صفحة جزء
وله رد المار بين يديه ، وعد الآي ، والتسبيح ، وقتل الحية والعقرب والقملة ، ولبس الثوب والعمامة ، ما لم يطل ، فإن طال الفعل في الصلاة ، أبطلها عمدا كان أو سهوا ، إلا أن يفعله متفرقا .


( و يستحب ( له رد المار بين يديه ) كذا في " المحرر " و " الوجيز " و " الفروع " وهو قول أكثر العلماء لما روى أبو سعيد قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس ، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه ، فليدفعه ، فإن أبى فليقاتله ، فإنما هو شيطان متفق عليه ، وعن ابن عمر مرفوعا : إذا كان أحدكم يصلي ، فلا يدعن أحدا يمر بين يديه ، فإن أبى فليقاتله ، فإن معه القرين رواه مسلم ، وعنه : يجب رده آدميا كان أو غيره للفرض والنفل في ظاهر الأخبار ، وعنه : يختص بالفرض ، وظاهر كلامهم سواء كان بين يديه سترة فمر دونها ، أو لم تكن ، فمر قريبا منه ، وقيل : قدر خطوتين بحيث لو مشى ورده لم تبطل ، وصرح به في " الكافي " لأنه موضع سجوده ، أشبه من نصب سترة [ ص: 482 ] ولأن المراد بنصبها الإعلام بأنه في الصلاة ، وفي الدفع إعلام صريح ، وقيل : هو مختص بمن بين يديه سترة إذا مر دونها ، وهو ظاهر " الرعاية " وغيرها ، والنص شاهد له ، وهذا ما لم يغلبه ، أو يكن محتاجا ، بأن كان الطريق ضيقا ، ويتعين طريقا . وتكره الصلاة هناك ذكره في " المذهب " ولا يحرم ، أو في مكة المشرفة في رواية ، قدمها ابن تميم ، لأنه عليه السلام صلى بمكة ، والناس يمرون بين يديه ، وليس بينهما سترة رواه أحمد ، وغيره ، وألحق في " المغني " الحرم بمكة ، وظاهره لا فرق بين مكة ، وغيرها ، وقدمه في " الرعاية " وأطلق في " الفروع " الخلاف ، فإن تركه نقصت صلاته ، نص عليه ، وحمله القاضي إن تركه قادرا ، فإن أبى دفعه ، فإن أصر فله قتاله على الأصح ، ولو مشى فإن خاف فسادها لم يكرر دفعه ، ويضمنه على الأصح فيهما ، والمذهب يحرم مروره بين مصل وسترته ، وظاهره ولو بعد منها ، لما روى أبو جهيم عبد الله بن الحارث بن الصمة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه ، لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه ، قال أبو النضر أحد رواته : لا أدري أقال أربعين يوما أو شهرا أو سنة ؛ متفق عليه ، وكذا يحرم بين يديه قريبا منها إذا لم يكن سترة في الأصح ، وهو ثلاثة أذرع ، وقيل : العرف لا موضع سجوده ، وفي " الفصول " و " الترغيب " يكره ، وقيل : النهي مختص بما بينه وبين سترته ، وحكى ابن حزم الاتفاق على إثمه في هذه الصورة .

