي ، والترمذي ، وقال حسن صحيح ، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم ، وأصح الروايات عنه عليه السلام أنها تسليمتان ، فعن سعد قال : كنت أرى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسلم عن يمينه ويساره حتى يرى [ ص: 470 ] بياض خده رواه مسلم ، ويسن التفاته فيهما ، قال أحمد : ثبت عندنا من غير وجه أنه كان عليه السلام يسلم عن يمينه ، وعن يساره حتى يرى بياض خده ، ويكون التفاته في الثانية أكثر ، قال المؤلف : لفعله عليه السلام ، رواه ابن صاعد ، وذكر ابن عقيل وابن الجوزي ، والسامري أنه يبتدئ بقوله السلام عليكم إلى القبلة ، ثم يلتفت عن يمينه ويساره في قوله : ورحمة الله جمعا بين الأحاديث ، ويجهر بالأولى ، ويسر الثانية ، نص عليه ، لتقدمها أو لحصول التحلل بها ، واختار ابن حامد ، وقدمه في " الرعاية " خلافها ، لئلا يسابقه المأموم في السلام ، أو في القيام للقضاء إن كان مسبوقا ، وظاهر كلام جماعة أنه يجهر ، وبالأولى أكثر ، وقيل : يسرهما كمأموم ، قال في " المذهب " : ومنفرد ، ويستحب حذفه ، ويجزمه ، ولا يعربه .

فرع : إذا نكس السلام مطلقا لم يجزئه ، وقيل : بلى ، وبعده المؤلف فإن نكره ، فأوجه ثالثها : يجزئ مع التنوين لإقامته مقام الألف واللام ، وقيل : تنكيره أفضل ، وفيه ضعف ( فإن لم يقل : ورحمة الله لم يجزئه ) اختاره أبو طالب ، وابن عقيل وصححه ، وقدمه في " المستوعب " و " الرعاية " لأنه عليه السلام كان يقوله ، وهو سلام في صلاة فيرد مقرونا بالرحمة ، فلم يجزئه بدونها ، كالسلام في التشهد ، فعلى هذا هي ركن ، وصححه في المذهب ( وقال القاضي : يجزئه ) قال : وهو ظاهر كلام أحمد لقوله : وتحليلها التسليم وهو حاصل بدون ذكر الرحمة ، وجعله في شرح " المحرر " دليلا للأول ، وحمله على السلام المعهود ، وفيه نظر ، وعن علي : أنه كان يسلم عن يمينه ، وعن يساره السلام عليكم ، السلام عليكم . رواه سعيد في " سننه " ولأن ذكر الرحمة تكرير للثناء ، فعلى هذا [ ص: 471 ] هي سنة ( ونص عليه أحمد في صلاة الجنازة ) من حيث إنها صلاة مفروضة ، واقتصر فيها على السلام من غير ذكر الرحمة ، لكن الفرق ظاهر ، وفي " التلخيص " و " المحرر " في وجوبها روايتان .

تتمة : إذا زاد : وبركاته فلا بأس لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه أبو داود من حديث وائل ، وتركها أفضل ( وينوي بسلامه الخروج من الصلاة ) هذا الأولى لتكون النية شاملة لطرفي الصلاة ( فإن لم ينو جاز ) نص عليه ، وقدمه ابن تميم والجد ، وجزم به في " الوجيز " ونصره في " الشرح " لأن نية الصلاة قد شملت جميعها ، والسلام من جملتها ، فاكتفي فيه بالنية المستصحب حكمها ، وكتكبيرة الإحرام ، ولأنها عبادة فلم تجب النية للخروج منها كسائر العبادات ( وقال ابن حامد : تبطل صلاته ) هو رواية عن أحمد ، وصححه في المذهب ، واقتصر عليه ابن هبيرة ، لأنه أحد طرفي الصلاة ، فوجبت فيه النية كالطرف الأول ، فعلى هذا هي ركن ، وقيل : إن سها عنها سجد للسهو ، فإن نوى الخروج منها مع الحفظة ، والإمام ، والمأموم جاز ، نص عليه ، لما روى سمرة بن جندب قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نرد على الإمام ، وأن يسلم بعضنا على بعض رواه أبو داود ، وإسناده ثقات ، وقيل : تبطل للتشريك ، وقيل : يستحب ، وقال أبو حفص : السنة أن ينوي بالأولى الخروج ، وبالثانية على الحفظة ومن معه إن كان في جماعة ، وإن نوى بسلامه الحاضرين ، ولم ينو الخروج ، فقال ابن حامد : تبطل وجها واحدا لتمحضه خطاب آدمي ، والأشهر يجوز ، وعنه : لا يترك السلام على إمامه ، وإن وجبت الثانية اعتبر الخروج منها ( وإن كان في مغرب أو رباعية نهض مكبرا إذا فرغ من [ ص: 472 ] التشهد ) كنهوضه من السجود قائما على صدور قدميه كما تقدم ، وظاهره أنه لا يرفع يديه ، وحكاه بعضهم وفاقا ، وعنه : بلى ، اختاره المجد ، وحفيده ، وهي أظهر ، وقد صححه أحمد ، وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الخطابي : وهو قول جماعة من أهل الحديث ( وصلى الثالثة ، والرابعة مثل الثانية ) لقوله : ثم افعل ذلك في صلاتك كلها واقتضى كلامه مساواة الثالثة للرابعة في عدم التطويل ، لأنها مثلها ( إلا أنه لا يجهر ) فيهما بغير خلاف نعلمه ( ولا يقرأ شيئا بعد الفاتحة ) في قول أكثر أهل العلم ، قال ابن سيرين : لا أعلمهم يختلفون فيه لحديث أبي قتادة : أنه كان عليه السلام يقرأ في الركعتين الأخريين بأم الكتاب وكتب عمر إلى شريح يأمره بذلك ، ويستثنى الإمام في صلاة الخوف إذا قلنا : ينتظر الطائفة الثانية في الركعة الثالثة فيقرأ سورة معها ، وعنه : يستحب لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه مسلم من حديث أبي سعيد ، وظاهر كلامهم لا فرق بين الفرض ، والنفل .

التالي السابق


الخدمات العلمية