صفحة جزء
[ ص: 494 ] فصل

أركان الصلاة اثنا عشر : القيام ، وتكبيرة الإحرام ، وقراءة الفاتحة ، والركوع ، والاعتدال عنه ، والسجود ، والجلوس بين السجدتين ، والطمأنينة في هذه الأفعال ، والتشهد الأخير والجلوس له ، والتسليمة الأولى ، والترتيب ، ومن ترك شيئا منها عمدا بطلت صلاته .


فصل

( أركان الصلاة ) : جمع ركن ، وهو جانب الشيء الأقوى ، وهو ما كان فيها ، ولا يسقط عمدا ، ولا سهوا ، وسماها بعضهم فروضا ، وهو لفظي ( اثنا عشر ) كذا في " الوجيز " وغيره ، وجعلها في " البلغة " عشرة ، وعد منها النية ، لأن المشروع فيها قسمان : واجب ، ومسنون ، والأول : قسمان : ما لا يسقط مطلقا ، وهي الأركان ( القيام ) لقوله تعالى وقوموا لله قانتين [ البقرة : 228 ] ولحديث عمران : صل قائما ومحله في الفرض لقادر ، وهو قدر التحريمة ، لأن المسبوق يدرك به فرض القيام ، ذكره في " الخلاف " وغيره ميل رأسه قال أبو المعالي ، وغيره ، وحده ما لم يصر راكعا ، ويستثنى منه العريان ، والخائف ، ولمداواة ، وقصر سقف لعاجز عن الخروج ، ومأموم خلف إمام الحي العاجز عنه بشرطه ، فإن قام على رجل لم يجزئه ، ذكره في المذهب ، وظاهر كلامهم يخالفه ، ونقل ابن بشر : لا أدري ( وتكبيرة الإحرام ) لحديث علي تحريمها التكبير ( وقراءة الفاتحة ) أي : في حق الإمام ، والمنفرد ، ويتحملها إمام عن مأموم ، وكذا بدلها ( والركوع ) إجماعا ، وسنده قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اركعوا [ الحج : 77 ] ، وحديث المسيء في صلاته ، وهو ما رواه أبو هريرة : أن رجلا دخل المسجد فصلى ، ثم جاء فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرد عليه ، ثم قال : ارجع فصل فإنك لم تصل فعل ذلك ثلاثا ، ثم قال : والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني ، فقال : إذا قمت إلى الصلاة فكبر ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ، ثم اركع حتى تطمئن راكعا ، ثم ارفع حتى تعتدل قائما ، [ ص: 495 ] ثم اسجد حتى تطمئن جالسا ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها رواه الجماعة ، ولمسلم ، وعزاه عبد الحق إلى البخاري : إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ، ثم استقبل القبلة ، فكبر فدل على أن المسماة في الحديث لا يسقط بحال ، فإنها لو سقطت لسقطت عن الأعرابي لجهله بها ( والاعتدال عنه ) لأنه عليه السلام داوم على فعله ، وقال : صلوا كما رأيتموني أصلي فلو طوله لم تبطل ، قال الحسن بن محمد الأنماطي : رأيت أبا عبد الله يطيل الاعتدال والجلوس بين السجدتين لحديث البراء ، متفق عليه ( والسجود ) إجماعا ( والجلوس بين السجدتين ) لما روت عائشة قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رفع رأسه من السجود لم يسجد حتى يستوي قاعدا رواه مسلم ( والطمأنينة في هذه الأفعال ) لما سبق ، ولحديث حذيفة أنه رأى رجلا لا يتم ركوعه ولا سجوده ، فقال له : ما صليت ، ولو مت ، مت على غير الفطرة التي فطر الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - رواه البخاري ، وظاهره أنها ركن واحد في الكل ، لأنه يعم القيام ، وهي السكون ، وإن قل ، قدمه ابن تميم والجد في فروعه ، وقيل : بقدر الواجب ، وحكاه ابن هبيرة عن أكثر العلماء ، وقيل : بقدر ظنه أن مأمومه الضعيف ، وثقيل اللسان أتى بما يلزمه ( والتشهد الأخير ، والجلوس له ) هذا هو المذهب ، وهو قول عمر ، وابنه ، وأبي سعيد البدري لقوله : إذا قعد أحدكم في صلاته فليقل التحيات لله الخبر متفق عليه ، وعن ابن مسعود قال : كنا نقول قبل أن يفرض التشهد : السلام على الله ، السلام على جبريل وميكائيل ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا تقولوا هكذا ، ولكن قولوا : التحيات لله . . . . ذكره . رواه النسائي ، وإسناده ثقات ، والدارقطني ، وقال : إسناد صحيح ، وقال عمر : لا تجزئ صلاة إلا بتشهد . رواه سعيد ، والبخاري في تاريخه ، والركن منه : اللهم صل على [ ص: 496 ] محمد مع ما يجزئ من التشهد الأول : وعنه : واجب يسقط بالسهو ، وهو غريب ، وعنه : سنة ، وقال أبو الحسين : لا يختلف قوله : إن الجلوس فرض ، واختلف قوله في الذكر فيه ، وهو معنى ما حكاه ابن هبيرة عن أحمد ( والتسليمة الأولى ) لقوله : وتحليلها التسليم وقالت عائشة : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يختم صلاته بالتسليم ، وثبت ذلك عنه من غير وجه ، ولأنها نطق مشروع في أحد طرفيها ، فكان ركنا كالطرف الآخر ( والترتيب ) أي : بين الأركان ، لأنه عليه السلام كان يصليها مرتبة ، وعلمها للمسيء في صلاته مرتبا بثم ، ولأنها عبادة تبطل بالحدث ، فكان الترتيب ركنا فيها كغيرها .

( ومن ترك منها شيئا عمدا بطلت صلاته ) لأنه عليه السلام نفى الصلاة مع الجهل ، وأمره بالإعادة ، ولم يجعله عذرا ، وإذا انتفى مع الجهل ، فمع العمد أولى ، وتركه سهوا يأتي .

التالي السابق


الخدمات العلمية