فرع : للمصلي دفع العدو من سيل أو سبع أو سقوط جدار ، ونحوه ، وإن كثر لم تبطل في الأشهر ( و ) له ( عد الآي ) زاد ابن تميم والجد : بأصابعه ، [ ص: 483 ] لما روى أنس قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يعقد الآي بأصابعه رواه محمد بن خلف ، وكتكبيرات العيد ( والتسبيح ) لأنه في معنى عد الآي ، قاله أبو بكر ، وصححه ابن أبي موسى ، وقدمه السامري ، وجزم به في " المحرر " ونص أحمد أنه يكره ، لأن المنقول عن السلف عد الآي دون التسبيح ، لأنه يتوالى لقصره فتتوالى حسناته ، فيكثر العمل ، بخلاف عد الآي ، وأطلق ابن الجوزي والجد الخلاف ( وقتل الحية ، والعقرب ) في قول أكثرهم لما روى أبو هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الأسودين في الصلاة الحية ، والعقرب رواه الخمسة ، وصححه الترمذي ، وكرهه النخعي ، والأول أولى ( والقملة ) لأن عمر ، وأنسا ، والحسن البصري كانوا يفعلونه ، ولأن في تركها أذى له إن تركها على جسده ، ولغيره إن ألقاها ، وهو عمل يسير ، فلم يكره ، وعنه : بلى ، وقال القاضي التغافل عنها أولى ، وفي جواز دفنها في مسجد وجهان ، وظاهره أنه مباح قتلها فيه ، وهو المنصوص ، وعليه أن يخرجها أو يدفنها قيل للقاضي : يكره قتلها ، ودفنها فيه كالنخامة فقال دفن النخامة ؛ فقال : دفن النخامة كفارة لها ، وإذا دفنها كأنه لم يتنخم ، فكذا القملة ، وفيه نظر ، لأن أعماقه تجب صيانته عن النجاسة كظاهره بخلافها ، وفي معناه البرغوث ، نقل المروذي أنه سئل عن قتل القملة ، والبرغوث في المسجد ؛ فقال : أرجو أن لا يكون به بأس .

فائدة : له حك جسده يسيرا ، وقيل : ضرورة ، ويجب رد كافر عصم دمه عن بئر في الأصح ، كمسلم ، فيقطع ، وقيل : يتم ، وكذا إن فر منه غريمه يخرج في طلبه ، كإنقاذ غريق ( ولبس الثوب ) ( و ) لف ( العمامة ) لما روى وائل بن حجر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - التحف بإزاره ، وهو في الصلاة ، وكذا إن سقط رداؤه فله رفعه [ ص: 484 ] ولأنه عمل يسير أشبه حمل أمامة ، وفتح الباب لعائشة ( ما لم يطل ) راجع إلى قوله : وله رد المارة إلى آخره ، لأنه قد صح عنه جواز أكثر هذه الأفعال ( فإن طال ) أي : كثر ( الفعل ) عرفا بلا ضرورة ، وقيل : ثلاثا ، وقيل : ما ظن فاعله لا في صلاة ( في الصلاة ) متواليا ( أبطلها ) إجماعا ( عمدا كان أو سهوا ) إذا كان من غير جنس الصلاة ، لأنه يقطع الموالاة ، ويمنع متابعة الأذكار ، ويذهب الخشوع فيها ، ويغلب على الظن أنه ليس منها ، وكل ذلك مناف لها ، أشبه ما لو قطعها ، فإن كان لضرورة لم يقطعها ، وكان حكمه حكم الخائف ، جزم به في " الشرح " وغيره ، وعلم منه أنه لا فرق بين العمد والسهو ، كما جزم به الأصحاب لوجود المبطل ، وعنه : لا تبطل بالسهو ، اختاره المجد ، وعلى الأول : يحتاج إلى الفرق بين الأقوال والأفعال ، لأنه إذا تكلم ساهيا فيه الخلاف ، بخلاف الفعل إذ القول أخف من الفعل ، بدليل أنها تبطل بتكرار السجود دون تكرار الفاتحة ، إلا أن يفعله متفرقا فلا تبطل به ، ولو طال المجموع لا كل عمل منها ، لأنه عليه السلام أم الناس في المسجد ، فكان إذا قام حمل أمامة بنت زينب ، وإذا سجد وضعها رواه مسلم ، وللبخاري نحوه وصلى عليه السلام على المنبر ، وتكرره صعوده ، ونزوله عنه متفق عليه ، وأخذ الحسن ، والحسين في كل الركعات متفرقا ، وقيل : تبطل به ذكره ابن تميم .

فرع : إشارة أخرس مفهومة أو لا ، كفعل ، ولا تبطل بعمل القلب في ظاهر المذهب ، ولا بإطالة نظر في كتاب في الأصح .

التالي السابق


الخدمات العلمية